أوباما ونتنياهو متفقان على أنّ المواجهة مع حزب الله عنوان المرحلة المقبلة الانقسام حول «التشريعية» يخلط الأوراق اللبنانية رغم محاولات الاحتواء
كتب المحرّر السياسي
كما فرضت اللحظة التاريخية الصعبة للتفاهم الأميركي مع إيران حول الملف النووي على «إسرائيل» الرضوخ والتأقلم، فرضت اللحظة التاريخية الصعبة للتموضع الروسي على ضفاف البحر المتوسط على أميركا إعادة البحث عن «إسرائيل».
فما يجري في مباحثات الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، يتخطى حدود مجاملة وحملة علاقات عامة يريدها الرئيس الأميركي باراك أوباما لحساب حملة حزبه الانتخابية في مخاطبة الناخب المتأثر بالتعاطف مع «إسرائيل» واللوبيات العاملة لحسابها، ويتجاوز الشعور «الإسرائيلي» بالعجز أمام موازين قوى تتغيّر في المنطقة، ونهوض فلسطيني يبشر بالكثير، بينما الحكومة «الإسرائيلية» ضعيفة الحيلة أمام متطرفي مستوطنيها، بحيث لا تملك قدرة المناورة السياسية، فاللقاء يبدو تلاقياً في منتصف الطريق بين حاجتين، حاجة أميركية لاستعادة زمام المبادرة بتحديد هدف مباشر لحرب متعدّدة الوجوه يمكن الفوز بها، خلافاً للحرب على إيران وسورية، ويمكن لهذا الفوز أن يعيد صياغة الكثير من عناصر مشهد الشرق الأوسط الجديد، ومقابلها حاجة «إسرائيلية» إلى حليف بحجم أميركا لمواجهة باتت «إسرائيل» على قناعة أنها أشدّ تعقيداً مما توهّمت في الماضي، عندما كانت تظنّ أنّ الحرب مع حزب الله أحد التحدّيات، وأنه من المعيب على دولة بقوة «إسرائيل» أن تضع حزب الله بمصافها، فسورية أقلّ من أن تكون تحدياً، لذلك كانت إيران عنوان التحدّي والحرب.
واشنطن وتل أبيب تلتقيان عند نقطة وسط قوامها أنّ حزب الله هو الهدف الذي يشكل استهدافه تغييراً للمشهد العام في المنطقة، وتعترفان بأنّ عليهما العمل معاً لمواجهة هذا العدو، وأنّ التساهل مع متغيّرات أخرى والتأقلم معها، يجعل فرص تحقيق هذا الهدف أقلّ صعوبة وتعقيداً، وأنّ التموضع والتصعيد في وجه إيران والحضور الروسي في سورية كما تحاول السعودية جرّ واشنطن وتل أبيب لا يجلب إلا المتاعب من دون جدوى، بينما يجب التعاون لجرّ السعودي إلى مركب التأقلم مع المتغيّرات الروسية والإيرانية، خصوصاً في سورية، للتركيز على حرب مقبلة ليست عسكرية بالضرورة إلا عندما تصير ظروفها ملائمة، وعنوانها استهداف حزب الله.
لبنان الذي يشكّل ساحة الحياة والعمل الرئيسية لحزب الله سيكون على موعد مع مترتبات ومؤشرات هذا التعاون، وكما تظهر الشبكات «الإسرائيلية» التي تقع بيد الأجهزة الأمنية نشاطاً استخبارياً «إسرائيلياً» محموماً نحو لبنان، يتوقع المتابعون في المقاومة وأجهزتها أن تظهر مؤشرات جديدة أميركية و»إسرائيلية» بهذا الاتجاه، سواء على صعيد استهداف البيئة الحاضنة للمقاومة بالمزيد من القيود المالية والإجراءات العقابية الجماعية في المغتربات، خصوصاً أفريقيا ودول الخليج أو مواصلة حملات الشيطنة التي تستهدف المقاومة ورموزها، أو استهداف تعريتها من تحالفاتها العابرة للطوائف، عبر التوتير السياسي أو الاستهداف الأمني أو كليهما.
في لبنان يقدّم المشهد السياسي فرصة نموذجية لهذا الاستهداف، حيث الاهتراء يصيب مفاصل الحياة السياسية كلها، والتسيُّب والفوضى عنوان صالح لوصف كلّ شيء، من النفايات وصولاً للرئاسة ومروراً بالتشريع.
في لبنان تتقدّم الجلسة التشريعية المخصّصة لعدد من القوانين المالية المستعجلة، كاستحقاق مليء بالمفاجآت، وتختلط الأوراق والتحالفات، وتتموضع القوى على رصيف طائفي، مخيف لا مكان فيه للسياسة، وتستمرّ محاولات الاحتواء والوساطات الهادفة للتسويات، لكن يبدو أنّ حدوثها ضعيف الفرص، ولو حدثت فستولد في مناخ صنعته مصطلحات ومفردات وتحالفات يصعب استردادها وإبطال مفعولها.
بري مُصرّ على موقفه من قانون الانتخاب
بقيت مواقف كتلتي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على حالها من جلسة تشريع الضرورة المالية بعد غد الخميس إذا لم يوضع قانون الانتخاب على جدول أعمالها، وإذا لم تتعهّد الكتل السياسية بخاصة تيار المستقبل والتحرير والتنمية بالتصويت لمصلحة قانون استعادة الجنسية في حين جدّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري خلال ترؤسه اجتماع كتلته تأكيد أن الجلسة ستُعقد، داعياً الكتل النيابية إلى تحمّل مسؤولياتها التشريعية.
وفي إطار الاتصالات المستمرة على خط عين التينة الرابية معراب لإيجاد مخرج من شأنه أن يذلل العقد أمام حضورهما الجلسة، التقى بري أمس أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان ونائب رئيس حزب القوات النائب جورج عدوان. وعلمت «البناء» من مصادر المجتمعين أن «جديداً لم يطرأ، فرئيس المجلس مُصرّ على أن قانون الانتخاب بحاجة إلى توافق، فلا يمكنه أن يضع 17 اقتراحاً على جدول الأعمال، داعياً التيار والقوات إلى الاتفاق على قانون». وأشارت المصادر إلى «أن كنعان سعى لدى الرئيس بري إلى الموافقة على استعادة الجنسية واقترح إدراج القانون الانتخابي كبند أخير في الجدول إلا أن الرئيس بري رفض».
وأكد كنعان أن الميثاقية هي في كل الأوقات وكل الأزمنة، وفي حال خرق هذا المبدأ هناك خشية من استعمال هذه السابقة في أوقات لاحقة .ولفت عدوان إلى أنهم توجّهوا إلى بري لأنه من أطلق وحرص على الميثاقية، مؤكداً «أن الجلسة بدوننا والتيار لا تؤمن المثياقية». وشدّد على «أن القوات تريد انتخابات وسنفعلها حسب القانون الانتخابي الجديد»، آملاً من شركائهم في الوطن «أن يسمعوا صرختهم».
«استعادة الجنسية» لا يمرّ بمادة واحدة
وأكدت مصادر كتلة التحرير والتنمية لـ«البناء» «أن قانون استعادة الجنسية يحتاج إلى دراسة ونقاش ولا يمكن تمريره بمادة واحدة»، ولفتت إلى «أنه من المهزلة الحديث عن تقديم اقتراح معجّل مكرّر لقانون الانتخاب، فتكوين السلطة لا يكون بسلق الأمور سلقاً». وأشارت المصادر إلى «أن الرئيس بري قام بما عليه فعله، ولا أحد يستطيع أن يزايد عليه في الميثاقية التي هي موجودة أصلاً، فما يهمه هو إنقاذ الجلسة لأن عدم انعقادها سيدخل لبنان في مخاطر مالية».
وبانتظار إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله غداً الأربعاء في احتفال يوم الشهيد، تعقد كتلة الوفاء للمقاومة اجتماعاً لها اليوم لتحديد التوجّه قبل انعقاد الجلسة وأكد رئيسها النائب محمد رعد «أنه لم تبقَ فسحة لكي تعمل المؤسسات الدستورية الأخرى الحكومية والنيابية»، معتبراً أن «ثمة قوانين من مصلحة البلد أن تقرّ الآن في المجلس النيابي».
