بوتين في قمة الـ20: صور جويّة لأنابيب وقوافل «داعش» لتهريب النفط عبر تركيا حوار اليوم اختبار فرص سلة التسويات ولبننة الحلول بعد الرسائل الإيجابية

كتب المحرر السياسي

قاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المباحثات السياسية في قمة العشرين وعلى هامشها، فعقد العديد من اللقاءات المخصصة للحرب على الإرهاب التي بدا أنه العرّاب المسؤول عن تطوراتها ومستقبلها، وأنه يقود القوة الرئيسية التي تملك تصوراً وخطة وإمكانات وتحالفات للفوز بها، فيما بدا أن الآخرين لاعبون ثانويون تتحدد أهميتهم بقدر تقاربهم مع الرئيس الروسي لتزخيم الحرب التي يتولى قيادتها وتحقق يومياً المزيد من الإنجازات في الميدان.

بعد مذبحة باريس صبّت التطورات الماء في طاحونة الرئيس الروسي وظهر أنّ الوقت عامل لا يشتغل لمصلحة المتباطئين الباحثين عن أثمان جانبية ومكاسب فئوية يحققونها على هامش الحرب، مقابل منح تغطيتهم والمشاركة بقدر من جهودهم، كالمطالبة التي يقودها حلفاء واشنطن برعايتها بجعل مستقبل الرئاسة السورية على طاولة التفاوض، وهو الأمر الذي حسمه الرئيس بوتين مراراً وحال دونه، ووضع على الطاولة معادلاته البديلة التي فازت في فيينا وصارت موقفاً أممياً رسمياً وعنوانها، السوريون هم مَن يقرّر شكل دولتهم ودستورها ورئاستها، والدور الأممي للدول والمنظمات الدولية محدّد بالإسهام في الشراكة في الحرب على الإرهاب كقضية تهم البشرية ويتحمّل الجميع مسؤولياتها ويجب أن يتقاسموا أعباءها، ويمكن المجتمع الدولي تقديم المساعدة لإطلاق حوار بين السوريين تمهيداً لذهابهم إلى صناديق الاقتراع لقول ماذا ومَن يريدون.

في قمة العشرين، لم يضيّع بوتين وقته في المساجلات العقيمة حول المناكفات التي حملها الثلاثي الفرنسي ـــ التركي ـــ السعودي، فبادرهم بمعضلتين، شغلتا بالهم واستنزفتا أجوبتهم، «زوّدونا بلوائح تنظيمات معارضة تدعمونها وتتصلون بها مستعدّة للمشاركة علناً بالحرب ضدّ النصرة أولاً وثم داعش، وكم لديها من المقاتلين وأين لننسّق معها فوراً ونستثنيها من غاراتنا الجوية، كما فعلنا مع الأكراد» وثانياً، «لدينا وثائق وصور تكشف كيف تتزوّد موازنة داعش بالأموال نضعها بتصرفكم ليقوم كل منكم بالتدابير التي تقع في نطاق صلاحياته السيادية ومسؤولياته القانونية لترجمة القرارات الدولية». وقام الوفد الروسي بتوزيع صور لأقمار صناعية تكشف خطوط أنابيب ممتدة من العراق وسورية نحو تركيا على مسافة مئات الكيلومترات، وقوافل لمئات الشاحنات تعبر الحدود نحو تركيا، متسائلاً: «كيف لهذا أن يحدث ولا تلاحظه عمليات الرصد الجوي وتستهدفه وكيف للدولة المعنية أن تتسامح مع حدوث هذا عبر أراضيها». وزوّد الوفد الروسي الوفود المشاركة بصور لوثائق تحويلات مالية من حسابات مصرفية في عواصم متعدّدة أغلبها من دول الخليج وأوروبا، وهي دول مشاركة في القمة، كما قال بوتين، تصل إلى حسابات خاصة بـ»داعش» في مصارف تركية، ومثلها للنصرة وأحرار الشام وسواها من التنظيمات الإرهابية، داعياً لجعل قضية وقف تمويل الإرهاب المسؤولية الدولية الأولى في الحرب.

لبنانياً، تشهد عين التينة اليوم اختباراً هو الأول بعد المواقف الإيجابية المتبادلة بين الأطراف الموجودة على طاولة الحوار بصدد فرص تحويل هدنة الجلسة التشريعية التي منعت انفراط عقد البلد، إلى تسوية تنطلق من مفهوم بدأ يقترب تفسيره لدى الأطراف من إمكانية إحداث اختراق نوعي نحو مشروع السلة المتكاملة، بعد كلام تيار المستقبل عن أولوية رئاسة الجمهورية وتوضيح رئيس مجلس النواب نبيه بري أن التفاهم يجري على سلة متكاملة تطال رئاسة الجمهورية والحكومة ورئاستها وتوازناتها وقانون الانتخابات النيابية لكن التنفيذ يبدأ برئاسة الجمهورية، وقبول تيار المستقبل باختبار هذه الفرصة من دون أن يعلن ذلك.

حوار وغداء تكريمي في عين التينة

يجتمع أركان طاولة الحوار الوطني اليوم، في جولة عاشرة برئاسة الرئيس نبيه بري في عين التينة، بدلاً من ساحة النجمة، في غياب رئيس حزب القوات سمير جعجع الذي اتخذ قرار المقاطعة قبل بدء الحوار، وعدول رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل عن المشاركة إلى حين انعقاد مجلس الوزراء وحلّ أزمة النفايات. ويتخلل اللقاء غداء تكريمي يقيمه الرئيس بري على شرف المتحاورين.

وعلمت «البناء» أنّ رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون «سيلبّي دعوة بري إلى الحوار والغداء». ولفتت مصادر مقربة من الرابية لـ«البناء» أنّ الأجواء مالت إلى «التحسّن بعد الجلسة التشريعية وانتخابات نقابة المحامين»، مشيرة إلى «أنّ الجنرال عون لم يبادر يوماً إلى الخلاف المجاني سواء مع حليف أو مع خصم سياسي فما يهمه ويعمل من أجله هو إعادة بناء الدولة وتركيز المواقع في السلطات الدستورية بين أيدي الأقوياء بمعيار الحيثية الشعبية والتمثيلية.

الوضع الأمني على طاولة الحوار

وأكدت مصادر المتحاورين لـ«البناء» «أن الجلسة ستستكمل البحث في ما انتهت عنده الجولة السابقة في ما يتعلق بمواصفات الرئيس، وستتطرّق إلى التسوية السياسية التي طرحها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والمواقف الإيجابية التي وردت على لسان الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة». ولفتت المصادر إلى «أن الوضع الأمني سيفرض نفسه على طاولة الحوار بعد تفجيري الضاحية وتقرير الاستخبارات الأميركية أن تنظيم داعش في صدد التحضير لعمليات إرهابية جديدة مع تأكيــدها أن رئيس الحكومة سيجدّد ككل جلسة الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء وحل أزمة النفايات».

وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى «أن أقطاب 14 آذار سيتعاطون بإيجابية في الجلسة»، داعياً إلى «ترقّب السقف الإعلامي لفريق 14 آذار لأنه بدأ يشعر بمرحلة جديدة في المنطقة لا تتناسب مع طموحاته».

حردان: الإصلاح السياسي يبدأ بقانون الانتخابات

وأكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان «أننا مع دولة قوية قادرة فاعلة متكئة على معادلة القوة المتمثلة بالجيش والشعب والمقاومة في وجه الاحتلال والإرهاب».

وقال في مناسبة العيد الـ83 لتأسيس الحزب: «نحن مع إصلاح سياسي للنظام يبدأ بقانون الانتخابات. نحن مع قانون انتخابي قائم على وحدة المجتمع على نموذج يوحّد بين المواطنين ويفتح الباب أمامهم ليطمئنّوا إلى قانون عادل يحقق مشاركتهم، وهذا القانون يقوم على لبنان دائرة انتخابية واحدة وعلى أساس النسبية ومن خارج القيد الطائفي. كما أننا مع انتخاب سريع لرئيس للجمهورية، ومع تفعيل المؤسسات من مجلس النواب إلى مجلس الوزراء ليتحمّل الجميع مسؤولياتهم تجاه شعبنا وقضاياه المستفحلة». مضيفاً «نحن مع مبادرات للقوى السياسية التي تملك القدرة على تقديم التنازلات لمصلحة المجتمع، وندعو هذه القوى اليوم إلى وقفة تاريخية تعبّر فيها عن مساهمتها ليس في التعقيدات والمزيد من الانقسامات، بل في الحلول عملياً وليس كلاماً».

ولفت حردان إلى «أن خطر الإرهاب هو الوجه الآخر للخطر الصهيوني، وهذا الخطر لا يستثني أحداً ومسؤوليتنا جميعاً أن ننخرط في مواجهته مع شعبنا وجيشنا ومقاومتنا». وشدّد على أن «على كلّ الشعوب أن تنخرط في جبهة واحدة لمواجهة الإرهاب الذي لا يفرّق في ضرباته التدميرية القاتلة بين مَن هو مدني أو غير مدني». وقال: «إذا كان العدو يملك سلاح الموت فسورية تملك إرادة الحياة والصمود المبنيّ على الحق في الحياة والحق في تقرير المصير»، مثمّناً عالياً دور الدول التي تقف إلى جانب الحق وخصّ بالذكر روسيا وإيران.

مصر تدعم التسوية الشاملة

وقال السفير المصري في لبنان محمد بدر الدين زايد من عين التينة، بعد لقاء الرئيس بري، إنّ «مصر تدعم كل الجهود الجارية من أجل إنجاح الحوار والتسوية الشاملة، وإننا نثني على هذه الرؤية الجديدة أو المتبلورة الآن ونأمل أن تسفر عن ناتج إيجابي في القريب العاجل».

وأشار سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان محمد فتحعلي إلى أنّ «الأحداث والخلافات السابقة أثبتت بأنّ الأطراف اللبنانية قادرة في اللحظات الدقيقة على إيجاد حلول ومخارج لأزماتها. ونحن بدورنا دائماً ما دعونا الأطراف والأحزاب السياسية اللبنانية إلى السعي لحلّ هذه الأزمات حفاظاً على مصالح هذا البلد، وتبرز أهمية هذه المسألة خلال الوضع الراهن الذي تتزايد فيه الأزمات في دول المنطقة وفي وقت تسعى بعض الأطراف إلى توجيه ضربة للاستقرار السائد في لبنان».

باسيل إلى موسكو

ويتوجه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل اليوم، إلى موسكو في زيارة رسمية تستمرّ حتى نهاية الأسبوع يلتقي خلالها نظيره سيرغي لافروف وعدداً من المسؤولين الروس للتشاور في آخر ما توصلت إليه الاتصالات والجهود الدولية في مجال إرساء تسوية سياسية للأزمة السورية. ويرافق الوزير باسيل بعض مستشاريه بالإضافة لوفد إعلامي.

وعلى الصعيد الأمني، تتواصل التحقيقات بشأن تفجيرَي الضاحية وتقوم القوى الأمنية بعمليات دهم واسع جراء التحقيقات. وذكرت المعلومات أنّ الموقوف عدنان سرور الذي أوقفه فرع المعلومات في اللبوة اعترف أنه أدخل الانتحاري إبراهيم الجمل مقابل بدل مالي، لكن التحقيقات لم تثبت أنه نقل الانتحاريين إلى برج البراجنة.

وأكدت مصادر أمنية لـ«البناء» أنّ «التركيز على دور فرع المعلومات من قبل وزير الداخلية نهاد المشنوق وتجاهل دور الآخرين لا يتطابق مع الوقائع الأمنية التي كشفت في تفجيرات برج البراجنة»، مشيرة إلى «أنّ تدابير الجيش المتخذة في عرسال أحبطت وصول كامل عناصر الخلية، فمنعت تنفيذ الخطة الأساسية، أما دور الأمن العام في إلقاء القبض على المموّل لشبكات الإرهاب إبراهيم يارد يُعتبر كنزاً ثميناً يقود إلى كلّ المنظومة الإرهابية وإلقاء فرع المعلومات على الإرهابي إبراهيم الجمل يُكمل الصورة».

وشدّدت المصادر على «أنّ الأجهزة الثلاثة مديرية المخابرات والأمن العام وفرع المعلومات ظهرت في تفجيرَي الضاحية في مظهر تكاملي متناسق خدمة للأمن الوطني اللبناني وهذا يبعث على الطمأنينة برغم المخاطر والتحديات التي لا تسقط من الحسبان».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى