«الميادين» قناة الحق والحقيقة… تتفوّق وتتألّق
ناصر قنديل
– مع الإعلامي غسان بن جدو عرف اللبنانيون وكلّ من ساند خيار المقاومة ضدّ احتلال جنوبه عام 2000 صعود نجم قناة «الجزيرة»، التي كانت تنافسها قناة أبو ظبي آنذاك بقوة حضور الإعلامي رفيق نصرالله في مواكبة المقاومة وخياراتها ومعاركها وانتصاراتها، عبر جهود وأداء بن جدو ونصرالله، فتح القطريون والإماراتيون قنوات اتصالاتهم مع المقاومة والحكم في لبنان يحصدون ما زرعه إعلاميون أخلصوا لخيار المقاومة، وأملوا أن يفهم القيّمون على القنوات التي يعملون لها حجم الناتج الإيجابي لما فعلوه بلا مقابل، وحجم المردود المتوقع إنْ أحسنوا التصرف، ولم يكن غسان بن جدو ولا كان رفيق نصرالله مجرد مراسلين أو مديرين لمكتبين يخصان القناتين.
– في حرب تموز العام 2006 كانت قناة أبو ظبي بقرار رعاتها تغادر الخيار الذي استثمر عليه مدير مكتبها رفيق نصرالله وتذهب لخيار وصف المقاومين بالمغامرين، فكانت مغادرة نصرالله للقناة، لكن حسابات رعاة «الجزيرة» كانت مختلفة فكان لغسان بن جدو ما أراد، قناة تحقق حلمه بمواكبة أهمّ حروب الشرق الأوسط، تنتهي بانتصار المقاومة حيث هُزمت كلّ جيوش العرب، ولم يخسر القطريون عندما أزدانت شوارع الضاحية الجنوبية بشعارات شكراً قطر، وقطفت الدوحة دوراً سياسياً في الوساطة لحلّ سياسي للأزمة اللبنانية حمل اسمها بقوة ما فعله بن جدو ورفاقه في حرب تموز، وصارت كلمة الرئيس نبيه بري معادلة في السياسة عنوانها «أول الغيث قطر».
– مع اندفاع مشروع الفوضى الهادفة لتغيير الجغرافيا السياسية العربية بالاستثمار على غضب الناس، وتحييد الجيوش تمهيداً لضربها، وتصعيد مشروع الإخوان المسلمين، من تونس إلى مصر وليبيا واليمن وصولاً إلى سورية كانت قطر تنتقل إلى الصف الأول في قوى الحرب على خيار المقاومة، مستثمرة عطفاً وثقة نالتهما بقوة نفوذ قناة «الجزيرة»، المستقوية بدورها بحب الناس وثقتها بمصداقيتها التي صنع أغلبها في مناخ حروب المقاومة، حيث كان غسان بن جدو ورفاقه، فغادر بن جدو قناته، ليعلن البراءة مما تفعل ويقول لمن أحبوا المقاومة ومنحوا ثقتهم للقناة معه، أنّ زمن الوصل انتهى، ولهم أن يحكموا بأنفسهم ويحدّدوا خياراتهم.
– خلال خمس سنوات نجح غسان بن جدو في بناء ميادينه الجديدة عبر قناة «الميادين»، وخاض مغامرة الجمع الدقيق بين الإخلاص للحقيقة والوفاء للحق، فناله بعض سهام أهل الحق عندما كان البحث عن الحقيقة يستدعي عدم التعتيم على موقف الخصم وحضوره، وتناولته ألسنة السوء بادّعاء الدفاع عن الحقيقة عندما أشهر سلاح الحق وانحاز إلى صفه بلا لبس أو اشتباه، وجاء تحرير حلب عام 2016 ليقول الناس، ما اشبه اليوم بالأمس عندما تذكّروا مشهد غسان بن جدو في جنوب لبنان، وبين النصرين في حلب وجنوب لبنان كثير من عناصر الشبه، وقد وجد بن جدو من يجلس في الميادين على المقعد الذي شغله في «الجزيرة»، فأبدع كمال خلف متابعاً ومحققاً ومحاوراً، مستعيداً صورة بن جدو قبل ستة عشر عاماً، وتألقت ديما ناصيف بثقافتها وتدفقها وحضورها في الميادين، وبرزت موهبة رضا الباشا المراسل الميداني الواعد، ولكن بقيت بصمة بن جدو ترتقي بـ«الميادين».
– خلال خمس سنوات، وبعيداً عن كلّ الكلام الفاقد للمعنى عن كيف وبأيّ مال وبدعم من أيّ جهة، نجح غسان بن جدو في «الميادين» بهزيمة الإعلام المموّل بمليارات الدولارات، برهانه على معادلة الجمع بين الحق والحقيقة، فقال لزملائه في إعلام الحق الذي تجسده المقاومة، بالحق وحده لا يحيا الإعلام، وظيفة الإعلام هي البحث عن الحقيقة ولهذا البحث جاذبية يحتاجها أهل الحق، ويقول للذين حشدوا مالهم ومعداتهم تحت عنوان البحث عن الحقيقة وهم يناصبون الحق العداء ويدسّون السمّ في عسل الحقيقة، لقد جاءكم من يكشف لعبتكم، ويقول لكم بدون الحق حقيقتكم بلا روح، والناس أذكى من أن تبتلع طعمكم، وحقيقتنا الحية بأقلّ المقدرات والإمكانات تملك ما لا تملكون، المصداقية.
– بالمصداقية نجح بن جدو ونجحت «الميادين» وفازت المقاومة وحلفاؤها بآلة جبارة في الحرب الإعلامية التي ثبت أنّ أداء أهل محور المقاومة فيها رغم كثرة ووفرة القنوات الناطقة باسمهم، لا زال دون المستوى المطلوب بكثير، فملأت «الميادين» فراغاً في جبهة حرب دون أن يكلفها أحد أو تنتظر من أحد جزاء أو شكورا.
– تستحق «الميادين» تحية النصر في حلب كما كلّ صنّاع النصر الذي كانت جزءاً لا يتجزأ منه، ولصنّاعه و«الميادين» منهم تُرفع القبعة تحية تقدير.