نسف الجسور السورية ـ السعودية… والإيرانية التركية ظريف يدعو الرياض لعدم تعطيل تفاهمات اللبنانيين
كتب المحرر السياسي:
الرهانات التركية والسعودية على أوهام التصعيد أدّت إلى زوال مناخات الإنفراجات التي خيّمت على الأجواء الشهر الماضي مع توقيع التفاهم النووي بين دول الخمسة زائداً واحداً وإيران، فقد شهدت العلاقات التركية الإيرانية تطوراً سلبياً كبيراً عبّر عن نسف جسور التقارب بين الحكومتين مع إلغاء وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف زيارة أنقرة، رداً على التصعيد التركي في شمال غربي سورية، وتحديداً في سهل الغاب، بالتزامن مع تسويق حركة «أحرار الشام» للوصل إلى تقديمها بديلاً لخسارة الأتراك لـ«جبهة النصرة»، بينما تزامن تصعيد جماعة تركيا عسكرياً في سورية مع تصعيد رجل السعودية زهران علوش بقصف دمشق كصدى لترجمة كلام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير من موسكو، بينما كان وزير الإعلام السوري ينفي كلّ ما نشر عن لقاءات سورية سعودية، مستأنفاً لغة المواجهة مع السعودية رداً على كلام الجبير، بعدما امتنعت سورية عن هذا المستوى من التصعيد قرابة الشهر، إفساحاً في المجال، كما قرأ المسؤولون الروس، لإنجاح مبادرة الرئيس فلاديمير بوتين.
على خلفية هذا التصعيد كانت زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت وبعدها إلى دمشق، فرصة لترتيب أوراق المواجهة في سورية، على ضوء مناخات التصعيد الجديدة، بينما دعا ظريف من بيروت السعودية إلى عدم تعطيل الفرص أمام اللبنانيين كي يتوصلوا إلى التفاهم الوطني.
اللبنانيون لا يبدو أنهم قادرون على التوصل إلى هذا التفاهم، وخير دليل ما تشهده حكومتهم من تجاذبات وخلافات تجعلها تترنّح على حافة السقوط، بينما تفاعلات قضيتي التعيينات والنفايات لا تزال تلقي بثقلها على الجوّ المتوقع لجلسة اليوم للحكومة.
جدول أعمال الحكومة من جهة واقتراح قانون سنّ التقاعد الذي يشتغل عليه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من جهة مقابلة، وبينهما مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب تبدو عناوين لسلة تفاهمات واردة، أو سلة المتفجرات التي يمكن أن تنسف الحكومة، وفقاً لما أراد أن يقوله التيار الوطني الحر، في يوم شهد تظاهرات وصفها منظموها بأنها بروفة لما سيحصل إذا استمرّ التجاهل.
الوطني الحر يضع جدول أعمال لجلسة مجلس الوزراء
على وقع خبطة أقدام الشارع العوني، بعد قرار تأجيل تسريح المسؤولين الأمنيين، يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة للبحث في جدول الأعمال الذي وضعه رئيس الحكومة للجلسات السابقة في موازاة جدول أعمال أعدّه التيار الوطني الحر سيحمله وزير الخارجية جبران باسيل إلى السراي.
وكان التيار الوطني بدأ أمس تحرّكه العملي للمطالبة بحقوق المسيحيين ورفض التهميش. وانطلقت المواكب السيارة والشعبية من مختلف المناطق اللبنانية باتجاه ساحة الشهداء.
وأكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن التحرك كان بمثابة «بروفا» للمرحلة المقبلة، لافتة إلى أن «الخطوة التالية للتحرك متوقفة على مدى تفهم الشريك الآخر لرسالة اليوم، لأن دافع التحرك هو تصرفات هذا الفريق التي دمرت معالم الدولة وحولتها إلى مزرعة، فنسبة الجريمة والخطف في ارتفاع وأزمة النفايات مستفحلة، والتمديد للقادة الأمنيين بلغ ذروته فضلاً عن السرقات والفساد».
وشددت المصادر على «أن التيار ذاهب إلى أقصى الحدود في التحركات في إطار الأسلحة السلمية والديمقراطية التي هي موجودة دائماً وكثيرة ومنها العصيان المدني». ورأت أن «وزيري التيار لن يستقيلا من الحكومة لكي لا يفسحا المجال للفريق الآخر بالتصرف على هواه والتمادي في مصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية، لن نقبل بعد الآن إلا بقائد جيش قوي ورئيس قوي يمثل المسيحيين لا رئيس يمثل تيار المستقبل»، مشيرة إلى «أن الحوار مع تيار المستقبل لو حصل لن يكون إلا ضمن شروط نضعها نحن واتفاق مكتوب».
التظاهر اليوم ينتظر سلام
وأوضحت «أن ما حدث اليوم أمس استنفار قواعد وجماهير التيار، على رغم العرقلة التي حصلت من القوى الأمنية على الطرقات وإعاقة المناصرين من الوصول إلى ساحة الشهداء».
وإذ أشارت المصادر إلى «أن مسعى اللواء عباس إبراهيم لم يصل إلى حائط مسدود وأن العمل لا يزال جارياً مع جميع الأطراف بعيداً عن الإعلام»، حذرت من «أن أي قرار سيتخذ في جلسة اليوم يتجاوز وزراء التيار سيتحمل مسؤوليته رئيس الحكومة ويعتبر خطوة ضد الشريك المسيحي، فالأمور متجهة إلى التأزم داخل الحكومة إذا لم يتم تفهم مطالب التيار ولم تقرأ رسالة التحرك جيداً من قبل المعنيين»، ولفتت المصادر إلى أن التظاهر اليوم أمام السراي متوقف على ما سيصدر من سلام في بداية الجلسة، مع تأكيدها أن «حزب الله يقف إلى جانب التيار في مجلس الوزراء ومتعاطف ومؤيد لتحركاته في الشارع».
وأبدت المصادر استياءها من استقبال البطريرك الماروني بشارة الراعي لوزير الدفاع الوطني سمير مقبل، ورأت في اللقاء محاولة لاستفزاز للعماد عون.
وتمنى وزير التربية الياس بوصعب «أن نصل إلى حل إيجابي في مجلس الوزراء اليوم وأن يحترموننا كمكون أساسي في الحكومة».
الحكومة إلى هيئة حوار وطني!
في المقابل، قال وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» «إن تحركات التيار الوطني الحر تعطي حيوية وديمقراطية، إن كان في الشارع أو داخل جلسة مجلس الوزراء»، واستبعد قزي أن «يكرر الوزير جبران باسيل ما فعله في الجلسة السابقة بحق الرئيس سلام»، معتبراً أن «التهجم شيء والنقاش الحاد داخل الجلسة شيء آخر».
وشدد قزي على ضرورة الانتقال إلى تفعيل العمل الحكومي وبحث القضايا الداهمة والمتعلقة بمصالح المواطنين ومناقشة بنود جدول الأعمال، واستغرب «أن تنعقد جلسة بلا جدول أعمال»، داعياً إلى «إحياء هذا الجدول وإلا تحولت الحكومة إلى هيئة حوار وطني».
وإذ لفت قزي إلى أنه في حال طرح وزراء التيار الوطني الحر ملف التمديد للقادة الأمنيين سيرد وزير الدفاع على هذا الموضوع، نافياً «إمكانية بحث فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي في جلسة اليوم».
وأضاف قزي: «كحزب كتائب نرفض أن يتحول المجلس النيابي في ظل الفراغ الرئاسي إلى هيئة تشريعية بل يعتبر الآن هيئة انتخاب وموقنا هذا من منطلق دستوري لا علاقة له في السياسة».
وإذ دعا قزي إلى اتخاذ موقفٍ حاسم من ملف النفايات، أكد «أن وزراء الكتائب سيطرحون الموضوع بصوت عال لأنه إذا لم يتصدى المجلس لأزمة النفايات فلا قيمة لهذه الجلسة».
جلسة انتخاب الرئيس إلى 2 أيلول
وبالتزامن مع الجلسة السابعة العشرين أمس لانتخاب الرئيس والتي أرجأها رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الثاني من أيلول المقبل، كان البارز أمس تأكيد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قبيل مغادرته لبنان إلى سورية أن إيران لا تتدخل في الشؤون الداخلية في لبنان ولا نعتقد أن الساحة اللبنانية يجب أن تكون ساحة للتلاعب من قبل الدول الأخرى، ونتوقع من اللاعبين السعوديين الآخرين ألا يعرقلوا الوصول إلى نتيجة بل أن يسهلوا هذا الأمر.» وشدد على «أن معالجة الملف النووي وفرت الأرضية الصالحة لمزيد من التعاون بين دول المنطقة».
ظريف: لن نتدخل في الملف الرئاسي
وعلمت «البناء» أن ظريف عرض في لقاءاته كيفية الاستفادة من مفاعيل الاتفاق النووي لمصلحة لبنان على الصعيدين الاقتصادي والتجاري لا سيما في القطاعات التي تعاني من مشاكل كقطاع الكهرباء.
وشدد على أهمية انفتاح السوق الاقتصادية بين البلدين، وجرى التأكيد بين ظريف ووزير الدفاع سمير مقبل على أن موعد الهبة الإيرانية للجيش مرتبط برفع العقوبات عن طهران الذي لن يتجاوز مدة الشهر. ولاقت الدعوة الإيرانية ترحيباً من المسؤولين اللبنانيين باعتبار أن التعاون فرصة للاستفادة من التجارب والخبرات الإيرانية. وأكد ظريف ضرورة مواجهة الإرهاب، مبدياً الاستعداد لدعم الاستقرار في لبنان ومساعدته بشتى الطرق.
وفي الاستحقاق الرئاسي قال ظريف: «إن إيران جاهزة للمساعدة في إرساء الحوار وتعزيز الوفاق بين اللبنانيين باستثناء التدخل في الملف الرئاسي»، لافتاً إلى «أنه بالإمكان حل هذه المعضلة عبر الحوار».
وأكد رئيس مجلس النواب بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» أنّ «السياسة الإيرانية عاقلة ومنفتحة وسعت منذ فترات طويلة إلى ترتيب وضع المنطقة، إلا أنّ التداعيات التي حصلت على مستوى المنطقة عقدت الموقف بين طهران والرياض، ويبدو أنّ ترتيب الملف اليمني مدخل لا بدّ منه لترتيب الملفات الأخرى في الحسابات السعودية». وأشار إلى «أن إيران ملتزمة بعدم التدخل في الشؤون اللبنانية وملتزمة بمساعدة لبنان».
أمنياً، أوقفت قوى الجيش في منطقة عرسال المطلوب المدعو أحمد خالد الحجيري، لمحاولته إدخال مواد كيماوية إلى جرود البلدة، من الممكن استخدامها في تصنيع المتفجرات. كما أوقفت في بلدة عيترون – قضاء بنت جبيل، السوري عبد الرحمن شيخ موسى للاشتباه بانتمائه لإحدى الجماعات الإرهابية.