روسيا تفرض جدول أعمالها: تصنيف أمميّ لمسلحي سورية بين إرهاب ومعارضة المعلم: مع الحلفاء نحارب الإرهاب فطبّقوا القرارات… ونوافق على فِرق التفاوض

كتب المحرر السياسي

وافق الأميركيون والأوروبيون على الدعوة الروسية إلى تصنيف أمميّ من خلال مجلس الأمن للجماعات المسلحة في سورية، وفقاً للمعايير الدولية لتعريف التشكيلات الإرهابية، خصوصاً ما يثبت اتصاله بتنظيم «القاعدة» كحال «جبهة النصرة»، وفرز هذه الجماعات عما يمكن قبول تسميته بالمعارضة المسلحة التي يمكن انضمامها إلى الحلّ السياسي من جهة والحرب ضدّ الإرهاب من جهة مقابلة بالتلازم، وعلى هذا الأساس تحديد القوى البرية التي ستتولى دور تنظيف المناطق السورية من الجماعات التي تصنّف إرهابية، ويقول مراقبون يتابعون عن قرب مفاوضات المسؤولين الروس الديبلوماسيين والعسكريين إنّ هذا سيقود حتماً إلى جعل الخطة الروسية للحلّ السياسي القائمة على حكومة وحدة وطنية في ظلّ رئاسة الرئيس السوري بشار الأسد تقود الحرب على الإرهاب، التي يشكل الجيش السوري عمادها، خياراً وحيداً لا بديل عنه، وأنّ أولى النتائج ستكون سقوط تحييد تنظيمات كـ»جبهة النصرة» و«أحرار الشام» و«جيش الإسلام»، من الحرب على الإرهاب، ما يعني عملياً تطهير إدلب وريفها وحلب وريفها، ومناطق ريف حمص وحماة وصولاً إلى ريف دمشق من هذه الجماعات، تمهيداً للتفرّغ لقتال «داعش» بشراكة سورية عراقية مدعومة من إيران إقليمياً، وبمشاركة سعودية وتركية وأردنية بوقف التمويل والتسليح تحت رقابة أممية، وهذا يفتح الباب في نهاية المطاف لحسم المسائل السياسية والدستورية السورية بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع ليقرّر السوريون وحدهم ماذا ومَن يريدون.

هذا التفوّق الروسي المرفق بالإنجاز السياسي والديبلوماسي كان الإنجاز العسكري طريق بلوغه، بمواصلة أسراب السوخوي الروسية دكّ معاقل تنظيمات «داعش» و«النصرة» و«أحرار الشام» و«جيش الإسلام»، رغم الصراخ التركي والسعودي والقطري والتشجيع الذي يصدر من عواصم الغرب على هذه الاحتجاجات.

وبينما كرّس وزير الخارجية السوري وليد المعلم فقرة خاصة من خطابه أمام الجمعية العام للأمم المتحدة لتحية الدور الروسي في الحرب على الإرهاب، لقيَ الدور الروسي تحية مميّزة من الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أعلن رئيسه النائب أسعد حردان تأييد الحزب لمبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الداعية إلى قيام تحالف دولي لمحاربة الإرهاب، ولفت إلى «أنه على دول العالم التعاطي بمسؤولية مع هذه المبادرة من أجل القضاء على الإرهاب المهدّد للاستقرار والسلم الدوليّين»، وهاجم «تورّط الدول الراعية للمجموعات الإرهابية المتطرفة»، وممارستها «دوراً مكشوفاً في تمويل وتسليح المجموعات الإرهابية وتبرير جرائمها بواسطة الإعلام، وتسهيل وصول الإرهابيين عبر تركيا، لكسر حلقة الصمود السوري التي تواجه منذ خمس سنوات حرباً إرهابية كونية غير مسبوقة».

