ما قاله السيد وما لم يَقُلْه
ناصر قنديل
– في كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله استعادة للنقاش الرئاسي من باب إقفال الحساب، وببساطة من يقول إنه سار بخيار العماد ميشال عون الرئاسي حرصاً على البلد والاقتصاد، أو من يقول إنه فعل ذلك ليقينه أنه مرشح حزب الله الفعلي هو الفراغ، فليقل للبنانيين لماذا لم يفعل ذلك منذ سنتين ونصف السنة، ولم يرحم الاقتصاد ولا رحم اللبنانيين وترك الفراغ ينتصر، ولماذا جاءته بركات الحرص فجأة، وتفتقت عبقريته بعد طول جفاف عن تكتيكات الحشر والزرك والإحراج، ولماذا كان جفافها طيلة سنتين ونصف السنة وقد ثبت أنها تنتج رئيساً؟
– يمضي السيد نصرالله في رسم معادلته، فيقول كما قلنا إنّ العماد عون ممرّ إلزامي لرئاسة الجمهورية، قلنا إنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري ممرّ إلزامي لتشكيل الحكومة، وللذين يريدون أن يقولوا إنّ هذا تعبير عن رغبة حزب الله بتعطيل تشكيل الحكومة، لم يقل السيد، لكنه قال، جرّبوا الوصفتين ذاتهما، الحرص على الاقتصاد واقبلوا ما يقبله الرئيس بري كما قبلتم بهذا الدافع وفقاً لقولكم بالعماد عون رئيساً، أو احرجونا واحشرونا بقبول ما يقبله بري وستنجحون كما نجحتم بإحراجنا وحشرنا بقبولكم بالعماد عون.
– يُفرد السيد نصرالله فقرة خاصة للحديث عن نبل النائب سليمان فرنجية والتزامه ويفيه حقه في التمهيد لوصول العماد عون للرئاسة عبر رفضه المشاركة في توفير نصاب الجلسات الرئاسية التي كان يمكن أن تأتي به رئيساً، لأنه لن يشارك ما لم يشارك حزب الله، وحزب الله لا يشارك لأنه قرّر ألا يشارك إلا إذا ضمن انتخاب العماد عون رئيساً، وعندما يستعيد السيد كيف كان حزب الله يرفض المشاركة في الحكومة ما لم يرضَ التيار الوطني الحر بطبيعة الحقائب المعروضة عليه، فيرهن مشاركته بمشاركة التيار، ويرهن معه الرئيس بري مشاركته بمشاركة التيار، لم يقل، لكنه قال إنّ النائب فرنجية كان يتضامن مع حزب الله والرئيس بري برهن مشاركته بمشاركة التيار الوطني الحر، ولم يقل، ولكنه قال إنّ التيار الوطني الحر الذي وصل زعيمه لرئاسة الجمهورية بقوة هذا التضامن بين الحلفاء بيده للمرة الأولى أن يعامل حلفاءه كما عاملوه، وإنْ كانت معاملة الحلفاء هذه للتيار قد تمّت عبر العلاقة بحزب الله، فليعتبر التيار أنّ معاملته للحلفاء بالمثل اليوم تتمّ عبر حزب الله.
– يدعو السيد بوضوح لحكومة وحدة وطنية، حكومة وفاقية لا تستثني أحداً. وما لم يقله السيد هو أنّ المقصود ليس فقط القوى التي تمثل طوائفها بل القوى التي يستعصي حشرها بين الطوائف وتشارك حزب الله حربه الاستباقية في سورية دفاعاً عن لبنان والمنطقة، التي رفع أداءها خطاب القَسَم إلى مستوى التعبير عن إرادة اللبنانيبن التي تجلت بالإجماع على الخطاب، كما المقصود القوى التي أيّدت والقوى التي عارضت سواء في انتخابات الرئاسة أو تسمية رئيس الحكومة، والقوى التي تملك تمثيلاً نيابياً معطلاً أو تلك التي تتمثل بعدد محدود من النواب، ما دامت قوى حية فاعلة تعكس تمثيل شريحة وازنة وفاعلة في الحياة اللبناية ويُغني وجودها سعة التمثيل الحكومي ويعبّر عن إرادة الجمع والضمّ لا الطرح والقسمة.
– كلام السيد عشية تشكيل الحكومة له مغزى وله معانٍ، هو رسالة على الهواء قبل أن تتحوّل مسيرة تشكيل الحكومة إلى صندوق مقفل لتقاسم المناصب والمكاسب، والقوي المنتصر زاهد بحصة خاصة، يرتضي فيها رمزية الحضور، يتوجّه من موقع المترفع للجميع، ومن موقع الناصح لمن يريدون القول «شكراً يا سيد على كلّ ما فعلت وتفعل لأجل لبنان، ولأجلنا». يقول إنّ ثمة طريقاً للشكر هو طريق التفاعل مع النصح، والسيد لا ينتظر جزاء وشكوراً، بل ترفعاً من بعض ما عنده من ترفع، فيصل الشكر مضاعفاً، فوفقاً لقول الفقهاء والمفسّرين إنّ نص الآية «وإنْ شكرتم لأزيدنّكم»، قُصد بالشكر الزكاة، أيّ أنّ إنفاق المال بعيداً عن الترف والبذخ وجعله مسخراً في الخير وخدمة الناس هو البركة التي تزيد الثروة.
– كلّ كلام السيد كان مشفوعاً بمعادلة متكرّرة يجب ألا ينساها أحد، وهي في كلّ مناسبة لذكر الرئيس ميشال عون، نثق بهذا الرجل، وهو يقولها باسمه واسم كلّ مَن يثق به.