الامبراطورية تتفكك بين حلم فوكوياما ونبوءة الخميني…!
محمد صادق الحسيني
هل تكون كاليفورنيا هي البداية وتتحقق نبوءة الإمام الخميني الكبير في رسالته الشهيرة إلى غورباتشوف…!؟
ليست هي القيامة تماماً ولكنها المرحلة التي تسبقها بخطوات قليلة جداً…!
لا أحد يستطيع تعداد الخطوات المتبقية لتتدحرج أميركا من قمة الجبل الى السفح…!
لكنها البداية الطبيعية التي تشي بسقوط ماكينة الكذب والخداع والاحتيال لكلّ ما هو امبراطورية إعلامية غربية متغوّلة، مقابل كرة الثلج التي ستكبر وتكبر مع احتجاجات الشارع الأميركي الانتفاضة وصولاً الى تفكك الولايات المتحدة الأميركية تماماً كما حصل مع الاتحاد السوفياتي السابق والآتي من الأيام سيكشف لنا الكثير…!
العالم ينهار أمام أعيننا كما قال السفير الفرنسي في واشنطن…!
واننا نعيش لحظة من الفوضى والرعب قد تشكل حالة فريدة في التاريخ البشري كما قال الفنان الأميركي الشهير مارك ميتشل…!
والحلم الأميركي يتدهور ويتداعى أمام أعيننا بتسارع قلّ نظيره في التاريخ الامبراطوري للقارة الأميركية كما قال المفكر الأميركي الشهير نعوم تشومسكي…!
تأتي هزيمة كلينتون وصعود ترامب تظهيراً طبيعياً لما جرى ويجري منذ سنوات على امتداد ساحات المواجهة بين الوقائع الحقيقية التي عجنت باللحم الحي لرجال الله وبين مظاهر الاحتيال والخديعة التي تتقنها الدولة الأكثر شراً في العالم أيّ الولايات المتحدة الاميركية…!
هي الأفعال والأفعال المضادّة، والسنن الكونية تفعل فعلها في جغرافيا العالم كما في تاريخه…
لقد مضى نحو أربعة عقود على انطلاقة حركة استعادة الوحي الناطق المتجلي روحاً وريحاناً مقابل اصطفاف مادة الفيزياء الجامدة الخرساء على أرصفة مدنية الغرب المتهافت…
كانت تلك رحلة الألف ميل التي انطلقت من جغرافيا النجف الأشرف الحوزوية المتألقة فلسفة وعرفاناً مروراً بباريس الأنوار وصولاً الى قم الاحتجاج والرفض وانتهاء بطهران الدولة الإسلامية المدنية المعاصرة…
ثم كانت المبارزة والمنافسة المحتدمة بين من ظنّ انه احتكر العلم والعقل، وبين من استنهض العقيدة والعزيمة أولاً، ثم عجنهما مع العلم والعقل ليبلور منظومة العيون الأربعة الخمينية ليعلن انتصار الدم على السيف مستحضراً مقولة انّ الحياة عقيدة وجهاد نصر او استشهاد حتى رفع الفتنة من العالم وكان ما كان حتى سقط فوكوياما…!
فوكوياما الذي كتب يوماً مرافعته الشهيرة عن ديمقراطية أميركا باعتبارها آخر إنجازات العالم بعنوان: «نهاية التاريخ» معتبراً كلّ ما عداها عالماً مظلماً، والذي عاد ليستدرك نافياً إعلان الانتصار النهائي لمعادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية بقيادة أميركا…!
فوكوياما هذا لو قيّض له اليوم ان يكتب من جديد عن اميركا التي نعاصر بعد صعود ترامب لكتب دون شك او تردّد:
«نهاية أميركا».
إذ لم يبق من أميركا الامبراطورية التي تغنّت يوماً كذباً وزوراً بأنها عبرت البحار والمحيطات من أجل الحرية وحقوق الإنسان لتستبدل الاستعمارين الفرنسي والبريطاني، بالحرية وحقوق الشعوب إلا تلك القوة المتعطشة للدماء والتوحش والإبادة على قاعدة التمييز العنصري، واستبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة، كما بدأت أول مرة مع أول 13 مستوطنة أقامها أجداد الأميركيين الحاليين من الانجلو ساكسون يوم استوطنوا أراضي وبيوت ومساكن ومزارع الاميركيين اللاتينيين أصحاب الأرض الأصليين على أنها كنعان الجديدة و«إسرائيل» التلمودية الأولى فوق جغرافيا ما يسمّى اليوم بشرق الولايات المتحدة الأميركية…
واياً تكن حال اميركا وأذنابها وملحقاتها، فإنّ العقود الأربعة التي مرت من عمر النهضة المشرقية الحديثة العظيمة ابتداء من صعود الصرخة الحسينية الخمينية في إيران وصولاً الى صعود صرخة المظلومية المسيحية العونية في لبنان، مروراً بكلّ انتصارات محور ثقافة المقاومة والجهاد والاستشهاد من جبل عامل وتخوم الجليل وبوابات الشام وأسوار بغداد وفلسطين وسواحل باب المندب، كلها وقائع تشي بأنّ معادلة المنتصرين في الحربين العالميتين الأولى والثانية قد سقطت إلى غير رجعة وما يظهر في الأفق ليس سوى ملامح معادلة جديدة لا يمكن تسميتها الا بمعادلة صانعي القدر الإلهي الجديد الممهّد لدولة القسط والعدل العالمي المنتظر…!
هي الأقدار تكتب من جديد بلغة لم يألفها العالم من قبل وهي الجغرافيا التي ترسم بالدم الأحمر القاني، وهي المعادلات التي تتغيّر لصالح قوى متفاوتة تماماً لم يعرف التاريخ القديم لها نظير…!
على أقدام هؤلاء وعلى سجادة صلاتهم ثمة عالم ينهار رويداً رويداً ويأفل نجمه، فيما يشمخ ويرتفع في الأفق وعلى طول المدى عالم جديد ينهض على أكتاف أجيال تعيد تدوين رواية التاريخ من جديد متخذة الوحي والنبوءة مرجعاً لها بعد طول تغييب وانقلاب معتمد على كلّ ما هو ميتافيزيقا المشرق الأصيل المتجدّد…
ألم غلبت الروم، في اربع زوايا الارض فيما أصبح صعودنا على عرش معادلة النصر الإلهي المبين أمراً محتوماً…!
بعدنا طيبين قولوا الله…