كلمة مرتقبة للسيد نصرالله
روزانا رمّال
تكاد لا تفرغ ساحة واحدة من ساحات الاصطفاف السياسي من الحذر من العهد الذي يعيش لبنان ظلاله لأول مرة منذ ما بعد تجربة الرئيس أمين الجميّل في قصر بعبدا. فالرئيس العماد ميشال عون هو أول رئيس حزبي صاحب حيثية شعبية يصل إلى سدة الرئاسة بعد صراع طويل مع حسابات المنطقة الكبرى ولهيبها الذي وصل لبنان في أدق مراحل من عمر الشرق الاوسط. لا يسع الرئيس العماد عون الا الانسجام مع كلّ ما من شأنه تبديد الهواجس التي بدأت تلوح في الأفق منذ الأيام الأولى للعهد..
للمرة الأولى، حسب مصادر سياسية، يواجه الرئيس انتقادات لاذعة من إعلام وصحف وساسة، كلّ يحاول على طريقته تذكيره بما هو معوّل عليه ومأمول منه. إنها المرة الأولى التي لم يتمّ فيها العهد أشهره الأولى التي تحمل طابع تهاني وتبريكات بمجملها وفرصة يمنحها الجميع للرئيس المنتخب من اجل إثبات نياته وصحة وعوده، ففي الغالب يبقى الرئيس اللبناني لمرحلة ستة أشهر تقريباً خارج النقد والجذب حفاظاً على مهابة وهالة الكرسي وساكن القصر الجديد.
تجربة العماد عون الحزبية حتمت عليه التعاطي مع مرحلة مختلفة بكلّ تحدياتها، لكن الجهات القلقة من ثنائيات يعمل عليها تياره هي جهات وازنة لا يستهان فيها ليبقى الأخطر خطاب شارع وشارع مضادّ له. وهو نبض السياسة ومحركها في أحزاب شعبوية بمجملها في مرحلة جديدة واستثنائية في البلاد بدءاً من حزب الله والتيار الوطني الحر وصولاً للقوات اللبنانية وتيار المردة وحركة امل والمستقبل، كلها شوارع اصطدمت ببعضها البعض منذ لحظة انتخاب الرئيس.
هاجس كبير يحيط بالرافضين لمبدأ نشوء ثنائيات جديدة ضمن الطائفة الواحدة اولاً وضمن المصالح المتبادلة ثانياً من خارج الطائفة، وهنا مثالان على ما يتعرّض له عهد الرئيس العماد ميشال عون من مساءلات، فالقلق الأول ناجم عن تكرار ثنائية على غرار تلك الشيعية الشيعية المتمثلة بحزب الله وحركة أمل لا روحياً او استراتيجياً ضمن خيار المقاومة بل ضمن السلوك السياسي الذي يحتم على هذه الثنائية الالتزام بموقف واحد، فعلى سبيل المثال يعتكف أحد اطراف الثنائية فتقع البلاد في مشكلة الميثاقية. وهذا الأمر نفسه يتكرّر اليوم مع فارق عدم الوقوع بالتجربة المرة بشكلها المتجرد، فثنائية مارونية مثل التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية أخذت تشكل هاجساً كبيراً عند أحزاب أخرى ضمن الطائفة نفسها اولاً مثل الكتائب اللبنانية والمردة، وعلى مستوى السياسي العام.
الأمر نفسه يتعلق بثنائية مستجدة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، وهي التي اعتبرت بالنسبة للرئيس بري رسالة موجهة اليه يتوجب على أساسها استنهاض الشارع الشيعي واستنهاض حزب الله معه من أجل وضع النقاط على الحروف، خصوصاً لما يعتبره مصدر سياسي شيعي بارز لـ البناء أنه قلق مشروع ناجم عن عدم معرفة فحوى الاتفاق بين تيار المستقبل وعون، فلا أحد اطلع على وثيقة مكتوبة تشرح جدوى العلاقة المتينة التي نشأت فجأة بين فريقين متناقضين لا يجمعهما حتى القطاع الانتخابي الواحد او الطائفة الواحدة. بالتالي فإنّ هذه العلاقة لا توضع الا بخانة وضع اليد على ما أمكن من مصالح ووزارات عامة مقابل الاتفاق على قانون انتخابي يضمن مستقبل الطرفين في وجه من يتخوّفون العزل. ويختم المصدر: هل من يعرف حتى اللحظة او من اطلع على مكنونات الاتفاق بين الحريري وعون بوضوح؟ .
من أجل كل هذا يطلّ أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في كلمة مرتقبة له نهار الجمعة 9 كانون الأول ليتناول الملفات العالقة، وتتوقع المصادر لـ البناء أن تتوجه كلمة السيد نصرالله الى جمهور التيار الوطني الحر بشق رئيسي منها للتحدّث عن شكوك توضع أمامهم حول مستقبل العلاقة بين التيار وحزب الله، خصوصاً أنّ البلاد مقبلة على مرحلة انتخابية حساسة ليؤكد على متانة هذه العلاقة أولاً، وعلى أهمية العمق المسيحي للمقاومة والتنازع عليه بين تسويق القوات للشكوك حول اتهام حزب الله قبل الرئاسة بعدم نيته انتخاب العماد عون والتعطيل واليوم اتهامه بتعطيل الحكومة وعدم نيته تسهيل انطلاقة العهد مستهدفين إثبات الوفاء للعهد. إضافة الى تشديد حزب الله على ضرورة أن تمثل الحكومة كلّ الأطراف والعمل على قانون انتخابي جديد يخدم مصلحة البلاد دون سعي لعزل أيّ طرف.
وحسب المصادر، فإنّ حزب الله مرتاح للتحالفات المسيحية التي يسلكها التيار الوطني الحر، خصوصاً مع القوات، معتبراً انّ هذا امر جيد بالنسبة للحزب الذي يهتمّ بأن يجمع عهد العماد عون أكبر قدر ممكن من اللبنانيين حوله وكلّ هذا يسهّل مهمة الرئيس في المرحلة المقبلة.
كلام واضح سيتوجه به السيد نصرالله قاطعاً الطريق حول المشككين بالعلاقة بين الحزب وحلفائه. ويبدو أنّ رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل قد استبق كلمة السيد نصرالله، فأكد بدوره ثوابت فيها ما يكفي من غمز لتنسيق عالي المستوى بين الحلف الواحد بدءاً بالاستعداد للمصالحات وتوسيع دائرة التمثيل وصولاً لنسف قانون الستين ورفض التمديد بالكامل استعداداً لمرحلة إصلاح يعد بها التيار الوطني الحر.