هل يصبح مسيحيّو الشرق اللاجئين الجدد؟!

د.نسيب حطيط

بعد زراعة الكيان الصهيوني في فلسطين عام 1948، ثم تهجير الشعب الفلسطيني وتحويله إلى لاجئين في مخيمات الشتات الفلسطيني، بينهم مسيحيون، وانتهاك الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية… هجّر الاحتلال «الإسرائيلي» هجر المسيحيين من فلسطين، وهجّر حلفاؤه في ما يسمى بـ«الثورة السورية» السوريين، وبينهم مسيحيّو سورية وأحرقوا كنائسهم وأديرتهم. وخلال الحرب العالمية الأولى، عام 1915، قام الأتراك بمذابحهم ضدّ المسيحيين الأرمن وتهجيرهم، وبعد مئة عام يعود الأتراك بالتحالف مع العدو «الإسرائيلي» وبرعاية أميركية أوروبية ليهجّروا المسيحيين من العراق، «لتطهير» دولة الخلافة من الصلبان! تكريساً لـ«إسلامية الدولة» بالتزامن مع «يهودية» و«كردية «الدولة مع البارزاني.

في الحرب اللبنانية عام 1975 التي افتعلها «الإسرائيليون» بأدوات لبنانية مسيحية ضد المقاومة الفلسطينية، حاول الوزير الأميركي كيسينجر إقناع «الجبهة اللبنانية» المسيحية بتهجير المسيحيين ونقلهم في البواخر الأميركية التي تنتظر في البحر إلى كندا وغيرها ليضيعوا في الشتات المسيحي، لكن التدخل السوري في لبنان حمى الوجود المسيحي مقابل محاولات التهجير الأميركية- الصهيونية.

المسيحيون المشرقيون ضحايا مشروع تهجير شامل لتحويلهم الى لاجئين جدد ولتذويبهم في الخارج وتغيير ديمغرافيا العالم العربي، خاصة في بلاد الشام، ثأراً للصهيونية اليهودية من السيد المسيح ع وصلب أتباعه وأنصاره، فتهدم باسم التكفيريين الكنائس والأديرة وتنهب ممتلكاتهم لاستعادة سلطة الحاخامات التي منعها السيد المسيح ع بمحاربته لصوص الهيكل!

يساهم الغرب المسيحي في تهجير المسيحيين من الشرق لحفظ أمن «إسرائيل» وتحقيق مصالحه في النفط والغاز، وكي لا يبقى المسيحيون مشاريع رهائن لدى التكفيريين حين يشرع المستعمرون في ضرب الوحش التكفيري الذي صنعوه وبات يهددهم بعد عودته من مسيرة التوحش القاتلة التي يقوم بها في العالم العربي تحت قناع «الربيع العربي» الخادع والمشبوه.

لن يحظى المسيحيون بمنظمة دولية لرعايتهم تشبه الأونروا لأنهم سيتوزعون على بلاد العالم ويذوبون كهوية وحضارة، لتحقق الصهيونية والماسونية والمحافظون الجدد مشروعهم التاريخي بالقضاء على الدين المسيحي، عبر أدوات إسلامية متعدّدة الإسم، من الوهابية إلى «الإخوان المسلمين»، من العرب والأتراك بقيادة أردوغان الحليف الاستراتيجي للعدو «الإسرائيلي» وبأدوات القتل المتحركة المتعددة الإسم من «القاعدة» و«داعش» و«النصرة» و«أنصار بيت المقدس» في مصر و«بوكو حرام» في نيجيريا و«أنصار الشريعة» في دول المغرب العربي، للقضاء على الوجود المسيحي في الشرق وأفريقيا وتفريغ الإسلام من رسالته الحضارية وتحفيز حالة الانتقام لدى الأوروبيين المسيحيين ضد المهاجرين المسلمين وطردهم كعقاب اقتصادي لهم، ولتسهيل تحكم اللوبي الصهيوني في مسار الدول الغربية على نحو واسع.

المستغرب أن الكنيسة المسيحية، خاصة الغربية، لا تقوم بأي عمل جدي وفاعل لحماية المسيحيين، فتهجير عشرات ألوف المسيحيين في الموصل وإحراق كنائسهم لم يستنفر ضمير العالم وإعلامه مثلما يتحرك لأجل جندي «إسرائيلي» أو لمنع طالبان من هدم تمثال بودا في أفغانستان !

السؤال: هل لأنّ المسيحيين المهجرين تابعون في معظمهم للكنيسة الشرقية ومقرّها في موسكو وبالتالي يعتبر الأمر جزءاً من المعركة السياسية والدينية مع بوتين ونظامه؟ أم أن الكنيسة الأوروبية مقيّدة بأحكام الأنظمة التي تخضع لإرادة اللوبي الصهيوني؟

تلازماً، حمت دول الهلال المقاوم الوجود المسيحي وتعاملت مع المسيحيين بكونهم مواطنين لهم الحقوق نفسها والواجبات عينها وحق ممارسة عباداتهم وطقوسهم في سورية وإيران والعراق ولبنان، فلم يتعرضوا لأي أذى، بينما حاصرت دول ربيع التكفير العربي الأقباط في مصر والمسيحيين في سورية والعراق، وكذلك فعل الإحتلال «الإسرائيلي» في فلسطين والغزو الأميركي للعراق حيث لم يبق من المسيحيين إلاّ القليل.

لا ضمانة للمسيحيين في الشرق إلاّ انخراطهم في معركة الدفاع عن أنفسهم، فالحياد لن يبقي لهم شيئاً من عقيدة أو ممتلكات أو ثقافة ومن يراهن على الخارج مثل المراهن على سراب.

الضمانة لمسيحيي لبنان أن يكونوا مع محور المقاومة، وليس الحوار مع «داعش» أو زيارة «إسرائيل» لحماية المسيحيين الذين خذلهم الكيان الصهيوني سابقاً».

المسيحيون مثل الشيعة مثل السنّة ولاحقاً الأكراد، سواء كانوا متدينين أو علمانيين، هم أهداف متسلسلة للمشروع التكفيري، الواحد بعد الآخر، لعدم قدرة الوحش التكفيري على ابتلاعهم لقمة واحدة والمشروع التكفيري هو النسخة الإسلامية للصهيونية والماسونية العالمية للسيطرة على العالم وإقامة الحكومة العالمية الواحدة لخدمة المشروع الصهيوني اليهودي. فما فعله العدو «الإسرائيلي» في حرب تموز 2006 بوضع إشارات على المنازل لتدميرها، تكرره «داعش» الصهيونية وتضع الحروف علامات على بيوت أعدائها في العراق ر رافضين شيعة ن نصراني وستكتب بعدها ك كردي و م سني مرتد للذين لا يبايعونها وتستكمل أبجديتها للقتل وتكتب ع علماني و د درزي وهكذا مع حرف مشترك للجميع هو ق للقتل.

الأغبياء هم الذين يظنّون أنهم آمنون من المشروع التكفيري وسيخسرون برهانهم على الضمانات الخارجية لحمايتهم، فالسياسة الأميركية تحكمها المصالح والأرباح ولا تحكمها القيم والأخلاق والعقيدة.

فليتحد المسلمون والمسيحيون في مواجهة التكفير الذي لن يستثني أحداً، وليدعموا محور المقاومة الذي يحمي التنوع في الأمة ويحمي سيادتها ويمنع إعادتها إلى العصور الحجرية ونظام الحريم والإماء والعبيد، خاصة في لبنان الذي يحميه الجيش والقوى الأمنية ورجال المقاومة ويطعنه المنشقون ورعاتهم من المستقبل وبعض الطامحين، بينما يحصن المقاومون حدوده ضد جحافل التكفيريين القادمين والذين ينتظرهم كثر من «دواعش» لبنان الأغبياء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى