الحوار: تجاذبات السنيورة ورعد… وفرنجية: الطائف لا يرشح موظفاً حردان: من يملك الأكثر يعطي أكثر… على «المستقبل» المبادرة وتقديم تنازلات
كتب المحرر السياسي
مواجهات من نوع جديد شهدتها ساحتا الشهداء ورياض الصلح وأطراف ساحة النجمة يوم أمس، بعدما تتالت الشتائم التي استهدفت رئيس مجلس النواب نبيه بري من بعض الناشطين، واستدرجت شباباً متحمّسين للدفاع عن الرئيس بري، لتشكل القوى الأمنية الطرف الثالث في مواجهات تواصلت على موجات من الصباح حتى المساء، وصف وزير الداخلية ما شهدته بمحاولة استسقاء الدم التي يسعى إليها بعض المحرّضين والمنظمين للحراك.
على طاولة الحوار التي كانت تصلها تردّدات ما يجري في الشارع، فأصدرت حركة أمل بياناً ينفي علاقتها بما جرى، بينما كانت الطاولة التي شهدت مداخلات للمشاركين الذين غاب عنهم من بين الأقطاب العماد ميشال عون وتمثل برئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل، تشهد استعادة مملة لمواقف الأطراف المعروفة، وغابت عنها أيّ مبادرات أو محاولات اختراق في ملفها الأبرز، رئاسة الجمهورية، كما كان متوقعاً، حيث وظيفة الحوار وفقاً لمعادلة راعيه وعرابه الرئيس بري، تشكيل لاقط هوائي جامع للتردّدات الآتية من تفاهمات الخارج وتسوياته، للبننتها وتحويلها إلى ديناميكية يمكن أن تسرّع في إنتاج الرئيس العتيد. ولولا المشاغبات والمناوشات الكلامية السريعة والخاطفة بين رئيسي كتلتي المستقبل والوفاء للمقاومة فؤاد السنيورة ومحمد رعد لكانت الجلسة مملة وروتينية. وسجلت مناوشات السنيورة ورعد فرصة للتعبير، ولو بالطرافة والإيجاز والغمز واللمز، عن حجم المسافة التي تفصل بين الأطراف المشاركة.
رئيس الكتلة القومية النائب أسعد حردان دعا تيار المستقبل باعتباره صاحب الكتلة النيابية الأكبر في المجلس النيابي أن يبادر ويقدّم تصوّراً قابلاً للتسويق على سائر الأطراف، ويحدّد التنازلات التي لا بدّ منها للوصول إلى التوافق ويقدّمها، طالما أنّ الوصول إلى ملء الفراغ الدستوري يتطلب هذا التوافق.
وعكس الجلسة الأولى شهدت الجلسة الثانية من الحوار أمس هدوءاً ملحوظاً، فالمداخلات التي قدمها المتحاورون الذين غاب منهم رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون بقيت في العموميات ولم تدخل في التفاصيل. وعلمت «البناء» أن العماد عون لن يحضر الجلسات المقبلة وسيمثل برئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل.
وعلمت «البناء» أن رئيس مجلس النواب نبيه بري طلب من المجتمعين تقديم مقترحات في الجلسة التي حددها الثلاثاء المقبل .
وشدد بري على ضرورة الالتزام بجدول الأعمال. ورفض فكرة الاستفتاء من دون تعديل دستوري لأنها تشكل تعدياً على صلاحية المجلس النيابي».
وأكد وزير الخارجية جبران باسيل «أن الديمقراطية هي الناس، فلماذا تعتبرون العودة إلى الشعب هرطقة». وقال: «يبدو أن معيار الفريق الآخر هو تحييد الرئيس الذي يمثل الشعب، ويبدو أيضاً أن وجودنا يحرجهم، إذ ربما من الأفضل ألا نكون موجودين».
وقال رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان: «من يملك أكثر عليه أن يقدم أكثر»، داعياً كتلة المستقبل إلى تقديم مبادرة وتنازلات في سبيل الحل.
ولفت رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة إلى «اتجاهين في البلد: الاتجاه الأول يدعو إلى معالجة الأزمة من خارج الدستور والنظام، ويسعى إلى الإطاحة بالطائف، والثاني هو الذي يتمسك بالدستور ويرى أن الطائف هو الحل ورد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على السنيورة في ما خص اتفاق الطائف بالقول: «لم يطرح أحد تعديل الطائف إنما الالتزام به».
واعتبر رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية أن التأكيد على الالتزام بالدستور يفرض عدم الموافقة على ترشيح موظف للرئاسة.
مواجهات تزامناً مع انعقاد الحوار
وتزامناً مع انعقاد جلسة الحوار، اعتصم ناشطو الحراك المدني أمام مبنى جريدة «النهار» في وسط بيروت، لمنع دخول الشخصيات المشاركة في الحوار إلى الجلسة، إلا أن المتحاورين وصلوا إلى المجلس، فيما دارت خارجاً مواجهات بين بعض الناشطين الذين حاولوا تكراراً إزالة العوائق الحديدية بالقوة للدخول إلى مجلس النواب، واستقدمت التعزيزات الأمنية إلى مكان الاعتصام، وتم توقيف عدد من الشبان. ما أثار غضب المعتصمين الذين وصفوا قوى الأمن «بالشبيحة» ووجهوا إليهم الشتائم، فما كان من عناصر مكافحة الشعب إلا أن تخطت الحواجز الحديدية، نحو المتظاهرين، ولاحقت عدداً من الشبان والشابات. وأشار الصليب الأحمر إلى نقل 4 إصابات في صفوف المتظاهرين جراء الاشتباكات مع القوى الأمنية.
ونفذ عدد من الناشطين اعتصاماً أمام ثكنة الحلو للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين، ونقل الاعتصام إلى وسط بيروت، ودعت حملة «طلعت ريحتكم» في بيان إلى الاعتصام المفتوح في ساحة رياض الصلح إلى حين إطلاق سراح الموقوفين كافة من 22 آب إلى اليوم، كما طالبت بعدم المس بحرية التعبير المكفولة من الدستور، وأكدت «أننا ذاهبون إلى التصعيد».
وأعلن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر عن إطلاق عدد من الذين أوقفوا في وسط بيروت أمس، مشيراً إلى «أننا سنطلق المزيد».
المشنوق: بعض المتظاهرين يريدون الدم
وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق في تصريح أن «بعض المتظاهرين توجهوا إلى قوى الأمن بألفاظ نابية وبالتالي هذا الأمر استوجب تنفيذ القانون عبر توقيفهم وقرر القضاء الإفراج عنهم».
وأضاف المشنوق: «هم يبحثون عن أحد لكي يضربهم أي بعض المتظاهرين وهم يريدون دماً في الشارع ولم يتم استعمال مفرط بالقوة وربما هناك خطأ بسيط من عسكري، وهناك مبالغة». وقال: «إذا استقالتي تحل المشكلة فلا أمانع ولكن الجهة التي توجهت إلى الوزارة للمطالبة باستقالتي هي الحزب الشيوعي وليس المواطنون».
الحراك مستمر بخطوات تصعيدية مفاجئة
وأكدت مصادر في الحراك الشعبي لـ«البناء» أن «المتظاهرين أمس حاولوا منع المدعوين إلى طاولة الحوار من الوصول إلى مجلس النواب وقطع الطريق أمامهم بالأجساد وليس بأي وسائل أخرى كما لم يتعرضوا للقوى الأمنية التي قامت عن عمد بالاعتداء على المتظاهرين وهذا مصور وموثق في أشرطة مصورة والتي تثبت التعسف في استعمال القوة ضد المتظاهرين وضربهم وسحلهم واعتقالهم».
وأشارت المصادر إلى أن «الرسالة التي أراد الحراك إيصالها من هذا التحرك، أنه لا يمكن إجراء حوار وطني بلا إجماع كل المكونات اللبنانية من مجتمع مدني وخبراء بيئة واقتصاد وممثلين عن العمال والموظفين وكل الأحزاب السياسية التي هي خارج السلطة».
ولفتت المصادر إلى أن «الحراك مستمر ومجموعاته ستتخذ الخطوات التالية بحسب التطورات ولن تعلن عنها بل ستكون مفاجئة، وحذرت من أن الوضع يتجه الى مزيد من التصعيد باتجاه كل وزارة مسؤولة أو وزير مسؤول عن الأزمات التي يعاني منها المواطن من النفايات إلى الكهرباء والمياه وغيرها».
لا تراجع عن خطة شهيب
وأشار وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» إلى أن «كل الموجودين على طاولة الحوار أعلنوا تأييدهم لتفعيل عمل الحكومة وعلى رأس الأولويات ملف النفايات من خلال تطبيق خطة المعالجة التي أقرت في مجلس الوزراء، ولفت درباس إلى أن الرئيس نبيه بري شجع الرئيس تمام سلام للسير قدماً في هذا الأمر، كما ردد هذا الموقف كل الموجودين من الوزير طلال أرسلان إلى حزب الله إلى الوزير جبران باسيل».
ولفت درباس إلى أنه «نتيجة الاعتراض على اعتماد مطمر في المصنع يمكن أن يتم نقله إلى مكان آخر، مؤكداً أن الحكومة واللجنة الوزارية تعملان بالتعاون مع البلديات على إقناع المناطق لتطبيق خطة الوزير أكرم شهيب ونقل النفايات إلى المناطق المذكورة في الخطة».
وأكد درباس أن «خطة شهيب ستطبق على رغم الاعتراضات وستطبق وفقاً للظروف الصحية والبيئية المعتمدة ولا تراجع عن هذه الخطة لا سيما أنها حازت على تأييد كل القوى السياسية في الحكومة، وتساءل: ما هي الخطة البديلة حالياً في ظل تكدس أكوام النفايات في الشوارع واقتراب موسم الشتاء؟».
اجتماع للهيئات الاقتصادية اليوم
وتداركاً للتطورات الميدانية الحاصلة في وسط بيروت، تداعت الهيئات الاقتصادية ونواب بيروت كافة وتجار الوسط التجاري وأصحاب المؤسسات والمستثمرون فيه، إلى اجتماع يُعقد في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في مقرّ غرفة بيروت وجبل لبنان، في غياب رئيس الهيئات الوزير السابق عدنان القصار بداعي السفر، للبحث في ما آلت إليه الحركة التجارية في منطقة «سوليدير».