سيناريو أميركي تركي.. وتنسيق عراقي سوري
نظام مارديني
ليس تفصيلاً صغيراً ما كشفه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من تنسيق بين الجيشين العراقي والسوري لملاحقة فلول «داعش» على خطَّي حدود «سايكس بيكو»، ولكن التفصيل الصغير كان غياب هذا التنسيق بين الجيشين منذ بداية إعلان «الخلافة» الكوميدية في الموصل وجعل الرقة عاصمة لها.
فحين أعلن «الخليفة» المزعوم، أبو بكر البغدادي، دولته، مُزيلاً الحدود بين العراق وسورية، فإنه منح جيشَيْ البلدين، الحق المُطلق في مطاردة جنود «الخلافة»، خصوصاً أن هذا الحق يحظى بتأييد قوى إقليمية كإيران، ودولية كروسيا، ويأتي هذا التنسيق استباقاً لمحاولات أميركا كسب مناطق سيطرة «داعش» من الموصل إلى دير الزور والرقة ووصولاً إلى حلب و«الباب»، وقد جاء خطاب «الخليفة» الأخير بالتزامن مع معركة تحرير الموصل ليشير إلى فقدانه السيطرة على الأرض وهو يدعو أنصاره من «الدواعش» إلى هجرة «أرض الخلافة» إلى ولايات «الدولة الإسلامية» الوهمية في شتى بقاع الأرض، إن تعسّر بقاؤهم في «الشام أو العراق».
عرقلة الجيشين العراقي والسوري لخطط أردوغان في كل من الموصل وحلب دفع إلى تكثيف التنسيق الأميركي التركي في مدينة الرقة للتعويض عن خسارتهما جبهات أخرى. وقد كشف موقع شبكة «CNN» الأميركية تقريراً أشار إلى ما كشفته وكالة الأنباء التابعة لوزارة الدفاع الأميركية DoD News أن القادة العسكريين الأميركيين والأتراك اتفقوا على خطة طويلة الأمد للسيطرة والحكم في مدينة الرقة السورية.
ونقل التقرير تصريح رئيس هيئة الأركان المشتركة بالجيش الأميركي الجنرال «جوزيف دانفورد» قال فيه إن «التحالف الدولي وتركيا سيعملان معاً على خطة طويلة الأمد في الرقة»، وذلك عقب لقائه نظيره التركي الجنرال «خلوصي أكار» بالعاصمة التركية أنقرة الأحد الماضي. وأشار اجتماع «دانفورد» و «خلوصي» إلى إعادة التأكيد على الاتفاق القديم بعدم مضي التحالف الدولي بالإمساك بالرقة من دون «دمج الأتراك».
تسعى واشنطن في هذا السيناريو إلى إحراز نصر في المنطقة التي تمتدّ من الموصل ـ دير الزور ـ الرقة، ولكنها تعرف أن ذلك لن يتم بقوى «فسيفسائية» يطلق عليها «قوات سوريا الديمقراطية» بل بقوة عسكرية كبيرة كالقوات العسكرية التركية، تحفظ ماء وجه أردوغان وكرامته المتداعية، والمعرّضة للتمريغ في وحل «الباب» كما كانت في حلب والموصل، وإذا كانت هناك ظروف معينة سمحت للقوات التركية الدخول «بسلام» إلى الأراضي العراقية والسورية، فإن ظروفاً مقبلة وقريبة ستدرك أنقرة أي فخٍّ أوقعتها فيه أميركا ولن تخرج منه بسلام.
الأميركيون يعلمون، الأوروبيون يعلمون، أن من أصل 100 ألف مقاتل إرهابي كانوا يقاتلون في سورية، تمسك الاستخبارات التركية، وبتمويل خليجي لا حدود لسخائه، ولا حدود لغبائه، بـ99 ألفاً منهم، أي أنها كانت تمسك بالحرب السورية من كل جوانبها، والآن ها هي تستعدّ لخسارة مدينة الباب التي يستعد لتحريرها الجيش السوري وبمؤازرة الحلفاء.
منذ البداية كان يفترض إدراك بغداد ودمشق أن الهلال السوري الخصيب، خط أحمر. وأنه ليس باستطاعة الجيشين، السوري والعراقي، التوقف إلا عند الحدود التي يتم فيها سحق الجماعات الإرهابية والبيئة الحاضنة لهم.
اليوم يوم آخر.. وصدمة «الباب» كما الموصل في الطريق على مصراعيه السوري العراقي!!