الطيران السعودي يقصف السفارة الإيرانية بصنعاء… وبن سلمان لا يريد حرباً مضايا والأسئلة أبعد من الصور… كيف يعيش المسلّحون ولا يموتون جوعاً؟

كتب المحرر السياسي

مع إعلان وزير الخارجية الأميركي أنّ أياماً تفصلنا عن بدء تطبيق التفاهم النووي مع إيران لجهة الإفراج عن الأرصدة، وإلغاء مفاعيل العقوبات، بدأت المرحلة الإقليمية الجديدة التي كانت كلّ الحروب الصغيرة لتركيا و»إسرائيل» والسعودية لمنع بلوغها، والفشل في تحقيق هذه الحروب أهدافها، ترجمه كلام ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان بكلام لصحيفة «الإيكونوميست» قال فيه، إنّ غير العاقل وحده يفكر بالحرب مع إيران، بينما كان الطيران السعودي يقصف السفارة الإيرانية في صنعاء، ويغرق العاصمة اليمنية بالقنابل العنقودية، فيما تبدو الاستعدادات السعودية لاجتماعَيْ وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي ووزراء الخارجية العرب، مسقوفة بقرار أميركي يرفض التصعيد، ويحصر الأمر ببيانات تضامن إعلامية، لا تتخطى حدود استدعاء سفير للتشاور، كما فعلت الكويت وتبعتها قطر.

الهستيريا السعودية بدأت تهدأ بقوة عدم التجاوب، والرسالة التركية ومثلها الباكستانية، كانتا بريداً مضموناً وسريعاً من واشنطن، بأن لا حلفاء يتجاوبون مع التصعيد، وسقف المتاح هو تضامن إعلامي ليس إلا.

قرّر السعوديون حرب الممكن، تحت السقف الأميركي، وهي الحرب على حزب الله، والعنوان هذه المرة، بدأ من حملة في البحرين عن «خلية اكتشفها الأمن ومهمّتها الأعمال الإرهابية، ويموّلها ويرعاها حزب الله وأمينه العام شخصياً السيد حسن نصرالله»، والتتمة قبل أن يجفّ حبر الحملة الأولى التي فشلت في إثارة عاصفة، كان حملة جوع مضايا، وتقديم حزب الله عنواناً للتسبّب بمأساة إنسانية، لينخرط الإعلام الخليجي واللبناني في الحملة، ويتلقفها الغرب وعلى رأسه واشنطن الذي ينسجم استهداف حزب الله مع روزنامته الجديدة، حيث أمن «إسرائيل» يُترجَم بغير مفردات الحرب على سورية وإيران، والضغط على روسيا للتخلّي عنهما، ويصير العنوان حرباً على حزب الله، دون تعطيل مسارات التسويات مع روسيا وإيران، وفي سورية وحتى في اليمن.

«حملة مضايا» المستندة إلى صور حقيقية وأخرى مزوّرة، طرحت في الوسط الإعلامي أسئلة من نوع، كيف يعيش مسلحو مضايا وهل يموتون جوعاً، أم أنّهم يتمتّعون بالغذاء والدواء ويتنعّمون بالمساعدات التي تصل عبر القنوات الأممية ويقومون بتخزينها، وتسليم حصص منها تباعاً لتجار يتبعون لهم يقومون ببيعها في سوق سوداء، كما هو الحال في مخيم اليرموك وداريا والمعضمية، وإلا من أين جاءت معادلة بيع كيلو الأرز بمئة ألف ليرة سورية، والسعر يأتي من سوق والسوق بائع ومشترٍ، فمَن هو البائع؟

يقول الخبراء في الجمعيات الأممية المهتمّة بقضايا المساعدات في المناطق المحاصرة في سورية، إنّ مناقشة الصور المدسوسة في الحملة، تكشف مصادرها المفبركة، لكنها لا تلغي وجود مأساة ومعاناة وجوع وموت من الجوع، وفي حالات الحصار المنتشرة في مناطق الاشتباك في سورية، لا توجد مشاهد مشابهة في المناطق المحاصرة التي ينتشر فيها الجيش السوري وحزب الله ويحاصرها المسلحون، ليس لأنّ المسلحين يتعاملون بإنسانية مع المناطق التي يحاصرونها، بل هم يقطعون أنابيب المياه وخطوط الكهرباء، ويمنعون دخول المحروقات عدا منعهم الغذاء والدواء ومعلوم أنهم يقتلون الأطفال أحياء وقاموا في عدرا العمالية بزجّ خمسمئة امرأة وطفل في أفران الصهر وقاموا بإحراقهم أحياء، لكن الفوارق بين أداء المسلحين وأداء الجيش السوري وحزب الله، هو أنّ المسلحين عندما تُحاصَر منطقة يسيطرون عليها، يستولون على موارد الطعام ومستودعات الغذاء كلّها، ويقومون بمصادرتها من التجار والسيطرة على الأفران، والصيدليات، ومراكز تشغيل الكهرباء وتأمين المياه، وكلما جاءت قوافل معونات يصادرونها، ويبيعون الفائض لتجار محسوبين عليهم لجني المال منها، بينما يبقى الفقراء بلا طعام وبلا غذاء وبلا تدفئة حتى الموت، فيتاجرون بالصور والحملات أملاً بفك الحصار عن المسلحين أنفسهم بتوظيف مأساة الناس أما حيث يسيطر الجيش السوري وحزب الله، فيعيش المقاتلون أسوة بالناس يتقاسمون معهم السراء والضراء، ولذلك لا صور تشبه صور مضايا واليرموك تخرج من نبل والزهراء المحاصرتين منذ ثلاث سنوات.

مصادر قريبة من وقائع الميدان السوري تقول إنه في حالات الحصار يجري أحد ثلاثة خيارات، عندما يضيق الحال وتقترب المؤن من النفاد يقرّر المسلحون الاستسلام لخصمهم بوساطة تضمن الحدّ الممكن من الشروط المقبولة، أو يقايضون حصاراً بحصار، أو يشنون هجوماً معاكساً، وقد شهدت مناطق عديدة فيها الجيش السوري هذه الحالات، أما المسلحون فطريقتهم هي العكس، لا يهاجمون وإذا هوجموا يهربون، ويستسلمون، لكنهم لا يستسلمون لفك الحصار عن الناس، بل إذا هوجموا فقط، وما داموا يتنعّمون بشروط الرفاه، ومحطات الوقود والصيدليات ومستودعات الغذاء والأفران مسخَّرة لهم وحدهم، يدَعُون الناس تموت ويستعملون موت الناس أملاً بأن يتمّ فك الحصار عنهم وليس عن الناس، وفي مضايا وفي اليرموك وداريا والمعضمية، مَن مات هم الأطفال والنساء والمرضى والشيوخ من الفقراء، بينما لم تُسجَّل حالة موت جوعاً أو برداً أو مرضاً لمسلح واحد بل هم يزيدون سمنة تحت الحصار، وخبزهم وتدفئتهم ومؤونتهم وأدويتهم تكفيهم شهوراً.

لبنان بقرار سعودي يتصدّر «حملة مضايا»، فيتقدّم الرئيس سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة ويتبعهما النائب وليد جنبلاط، من دون الإجابة عن سؤال: هل المقصود فك الحصار عن الناس أم عن المسلحين في مضايا وغير مضايا، ومَن سيتسلّم المعونات في مضايا ويضمن وصولها إلى الناس؟

«مضايا» من حملة افتراء ضد حزب الله

تسعى المملكة العربية السعودية في إطار حربها وحلفائها في لبنان على المقاومة، إلى تشويه صورة حزب الله واستغلال المدنيين الذين يتعرّضون لاستغلال من المسلحين الإرهابيين في بلدة مضايا، حيث شنّت حملة افتراءات واسعة ضده واتهمته بتجويع المدنيين في محاولة للإساءة إلى دوره الوطني والأخلاقي والإنساني. وادعى رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في تصريح، على حسابه عبر «تويتر»، «أن حصار مضايا هو إعدام مدينة بسيف التجويع»، وسأل: «أين ضمير العالم، بعد شهرين من الحصار ومنع الغذاء والدواء عن 40 ألف مدني في مضايا؟».

وتؤكد مصادر عسكرية لـ«البناء» أن «عدد سكان مضايا حالياً يتراوح بين 8 و14 ألفاً، وهي تعتبر مواقع متقدمة للمسلحين باتجاه دمشق انطلاقاً من الزبداني». ولفتت المصادر إلى «أنه عندما حصل اتفاق الزبداني – الفوعا كفريا رفض المسلحون أن يشمل مضايا بكليتها، كما شمل الزبداني وتم إشراك مضايا بالاتفاق من خلال وقف إطلاق النار وإخراج محدود لجرحى المسلحين وخروج من يرغب من المدنيين مقابل إدخال المساعدات الصحية والغذائية». وأشارت المصادر إلى «أن المسلحين لم ينفذوا الاتفاق بحرفيته ومنعوا تعاون الأهالي مع الصليب الأحمر والأمم المتحدة ووضعوا اليد على المساعدات الموجودة، واتخذوا من المواطنين دروعاً بشرية بمنعهم من الخروج من مضايا». وأكدت المصادر «أن الجيش السوري مستمرّ بالمراقبة الأمنية لمنع إدخال متطلّبات المسلحين كي لا يسمح بنموهم داخل البلدة».

.. والتهويل على حزب الله

ورأت المصادر «أن السعودية وبعد المأزق الذي وقعت فيه لجأت إلى ذريعة استعمال ورقة مضايا للتهويل على حزب الله والإساءة لسمعته، وتناست أن الفوعة وكفريا ونبل والزهراء تعاني أكثر بكثير مما تعاني مضايا»، مشيرة إلى «أن المملكة استعملت مضايا كورقة في سياق المواجهة التي تقودها ضد محور المقاومة»، مشددة على «أن من يتحمّل مسؤولية ما يجري في مضايا هم المسلحون من خلال وضع يدهم على المساعدات ومنعهم الأهالي من الخروج»، مؤكدة «أن قضية المسلحين هي استثمار لوقف إطلاق النار واستثمار الالتفاف الإنساني لإعداد تكوين منظومتهم في مضايا بدلاً عن الزبداني».

ووصفت كتلة الوفاء للمقاومة عقب اجتماعها الأسبوعي النظام السعودي بأنّه «منشأ كلّ ظواهر التكفير والإرهاب»، واضعة جريمة إعدام الشيخ نمر باقر النمر برسم كلّ منظمات حقوق الإنسان في العالم. ونوّهت «الكتلة» بالعملية البطولية للمقاومة الإسلامية في مزارع شبعا، مؤكدة أنها تأتي في سياق تكريس معادلات الردع مع العدو «الإسرائيلي».

السنيورة: أعطينا شرعية لسلاح حزب الله بمشاركتنا في الحوار

ولم يأتِ بيان كتلة الوفاء للمقاومة على ذكر الحملة التي يشنها تيار المستقبل عليه أو على جلسة الحوار المرتقبة بينه وبين تيار المستقبل الاثنين المقبل في عين التينة. واعتبرت مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء» أن بيان الكتلة أثبت أنّ حزب الله يعتبر نفسه في موقع المتلقف للهجوم عليه، وهو حين بادر على لسان رئيس الكتلة النائب محمد رعد للهجوم على الرئيس الحريري، كان ذلك رداً على رئيس تيار المستقبل الذي ردّ على الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالشخصي، علماً أنّ السيد نصرالله في خطابه لم يتطرّق لا من قريب ولا من بعيد للوضع الداخلي، فكان خطابه محصوراً بإعدام السعودية للشيخ النمر». وأشارت المصادر إلى «أنّ ما يقوم به تيار المستقبل هو حرب إثبات وجود وشدّ العصب»، مشيرة إلى «أن جوهر هذا السجال الإعلامي هو جزء من قواعد الحوار، كما هو جزء من قواعد الاشتباك، لن يؤثر على جوهر مقاربة الطرفين للاستمرار بالحوار». وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة في 14 آذار أنه برغم محاولات الرئيس فؤاد السنيورة جاهداً وقف الحوار واستغلاله الخلاف السعودي الإيراني، لكنه حتى الساعة لم يصل إلى تحقيق ما يريد». وأشارت المصادر إلى «أن السنيورة لا يريد لهذا الحوار أن يبقى وهو يعتبر أن مشاركة تيار المستقبل في الحوار أعطت شرعية لسلاح حزب الله».

التوافق الإقليمي انحسر

وأكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» «أن الحوار باقٍ ولا خوف عليه برغم حرب البيانات». ولفتت المصادر إلى أن الاهتمام الدولي بلبنان تراجع والتوافق الإقليمي انحسر». واعتبرت المصادر «أن المشكلة عند حزب الله الذي لا يريد رئيس تيار المستقبل رئيساً للحكومة في ظل الحرب المفتوحة على السعودية».

وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري «أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة التي يجب أن نرجع إليها دائماً برغم كل الظروف المحيطة بنا، سواء داخل لبنان أو خارجه. وإن شاء الله، من الآن إلى يوم الاثنين المقبل يكون الجو إيجابياً ويسمح بإتمام الحوار، لأن رغبة الرئيس الحريري أيضاً هي رغبة تهدئة لا رغبة تصعيد في مسألة الحوار».

جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل

وفي الشأن الحكومي، لا يزال الحديث عن الاتفاق حول ملء الشواغر في المجلس العسكري وفي قيادة الأمن الداخلي مجرد أحاديث برغم إبلاغ رئيس الحكومة تمام سلام الوزراء بعض الوزراء أن جلسة ستعقد الخميس المقبل. وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» «أن رئيس الحكومة سيدعو إلى جلسة الأسبوع المقبل للبحث بجدول أعمال متعلّق بدعم مؤسسات الدولة وبالأمور الحياتية وقضايا الناس». ولفت درباس إلى «أن رئيس الحكومة تمام سلام الذي ترك الأمور تأخذ وقتها، سيمارس في نهاية المطاف صلاحياته الدستورية ويدعو إلى جلسة»، متوقعاً ألا يقاطع وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر الجلسات المخصصة للبت بمصالح المواطنين». وأشار إلى «أن ما يُحكى عن اتصالات في التعيينات في المجلس العسكري لم تنضج بعد».

بوصعب: لا نزال على موقفنا

في المقابل، أكد وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب لـ«البناء» أن التيار الوطني الحر لا يزال على موقفه من ضرورة ملء الشواغر في المجلس العسكري للجيش ومجلس قيادة قوى الأمن الداخلي في أول جلسة تُعقد لمجلس الوزراء»، مشيراً إلى «أن المطالب التي تحدّث عنها التيار الوطني لم تتغيّر». ودعا من يعطّل جلسات مجلس الوزراء إلى مراجعة مواقفه والاعتراف أن هذه الحكومة هي حكومة شراكة، فلا يجوز لأحد الاستفراد بقرارات مجلس الوزراء أو التعدّي على صلاحيات رئيس الجمهورية»، مشيراً إلى «أن عودة عمل الحكومة تتطلّب تثبيت آلية العمل المتفق عليها في ظل غياب رئيس الجمهورية».

جلسة انتخاب الرئيس إلى 8 شباط

وعلى الصعيد الرئاسي شهدت جلسة انتخاب الرئيس الـ 34 أمس، أدنى درجة حضور بحيث لم يتجاوز الـ 36 نائباً من نواب 14 آذار والتحرير والتنمية واللقاء الديمقراطي، ما دفع رئيس المجلس النيابي إلى إرجاء الجلسة إلى 8 من شباط المقبل.

مجلس المطارنة الموارنة: الحاجة لحوار عميق

وأكد مجلس المطارنة الموارنة عقب اجتماعه الشهري في بكركي «أن لبنان يحتاج إلى حوار عميق»، لافتاً إلى «أن المدخل إلى هذا الحوار يكون بالتقيُّد بأحكام الدستور والميثاق الوطني في انتخاب رأس للدولة، ما يحصّنها في وجه الانهيار الذي يهددها. فاستمرار الإبطاء في إتمام هذا الواجب الدستوري، يفسح في المجال لتفسيرات لا تقف عند حد التأزم السياسي والصراع بين فريقين، بل تصل إلى حدود التساؤل عن مرامي هذه الأزمة، في ما يتعلق بمستقبل الجمهورية ومصيرها». وشدّد مجلس المطارنة الموارنة على «أن لا مصلحة لأحد في اللعب بمصير الجمهورية، في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ المنطقة والعالم. ولذلك لا بد من التعامل بجدية مع أي مبادرة في هذا الشأن».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى