مفاجأة ما قبل نيويورك تغيّر الحسابات… السعودية تخسر اليمن

كتب المحرر السياسي

بينما كانت حكومة رجب طيّب أردوغان تنجز صفقة العمر مع داعش بالتوقيع الذي أنجزه مع ممثلي تنظيم داعش مدير الاستخبارات التركية حاكان فيدان، الذي يشكل الرجل الثاني في تركيا بعد أردوغان على رغم تولي داود أوغلو رئاسة الحكومة، في الدوحة صار اللقاء ولأجله كانت زيارة أردوغان وفيدان، حيث حضر ممثلو أبو بكر البغدادي، والصفقة منح الاستخبارات التركية سلطة التفاوض على كل رهائن داعش وإطلاق الأتراك المحتجزين لديها، والمقابل نفطي، يبدأ بعشرين ألف برميل يومياً بسعر ثلاثين دولاراً للبرميل، يتحرك مع كل صفقة تنجز على يد تركيا، ومن بينها طبعاً مصير العسكريين اللبنانيين الذين باتوا من تاريخه رهائن الأتراك لا داعش، وأما النصف المرتهن بيد جبهة النصرة فقد صار بيد الدوحة التي فوضت تركيا ومدير استخباراتها التفاوض بالجملة على الملف، وسواه من الملفات المشابهة للرهائن.

وبينما الأتراك يقيّمون الصفقة وقيمتها وناتجها، كانت التطورات اليمنية تضعهم في خلفية المشهد، فالسعودية ترتعش، وواشنطن تعيد الحسابات، وإيران تحتفل بحليف لم تخض معركة لأجله ولا خاض معركته لأجلها، بل تساندا وها هما يحتفلان معاً بالإنجاز، حكومة وحكم يمنيان جديدان، للحوثيين حق الفيتو على كل شيء من الوزراء إلى التعيينات الإدارية والمناقلات العسكرية والسياسات الاقتصادية.

يمن جديد، خليج جديد، منطقة مختلفة، عالم لا يمكنه التجاهل، فهذا هو اليمن الذي نشروا له صورة نمطية بين القات والقاعدة، يقدم نموذجاً يشبه تاريخه، حيث فشل الاستعمار البريطاني من تخطي مرفأ عدن، وقبله الاحتلال العثماني من الدخول على رغم يافطة الخلافة، وحيث الإسلام يصعب تصنيفه على المذاهب المتعارف عليها بتقاليدها التصادمية، والوهابية حركة هامشية، وحيث جمال عبد الناصر حي في الوجدان، وحيث الأهم حركة سياسية اجتماعية ناضجة تقدم النموذج لكلّ الخليج.

اليمن على بوابة باب المندب، والمحيطين الهادي والهندي، وصولاً إلى قناة السويس، هو اليمن المتوغل في السعودية سكاناً واقتصاداً وجغرافياً، وهو اليمن القوة السكانية والجغرافية في الخليج.

مع ما جرى في اليمن بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء العاصمة، وانهيار نظام الحكم الذي ركّبه السعوديون، بتسوية سقطت أمس، ولد اليمن الجديد.

واشنطن والرياض في نيويورك تتجهان نحو مفاوضة طهران، بلغة غير التي أعدّتها وزارات ودراسات واستخبارات لهذا التفاوض، فقد تغيّر كلّ شيء من اليمن.

الخليج يدخل عهد الحركات الشعبية رغماً عن الممالك والإمارات، وتقترب ساعة التغيير، بينما لبنان يراوح في الضياع، بلا قرار، يتلقى عسكرييه المذبوحين عاجزاً عن تصعيد عسكري، يستدعي تعاوناً علنياً وعملياً مع سورية لا يزال ممنوعاً بقرار سعودي، بينما ينتظر اللبنانيون ابتزاز المسلحين والقرار بمصير العسكريين صار قطرياً تركياً.

على خلفية هذا التطور، بدأ النقاش بين أهالي العسكريين المخطوفين، بالتحرك للضغط على تركيا وقطر، تمهيداً لتصعيد، بغير الاتجاه الذي كان عنوانه الضغط للمقايضة التي وصفها النائب وليد جنبلاط بالمصلحة العليا!

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن المفاوضات في شأن العسكريين المخطوفين دخلت نفقاً دقيقاً بعد تصفية «جبهة النصرة» الإرهابية الجندي محمد حمية أول من أمس، ما اضطر رئيس الحكومة إلى شبه إعلان عن توقيف المفاوضات، إذ أكد بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة أول من أمس أنه «لن نفاوض أحداً ما دام قتل العسكريين قائماً، إنما سنواجه بوحدتنا وبجيشنا». وأضافت المصادر أن «الإرهابيين على رغم ما قاموا به من عمل وحشي بتصفية حمية عمدوا إلى ممارسة الابتزاز في وجه الحكومة من خلال مطالبتهم بعدم التعرض للإرهابيين الذين يتحركون في المناطق اللبنانية، ومطالبتهم أيضاً بإطلاق خمسة عشر موقوفاً متطرفاً في سجن رومية مقابل تسليم جثة حمية. ولاحظت أنه حتى ولو حضر الوسيط القطري فلا توقعات بحصول تطورات ايجابية، مؤكدة أن إعادة إطلاق المفاوضات تكون بإعلان واضح من الإرهابيين بعدم تصفية أي جندي مخطوف.

وفيما أكد الجيش استمرار إجراءاته الأمنية في عرسال وجرودها، مشيراً إلى أنه قصف ليل السبت الأحد، مواقع الإرهابيين في الجرود موقعاً في صفوفهم قتلى وجرحى، لفتت مصادر أمنية إلى أن الوضع في منطقة عرسال بات أشبه بقنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة، مشيرة إلى أن ممارسات المسلحين تدفع الأمور نحو كل الاحتمالات العسكرية والميدانية. وأكدت أن الجيش على جاهزية تامة للقيام بكل ما يلزم في حال ذهبت الأمور نحو الخيارات العسكرية.

وفيما أعلن أهالي العسكريين المخطوفين عن رفع اعتصامهم في ساحة رياض الصلح وتحويل تحركهم إلى خطوات تصعيدية في الشارع واتجاه المسؤولين، أكد وزير العمل سجعان قزي لـ»البناء» أن الحملة على الحكومة ورئيسها منذ أحداث عرسال هي حملة سياسية موجهة، سائلاً: ماذا يمكن أن تقوم به الحكومة؟ هل تقوم بعملية عسكرية؟ هل تطلق الإرهابيين؟

وإذ أشار قزي إلى أن تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة» خطفا العسكريين، أكد قزي أن أهالي العسكريين هم أيضاً مخطوفون من قبل السياسيين الذين سيسوا هذه القضية، لافتاً إلى أن المفاوضات يبدو أنها معقدة.

بدوره، تطرق رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط خلال جولته على شبعا وراشيا، إلى قضية الجنود المخطوفين مجدداً دعوته إلى الإسراع بإجراء «محاكمة عادلة للمسجونين في رومية، البريء بريء والمجرم مجرم». وأضاف أمام الوفود التي التقاها: «أحببت أن أقول هذا الكلام، وأعلم أنه صدمة لكم، لكن لا أستطيع أن أسكت عن جريمة بحق اللاجئين السوريين، وعن جريمة بحق المسلمين». وسأل: أتريدون أن نعرض مصالح الموحدين في الخليج وفي كل مكان إلى الخطر؟». ودعا إلى «احتضان اللاجئين السوريين حيث هم، وإذا كان هناك من شبهة فالدولة هي التي تتعاطى».

وليل أول من أمس تعرضت نقطة حماية لحزب الله في بلدة الخريبة البقاعية لتفجير انتحاري أدى إلى مقتل الانتحاري وجرح ثلاثة آخرين.

ملف الإرهاب إلى نيويورك

ويتوجه الرئيس سلام اليوم إلى نيويورك، حيث يلقي كلمة لبنان أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة ويشارك في اجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان. وسيتناول سلام في الاجتماع ملف الإرهاب انطلاقاً من المخاطر التي يحملها عبء النزوح السوري إلى لبنان بكل أبعاده الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وينتظر أن تكون لسلام مجموعة من اللقاءات الثنائية أبرزها مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والتركي رجب طيب أردوغان والملك الأردني عبد الله الثاني، فضلاً عن وزراء خارجية الولايات المتحدة الأميركية جون كيري وروسيا سيرغي لافروف والسعودية سعود الفيصل.

وغادر بيروت أمس وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، متوجهاً إلى نيويورك على رأس وفد، للمشاركة بأعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة المخصصة لتأمين الدعم للبنان من أجل تعليم النازحين.

أما في الشأن السياسي، فيشهد هذا الأسبوع حركة ناشطة من أجل حسم مصير عقد الجلسة التشريعية لبحث الملفات والقضايا الأساسية المطروحة على ضوء الاتصالات واللقاءات التي أجريت في الأسبوع الماضي والتي يفترض أن تستأنف في الساعات المقبلة. ومساء أمس أبلغ الرئيس بري زواره أن الأجواء جيدة لكنه قال إن الأمور تحتاج إلى متابعة الاتصالات واللقاءات وأنه في ضوء إنضاج هذه الأمور سيدعو هيئة مكتب المجلس النيابي إلى اجتماع لوضع جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة. وتوقع أن ينتج شيء في هذا الصدد خلال هذا الأسبوع.

وكشف عن لقاء سيعقده مع رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة للبحث في أكثر من موضوع ومنها الاستحقاق الرئاسي، لافتاً إلى أن السنيورة «ربما سيحمل أفكاراً عن مبادرة 14 آذار». أما بالنسبة لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية غداً، فتوقع بري أن تكون على شاكلة الجلسات السابقة وبالتالي ستؤجل إلى موعد لاحق.

على صعيد آخر، اعتبر الرئيس بري أن الأوضاع في لبنان والمنطقة تتطلب جهداً إضافياً لمواجهة ومعالجة الملفات والاستحقاقات والإسراع في انتخابات رئاسة الجمهورية. وجدد القول، أمام زواره، إن الوضع في لبنان أفضل من غيره في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث وتطورات. ورفض منطق الخطف والخطف المضاد، قائلاً إن هذا الأمر يخدم «داعش» وباقي التنظيمات الإرهابية التي تسعى وتضغط من أجل إحداث فتنة في البلاد.

من جهتها، أكدت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ«البناء» أن تفاهماً حصل على أن تعقد الجلسة العامة بعد عشرة أيام أي بانتظار عودة الرئيس سلام من نيويورك لإقرار السلسلة، لافتة إلى أن المشاورات تجرى على أساس إما فرض 1 في المئة على TVA وإعطاء السلسلة كاملة، أو تقسيطها وتخفيضها من دون فرض 1 في المئة.

لكن عضو كتلة المستقبل النائب غازي يوسف فأكد لـ«البناء» أن فرض ضريبة 1 في المئة على TVA، بات ضرورة وأمراً مسلماً به وفق كل الصيغ المطروحة لإقرار سلسلة الرتب والرواتب. وأشار إلى أن منتصف الأسبوع المقبل سيشهد لقاء بين الرئيسين بري والسنيورة لاستكمال المفاوضات حول ما توصلت إليه الاجتماعات التي تحصل بين وزير المال علي حسن خليل ووزير الصحة العامة وائل أبو فاعور ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري.

الحريري: كل البلد واقف

في المقابل أكدت مصادر النائبة بهية الحريري لـ«البناء» أن لا جديد في ملف السلسلة وأن لا حلحلة في الأفق لهذا الملف، لافتة إلى أن النائبة الحريري ستتوجه اليوم إلى الحج ولن تعود قبل السابع من الشهر المقبل.

وعلمت «البناء» أن الحريري أبلغت رابطتي التعليم المهني والأساسي، أن لا جديد يعول عليه، وقالت: «ليست سلسلة الرتب والرواتب وحدها الواقفة، إنما البلد كله واقف».

موقف للكتائب اليوم من الجلسة

وفيما أكد الوزير قزي لـ«البناء»، أن حزب الكتائب لن يأخذ موقفاً من جلسة غير محددة بعد، أشار النائب فادي الهبر لـ«البناء» إلى أن الموقف من حضور الجلسة العامة التي ستخصص لإقرار سلسلة الرتب والرواتب وإقرار اليورو بوند، وغيرها من البنود المالية، سيعلن اليوم بعد اجتماع المكتب السياسي لحزب الكتائب، مشدداً في الوقت عينه على أن الضرورة القصوى اليوم تكمن في انتخاب رئيس للجمهورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى