نقلة روسية استراتيجية في التعاون العسكري مع سورية تثير قلق واشنطن «الدوحة بدل مسقط» خلف التصعيد في لبنان وسورية استباقاً لمتغيّرات تركية
كتب المحرر السياسي
الردّ الذي ساقه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول استفسارات وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن التغيير الاستراتيجي الروسي في تسليح سورية والتواجد العسكري على أراضيها، بالقول إنّ خيار روسيا بالوقوف مع سورية في حربها ضدّ الإرهاب لا رجعة ولا تهاون فيه، وما أعقب ذلك من طلب أميركي من حكومة اليونان من منع الطائرات الروسية المتجهة إلى سورية، وما تسرّب ليلاً عن اعتذار يوناني لأنّ توتير العلاقات مع موسكو مسألة يونانية داخلية يحكمها الارتباط بكنيسة واحدة، وفي المقابل وجود بدائل روسية عدة إذا قرّرت اليونان التقييد على استخدام أجوائها، كلّ ذلك يقول وفقاً للخبراء في الشؤون الاستراتيجية أن الأمر يتخطى الإشاعات والتحليلات، وأنّ نقلة عسكرية روسية استراتيجية حدثت ويتواصل حدوثها تجاه العلاقة بسورية، تجعل ما هو قائم أقرب إلى انتشار عسكري روسي استراتيجي يشبه الانتشار الأميركي في الخليج وتركيا وأوروبا، وسورية بالنسبة إلى روسيا أكثر من قاعدة بحرية، فهي سورية الجيش المقاتل الأول في الشرق الأوسط بعد الحروب التي تمرّس في خوضها لخمس سنوات، وسورية هي اللاعب الأهمّ في المنطقة والأهمّ في العالم بموقعها الجغرافي وحدودها المشتركة ودورها المحوري في الحرب على الإرهاب والتوازنات في التحالفات، وهذه النقلة الروسية تعني أنّ روسيا تستعدّ أولاً لترجمة موقعها في الحرب على الإرهاب بمشاركة تشبه المشاركة الأميركية إلى جانب الجيش العراقي، ليكون أمامنا تدريجاً حلف يقود الحرب على الإرهاب في العراق ترعاه واشنطن وينسّق مع إيران وآخر في سورية وترعاه روسيا وينسّق مع إيران، تمهيداً للقاء الحلفين تحت قبعة الأمم المتحدة وفقاً للطرح الروسي الأساسي، لكنها تعني ثانياً أنّ روسيا صارت شريكاً كاملاً في أمن البحر الأبيض المتوسط وكلّ الدول المتشاطئة عليه، وهذا يكفي للدخول بقوة إلى أمن أوروبا وأمن شمال أفريقيا بوجود سفن الأسطول الروسي في مياه المتوسط.
الحركة الروسية الاستراتيجية قابلها ركود في حركة قوى الحرب التقليدية على سورية وارتباك في الخطوات التالية، من السعودية المستغرقة والغارقة في حربها على اليمن وحصاد الخسائر المتصاعد إلى تركيا والانتظارات القاتلة حتى موعد الانتخابات المبكرة أول تشرين الثاني المقبل، والفشل المحتوم الذي ينتظر حزب العدالة والتنمية، فأطلت قطر برأسها تقاتل لتحجز مقعداً لصناعة التسويات رأته بات في زمن الصعود الإيراني معقوداً لمسقط عاصمة سلطنة عُمان حيث تدور محادثات الحلول والتسويات للحرب على اليمن، وبوابة الدخول القطري تتنقل من السويداء السورية تفجيراً، إلى بيروت سعياً لوضع العصي في دواليب الحوار ووضع العصي في أيدي المتظاهرين يوم الأربعاء، وصبّ الزيت على النار علّ الرسالة تصل.
غداً يلتقي أهل الحوار ناقص رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الموجود عمداً في قطر لتأكيد الرسالة، فيما حلفاؤه في هرج ومرج يسود فريق الرابع عشر من آذار الذي كان تيار المستقبل الذي يتزعّمه يبدي حماسة لإنجاح الحوار، وبدأ تحت عقدة القلق على وحدة الصف يسعى إلى التشويش على فرص النجاح، فيما نقلت مصادر مقرّبة من رئيس المجلس النيابي عنه أنه سيمارس أعلى الحرص لتفادي أي تشنّجات تعيق نجاح الحوار، وسيسعى إلى امتصاص كلّ شحنات التوتر المتوقعة، لكنه عندما يتأكد أنّ لدى أحد قراراً بفرط الحوار فسوف لن يكون ملكياً أكثر من الملك «فالفشل فشل للجميع وليس فشلاً لنبيه بري شخصياً»، فهو يتصرف وفق معادلة «إنْ نجح يكون قد قدّم لبلده وأهله باب أمل في زمن اليأس والإحباط وإنْ فشل يكفيه شرف المحاولة».
طاولة الحوار واجتراح الحلول
أضيف الاختناق المناخي الذي أصاب عدداً من سكان عكار والبقاع جراء العاصفة الرملية إلى حالة الاختناق السياسي التي تضرب لبنان جراء انسداد أفق الحل بين الأفرقاء السياسيين. ويبدو أن طاولة الحوار الوطني التي تلتئم غداً بكرسي شاغرة واحدة للقوات اللبنانية، لن تنجح في اجتراح الحلول للاستحقاقات الداهمة مع إمعان المكونات السياسية في 14 آذار بفرض شروطها برفض مناقشة أي بند قبل الانتخابات الرئاسية.
وأكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش لـ«البناء» أن «ليس المهم أن يطرح كل فريق وجهات نظره من الملفات العالقة على طاولة الحوار إنما المهم أن نجد حلولاً ومخارج للأزمات».
لا إمكانية لتجاهل ترشيح عون
وأكدت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء» «أنه لم يعد هناك إمكانية لتجاهل ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية بعد التظاهرة الأخيرة التي أظهرت حجم تمثيله الكبير». وإذ لفتت المصادر إلى «أن موقف تيار المستقبل على طاولة الحوار لا يزال غير واضح، اعتبرت أن ليس بإمكانه أن يتخذ قراراً بما تقتضيه مصلحة البلد» فهو لا يزال يرهن قراراته إلى الخارج».
وينسجم هذا الموقف مع تشديد النائب نواف الموسوي في احتفال تأبيني على «أننا نريد رئيساً حقيقياً للبنان قادراً على الدفاع عن التوازن والشراكة والصيغة اللبنانية، هو بلا عبارتين بل عبارة واحدة هو الجنرال عون بوصفه الرئيس الماروني القوي».
الكتائب يحدد اليوم موقفه من الحوار
وأكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» أن حزب الكتائب «سيتخذ الموقف من المشاركة في الحوار في اجتماع المكتب السياسي اليوم»، مشيراً إلى «أن مطلبنا أن لا ينتقل البحث إلى أي بند آخر قبل الانتهاء من البحث في بند الانتخابات الرئاسية والاتفاق على رئيس للجمهورية».
وأكد عضو كتلة القوات اللبنانية النائب أنطوان زهرا لـ«البناء» أن لا انتخابات رئاسية خارج إطار الدستور، لافتاً إلى أنه لكي تصطلح الأمور يجب انتخاب رئيس للجمهورية من هذا المجلس وإطلاق عمل المؤسسات وتفعيل عمل الحكومة وإقرار قانون انتخابي جديد. ولفت إلى أن إجراء انتخابات رئاسية من الشعب من شأنه أن يجعل من نظامنا البرلماني نظاماً شبه رئاسي».
ولفتت مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ«البناء» إلى «أن نجاح الحوار مرهون ببتّ بند رئاسة الجمهورية قبل الانتقال إلى أي بند آخر»، مشيرة إلى «أن تيار المستقبل ينتظر من حزب الله على طاولة الحوار موقفاً يضع حداً لتعطيله الانتخابات الرئاسية بإيعاز إيراني». ولفتت المصادر إلى «أننا لن نقبل بإقرار قانون انتخابي في غياب رئيس الجمهورية، ولن نسمح بتمرير بند القانون الانتخابي قبل الاتفاق على الانتخابات الرئاسية».
وتترافق جلسة الحوار مع التحرك الشعبي الذي تنفذه حملة «طلعت ريحتكم» في نفس المكان والزمان.
ولهذه الغاية عقد مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص اجتماعاً بحضور كبار الضباط لمناسبة التظاهرة. وشدد على ضرورة التحلي بالانضباط وحماية المتظاهرين وحفظ الأمن والنظام. وأكدت مصادر أمنية «أن محيط المجلس النيابي سيشهد إجراءات وتدابير أمنية مشددة».
«بدنا نحاسب» إلى كهرباء لبنان
وأكدت اللجنة الوزارية المكلفة معالجة ملف النفايات «أن المواقع المفترضة التي تداولها بعض وسائل الإعلام لمعالجة وطمر النفايات خلال المرحلة المقبلة ليست بالضرورة هي تلك المقترحة من قبلها». وترافق ذلك مع إعداد وزير المال علي حسن خليل بتوجيه من الرئيسين بري وسلام المراسيم اللازمة لتسليم مستحقات البلديات من أموال الخليوي حتى تتمكن من مواجهة ومعالجة أزمة النفايات.
إلى ذلك، تنفذ حملة «بدنا نحاسب» وقفة احتجاجية أمام شركة الكهرباء في الساعة السادسة من مساء اليوم. واعتبرت الحملة، في بيان، أن استعراض ملفات الفساد يبيِّن أن النظام الطائفي شكّل مظلة وغطاء لجميع المفسدين. كما دعت الحملة لقانون انتخابي نسبي خارج القيد الطائفي.
من ناحية أخرى، زار رئيس حزب القوات سمير جعجع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في حضور وزير الخارجية خالد العطية. وتناول البحث الأوضاع في لبنان والمنطقة، حيث توافق الطرفان على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية في أقرب وقت ممكن بعد التأخير المتمادي.
وأكدت مصادر قواتية لـ«البناء» «أن الزيارة لا علاقة لها باليوميات اللبنانية الأخيرة التي تتهم قطر بما يجري من تحريك الشارع في لبنان وتمويل المتظاهرين»، مشيرة إلى «أن قطر دولة صغيرة، لكن حجمها الإقليمي والدولي كبير وتربطها علاقات جيدة مع الدول الغربية، ونحن حريصون على أفضل العلاقات معها». وأشارت المصادر إلى أن الموقف القطري تبدل من قضية الإرهاب، ودخلت الدوحة في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، والزيارة تأتي انطلاقاً من سياسة الاعتدال التي تنتهجها في الشرق الأوسط».
هولاند إلى بيروت في نهاية أيلول
في سياق آخر، وفي إطار المواقف الأوروبية المطالبة بإيجاد آلية للتعاطي مع أزمة اللاجئين، يزور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «مخيماً للاجئين» في لبنان بعد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حيث سيعقد مؤتمر دولي حول النازحين السوريين. وقال هولاند في مؤتمر صحافي أمس إن زيارته هدفها مساعدة النازحين كي يستطيعوا البقاء هناك بالقرب من المكان الذي كانوا يعيشون فيه قبل أشهر.
عبوة ناسفة على طريق تعنايل بر الياس
إلى ذلك، قدم رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان واجب التعزية بالشيخ أبو فهد وحيد البلعوس، كما شدد في اتصال هاتفي بعائلة الشيخ «على ضرورة وحدة الصف والتمسّك بالثوابت القومية والوطنية التي عوّدنا عليها أبناء معروف في جبل العرب جبل سلطان باشا الأطرش».
من ناحية أخرى، فكك الجيش اللبناني عبوة ناسفة على طريق عام تعنايل – بر الياس، بعد إبلاغه عن وجود جسم مشبوه على الطريق المذكور، وتبين أن العبوة عبارة عن أصابع ديناميت مجهزة بسلك كهربائي ومعدة للتفجير كانت موضوعة داخل صندوق. وأوقفت دورية من شعبة المعلومات في مركز البترون والكورة المدعو عبد الرحمن علي معرباني، مواليد باب التبانة 1991 وهو مطلوب ببلاغ بحث وتحر لانتمائه إلى تنظيم «داعش».