الجميل: التشريع بغياب الرئيس ضرب لصلاحياته
وأكد رئيس حزب الكتائب سامي الجميل في مؤتمر صحافي أمس أنه عندما نُشرّع في غياب الرئيس نقوم بضرب صلاحياته ونقوم بعمل غير دستوري. ورأى الجميل أنه ما من مبرر لحال الطوارئ، لافتاً إلى أن المشكلة هي رفض انتخاب رئيس. وأوضح الجميل أن ما يُحكى عن خسارة أموال إنما هي قروض ستضاف إلى الدين العام، وقال: «الدولة مفلسة وهي تتجه للاستدانة لتمويل مشاريع لسنا بحاجة إليها الآن».
«يأكلون الأخضر واليابس في البلد»
وأكدت مصادر قواتية لـ«البناء» «أن الأخذ والرد الذي يحصل حيال قانون الانتخاب واستعادة الجنسية، مرده أننا والتيار الوطني الحر نطالب بإقرارهما». ولفتت إلى «أن لا جلسة من دون قانون الانتخاب، فهناك حلول تواكب الطروحات الموجودة وكان بإمكان الرئيس بري أن يأخذ بها من خلال إدراجه القانون الانتخابي على جدول الأعمال، فلا أحد منا يفرض أن يتمّ الانتهاء من دراسته في جلسة واحدة، فنحن على ثقة أنه يحتاج إلى نقاش».
وأشارت إلى «أن المسيحيين يشعرون بالغبن، بخاصة أن القوى الأخرى تفرض علينا رئيساً للجمهورية يناسبها. واستغربت تخوين القوى المسيحية لعدم مشاركتها في الجلسة في حين أنهم يأكلون الأخضر واليابس في البلد في الوزارات والإدارات حتى في تسمية المسيحيين»، تحت شعار الذي لنا لنا والذي لكم لكم ولنا، في حين أن اتفاق الطائف كرّس الميثاقية والمناصفة»، لافتة إلى «أن تجاوز الميثاقية اليوم قد يتكرر في وقت لاحق ومع طوائف أخرى».
حوري: المجلس ليس دكّانة
وأكد عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري لـ«البناء» أن «كتلة المستقبل ستعلن اليوم عقب اجتماعها مشاركتها في الجلسة». وإذ أشار إلى «أن الاتصالات مستمرة مع القوات لحضور الجلسة»، لفت إلى أن «المستقبل لن يقاطع الجلسة في حال قاطعها القوات». وأشار إلى «أن الحديث عن إدراج قانون الانتخاب على جدول الأعمال يحمل الكثير من الخفة، فالمجلس النيابي ليس «دكانة»، فهناك أصول يجب أن تحترم وتشريعات يجب أن يتم التقيُّد بها، فلا يمكننا أن نضع 17 اقتراح قانون على جدول الأعمال، فهذه الاقتراحات تتطلّب تشكيل لجنة فرعية لغربلتها تمهيداً للتوصل إلى قانونين يُحالان إلى الهيئة العامة للتصويت لمصلحة واحد منهما، هذا فضلاً عن التوصية التي وافق عليها الجميع في جلسة التمديد أنه لا يجوز إقرار أي قانون انتخابي في ظل الشغور الرئاسي حفاظاً على حق الرئيس الدستوري في إبداء رأيه بقانون الانتخاب». ورجّح «أن لا يتم النقاش حول قانون استعادة الجنسية، إذ لا يمكن أن يُطرح في غياب مقدم الاقتراح». وأشار إلى «أن اجتماع ساحة النجمة أمس بين قوى 14 آذار والتيار الوطني الحر حول استعادة الجنسية، كان إيجابياً»، لافتاً إلى «أن المجتمعين استمعوا إلى الملاحظات التقنية التي قدّمها النائب سمير الجسر حول إعطاء المرأة اللبنانية المتزوّجة من أجنبي حق منح الجنسية لأبنائها وذلك في ضوء التعديلات التي طرحت في قانون استعادة الجنسية».
ويستكمل اليوم عدد من نواب 14 آذار والتيار الوطني الحر التشاور في المواقف من استعادة الجنسية بعد أن رحّل «حق المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي منح الجنسية إلى جلسة اليوم للاتفاق عليه، في ضوء التباين الحاصل حوله داخل الكتلة الواحدة». وكشفت مصادر المجتمعين أن الاجتماع هو لـ«إزالة كل العراقيل أمام إقرار الاقتراح. وقد سجل تقدم ملحوظ لجهة الأخذ ببعض الملاحظات».