وتضمّنت كلمة الوزير المعلم باقتضابها، علامات فارقة صاعقة للمتلاعبين بعناوين الحرب على الإرهاب، الذين قال لهم كيف ترتضي دول الحداثة والحضارة أن تمدّ يدها باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى دولة تصدّر الإرهاب والتطرف، حيث لا انتخابات ولا حقوق إنسان، وكيف تستسيغون التضحية بدماء شعوبكم التي تنزف تحت ضربات الإرهاب وأنتم تمدّون أيديكم إلى مَن يصدّره إليكم، وقال الوزير المعلم إنّ سورية لم ولن تتوقف عن حربها على الإرهاب، ومعها حلفاء أوفياء أشداء، واعداً متوعّداً العابثين بدماء السوريين، بقوله لن تأخذوا في السياسة ما فشلتم بتحقيقه في الميدان، أما في السياسة فقد أعلن المعلم مشاركة سوريا في الفرق التي دعا إليها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، معتبراً معيار صدقية العالم في الحرب على الإرهاب وضع حدّ للتلكؤ والتغاضي عن عدم تنفيذ القرارات الدولية التي تلزم وفقاً للفصل السابع الدول المتورّطة بالتمويل والتسليح للجماعات الإرهابية بوقف هذا العبث فوراً وهذا ما لم يحدث، وإقفال الحدود أمام تسلّل وتسرّب الجماعات الإرهابية إلى سورية وهو ما يستمرّ بغزارة وبرعاية علنية وفقاً للتقارير الدولية.

لبنانياً ساد المزيد من التشاؤم مع عدم تحديد موعد لجلسة الحكومة، بعد تعثر مساعي الحلحلة في ملف الترقيات للضباط برتبة عميد، الذي يفترض أن يُرجئ في حال نجاح الوساطات تسريح العميد شامل روكز ويبقيه مرشحاً محتملاً لقيادة الجيش، بينما نقل زوار العماد ميشال عون عنه قوله إنه ينتظر، لكنه واثق من أنّ مكائد تيار المستقبل تقف وراء التعطيل وأنّ تسريح العميد شامل روكز يعني أن لا حكومة ستبقى أو تجتمع.

حردان: موقف روسيا ينسجم مع الإجماع الدولي

طغت التطورات الدراماتيكية على الساحة الإقليمية لا سيما الدخول الروسي على خط الأزمة السورية على ما عداها من ملفات معقدة ومعلقة في المشهد السياسي الداخلي بانتظار حلول لا يبدو أنّ أياً منها ناضج حتى الآن، في ظلّ انشغال العالم بالمواجهة المفتوحة مع الإرهاب ما يجعل أيّ معركة داخلية تفصيلاً صغيراً في المشهد السياسي والعسكري الكبير في المنطقة.

وفي السياق نفسه، أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان أنّ وقوف روسيا إلى جانب الدولة السورية في حربها ضدّ الإرهاب، موقف مبدئي ينسجم مع الإجماع الدولي الذي صنّف «داعش» ومجموعات متطرفة أخرى أنها منظمات إرهابية، تجب محاربتها والقضاء عليها. وإذ أعلن بعد اجتماع مجلس العمُد تأييد الحزب القومي لمبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الداعية إلى قيام تحالف دولي لمحاربة الإرهاب، لفت إلى «أنه على دول العالم التعاطي بمسؤولية مع هذه المبادرة من أجل القضاء على الإرهاب المهدّد للاستقرار والسلم الدوليّين».

وذكّر حردان بأنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي، كان أول من أطلق الدعوة إلى قيام جبهة شعبية لمكافحة الاحتلال والإرهاب، وحثّ الدول الصديقة بدءاً من روسيا الاتحادية إلى مجموعة بريكس ودول الألبا وايران وغيرها، للقيام بدور فاعل وضاغط ومؤثر من أجل وقف الحرب الإرهابية على بلادنا».

وإذ دان الحملات والمواقف الدولية والإقليمية والعربية ضدّ المشاركة الروسية في الحرب على الإرهاب، والتي تكشف حقيقة دور الدول المسانِدة للإرهاب، لفت حردان إلى «أن الدول الصديقة لا سيما روسيا وايران أطلقت مبادرات عديدة من أجل الوصول الى حلول سياسية، تساهم في وقف الإرهاب على سورية، لكن هذه المبادرات اصطدمت بموقف الدول الراعية للمجموعات الإرهابية المتطرفة، وبعضها تمارس دوراً مكشوفاً في تمويل وتسليح المجموعات الإرهابية وتبرير جرائمها بواسطة الإعلام، وتسهّل وصول الإرهابيين عبر تركيا، لكسر حلقة الصمود السوري التي تواجه منذ خمس سنوات حرباً إرهابية كونية غير مسبوقة».

إطاحة التسوية تطيّر جلسة الحكومة

في غضون ذلك، وبعد تراجع منسوب التفاؤل بإخراج تسوية الترقيات إلى النور نتيجة موقف اللقاء التشاوري الذي أطاح هذه التسوية، عاد الوضع الحكومي الى المربع الأول، خصوصاً أن الوزراء لم يتبلغوا دعوة رسمية لعقد جلسة لمجلس الوزراء ما يعني تطيير الجلسة الى أجل غير مسمّى.

وطالبت مصادر وزارية لـ«البناء» رئيس الحكومة بـ«عقد جلسة ليس فقط لموضوع الترقيات بل للملفات الحياتية لإدارة شؤون البلد، لأنّ تعطيل مجلس الوزراء يعني بقاء البلد معطلاً».

وأشارت المصادر إلى أن «الوزراء المعارضين على تسوية الترقيات يوافقون على تأجيل تسريح العميد شامل روكز بقرار من وزير الدفاع بشكلٍ لا يمس بالقواعد المعمولة بها عملاً بقانون الدفاع الوطني، كما أجّل تسريح قائد الجيش الحالي ومدير المخابرات ورئيس الأركان».

وأكد وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» أنه «من الصعوبة أن تمر هذه التسوية في مجلس الوزراء لوجود معارضة من عدة أفرقاء داخل الحكومة، خصوصاً من وزراء اللقاء التشاوري الثمانية ووزراء آخرين لا يريدون أن يتزعزع استقرار المؤسسة العسكرية وتُضرب معنويات الجيش وتُخرق القواعد التي ترعى شؤون المؤسسة العسكرية».

وأوضح جريج أنه «إذا عدنا الى تطبيق الآلية الدستورية وفقاً للمادة 65 من الدستور التي تقول «تتخذ القرارات في مجلس الوزراء بالتوافق وإذا تعذر بالتصويت بالأكثرية العادية على القرارات العادية وبأكثرية الثلثين في القرارات الكبرى التي تبلغ 14 موضوعاً، فهل سيلجأ الرئيس تمام سلام الى تحديد آلية عمل الحكومة، من خلال اما تأمين التوافق على اعتماد التصويت، او اعتماد آلية أن اي قرار يعترض عليه مكونان لا يُبتّ به؟».

وأشار جريج الى «أن وزراء اللقاء التشاوري سيصوتون ضد التسوية إذا طرحت على التصويت، كما أن وزير العدل اللواء أشرف ريفي أعلن رفضه أيضاً لكن لا نعرف كيف سيصوت داخل المجلس».

محاولات ربع الساعة الأخير

وأشارت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» الى تمسك تكتل التغيير والإصلاح بالموقف الذي أعلنه رئيس التكتل العماد ميشال عون، وكشفت أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري لا يزال يحاول في ربع الساعة الأخير إحياء التسوية وأن هناك وسطاء عملوا حتى ليل الخميس الماضي للطلب من العماد عون التريث والتمهل وانتظار محاولتهم إقناع الرئيس ميشال سليمان الموافقة على التسوية، لكن التيار الوطني الحر وصل إلى اليأس من تيار المستقبل وممارساته، ولفتت المصادر إلى أن «الرئيس سليمان لا يشكل قوة مسيحية فاعلة، بل يعبر عن صوت «معلمه» تيار المستقبل».

واعتبرت المصادر أنه «عندما وقع الرئيس فؤاد السنيورة في الحرج دفع سليمان للاعتراض على التسوية لقطع الطريق على أي حلحلة بالملف الحكومي وتأزيمه أكثر ولإظهار أن الخلاف مسيحي – مسيحي ولتبرئة ساحة المستقبل». وأعلنت المصادر رفض تكتل التغيير والإصلاح الموافقة على تأجيل تسريح العميد روكز وفقاً لقانون الدفاع، بل تؤيد معالجة قانونية للوضع المستجدّ، وأكدت أن مجلس الوزراء سيبقى مجمّداً ما دام بت ملف التعيينات مؤجلاً، وحذرت من أنه «إذا حان موعد إحالة روكز على التقاعد فإن مجلس الوزراء سيبقى مجمداً للأبد، وحينها نكون قد وقعنا في المحظور والفريق الذي عطل التسوية يتحمّل مسؤولية تعطيل الحكومة».

وأوضحت المصادر أن «التكتل سيقرر خلال الأيام القليلة المشاركة في طاولة الحوار من عدمه، وسيرى ما سيعرض على الطاولة ولكن إذا شعر أن الواقع في مجلس الوزراء سينسحب على طاولة الحوار فسيكون لنا موقف حاسم».

خطة النفايات إلى التنفيذ بالتشارك مع الأهالي

على صعيد أزمة النفايات، عقد مساء أمس اجتماع موسع شارك فيه الرئيس سلام ووزيرا الزراعة أكرم شهيب والداخلية نهاد المشنوق ورئيس مجلس الإنماء والإعمار ومجموعة من الاستشاريين والقانونيين والخبراء ومتعهدي العمل على المواقع، وأكد شهيب بعد الاجتماع «أن المجتمعين أكدوا أنه من واجباتنا إنشاء المطامر الصحية مكان المكبات العشوائية الموجودة الآن حتى ولو لم يتم نقل أي نفايات من خارج المنطقتين إليها»، مشدداً على «أن هذا قرار نهائي وواجب على الحكومة اللبنانية».

وكشف أنه «سيُعقد اجتماع آخر يوم الاثنين المقبل في السراي برئاسة سلام للوقوف على ما آلت إليه الأعمال التنفيذية التي بدأ العمل بها في موقع سرار وما يمكن أن تؤول إليه الأعمال في موقع المصنع».

وأكدت مصادر رئيس الحكومة لـ«البناء» «أن الاجتماع توصّل الى تنفيذ خطة شهيب بشكل فوري مع درس ومعالجة بعض التفاصيل مع أهالي المناطق»، وأشارت الى «أن الاتصالات جارية مع أهالي المناطق والبلديات والحراك لحل بعض القضايا العالقة».

«الحراك» إلى الشارع مجدداً

في المقابل، أكد الحراك المدني في مؤتمر صحافي من رياض الصلح دعمه لإقفال مطمر الناعمة، وطالب الحكومة بتقديم اعتذار رسمي من الشعب اللبناني وبتحويل أموال البلديات من دون أي اقتطاع ووقف عقود سوكلين واستمرار عمل موظفيها ريثما يتم تنفيذ الحل في المرحلة الحالية واعتماد سياسة الفرز من المصدر وتشغيل معامل الفرز جميعها فوراً».

وأكد الحراك «أن المعركة مستمرة لتنفيذ المطالب، ودعا «اللبنانيين جميعاً إلى التجمع الساعة السادسة مساء الخميس في الثامن من الشهر الحالي في ساحة الشهداء».

وشددت «حملة إقفال مطمر الناعمة» في مؤتمر صحافي، على «أننا لن نقبل بفتح المكب ثانية واحدة ولو على جثثنا»، معتذرة من اللبنانيين «فلسنا من يتحمّل مسؤولية النفايات وحمّلوها لبلدياتكم ونوابكم»، ومؤكدة «كفانا صفقات على حساب صحة المواطن».

وأوضح مصدر في الحراك لـ«البناء» أن «تحرك حملة مطمر الناعمة ضد خطة شهيب هو إعلان نعي لإقامة مطمر الناعمة للأبد، لأن السلطة السياسية لا يمكن منحها الثقة طالما لم يصدر عنها مراسيم تنفيذية لتطبيق الخطة بل تبقى وعود وخطة ضبابية».

وإذ لفت المصدر إلى أن الحكومة تراهن على الوقت لاتهام الحراك بعرقلة إزالة النفايات من الشارع، أكد أن الحراك ليس السلطة والمؤسسات بل هو الشعب ومهمته الضغط على الدولة للقيام بمهامها في الشأن العام، مشيراً الى تحويل دفة المسؤولية من السلطة للحراك الشعبي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى