نهاية كذبة المعارضة السورية
ناصر قنديل
– يكفي كلام المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أمام مجلس الأمن ليل أمس، مقارنة بمواقفه السابقة من الحرب في سورية وعليها، وممّا سُمّي بالمعارضة السورية وصيغ الحل السياسي، لإعلان نهاية الكذبة. فقد قال دي ميتسورا الذي رفض دائماً أي تدخل في تشكيل وفد المعارضة التفاوضي إلى جنيف تاركاً المهمة لمجلس اسطنبول وائتلاف الدوحة ولاحقاً مؤتمر الرياض، طبقاً لتحوّلات الجسم الذي يشكله مشغلو قرار الحرب على سورية، ليقول إما تنجح المعارضة بتشكيل وفد يمثل كلّ الأطياف أو سأقوم أنا بتشكيل الوفد الموحّد، ثم يقول إنّ إيران شريك في العملية السياسية وضامن نجاحها وتثبيت وقف النار، وإنّ روسيا لاعب رئيس في صناعة الحلّ السياسي وإنهاء القتال، وعن الهيئة الانتقالية التي بشر بها بيان جنيف واحد وطالما نادى بها دي ميستورا بوجه أي كلام عن حكومة وحدة وطنية، يقول دي ميستورا الأمر في الحلّ السياسي عنوانه حكومة ودستور وانتخابات.
– ليس دي ميستورا الذي تغيّر بل الظروف والدول والحرب، فتشكيلات المعارضة المسلحة التي كانت تختبئ تحت اسم الجيش الحر وتموّه وجود جبهة النصرة ضمنها لتضخيم حجمها، ومساحة سيطرتها الجغرافية، وتوظيف النصرة لفرض خطاب سياسي يلبّي أهداف تفكيك سورية وإضعافها وإسقاط رئيسها وجيشها، وفقاً لما كان مرسوماً بالتوافق الأميركي التركي السعودي «الإسرائيلي»، هُزمت في أم المعارك التي استعدّ لها كل مشغّليها وكانت موقعة حلب الفصل، الذي بعده ليس كما قبله، فلا أميركا ولا تركيا شريكان في رهان الحرب بعدها، ولا السعودية و«إسرائيل» تملكان بديلاً للتغطية السياسية والعسكرية الأميركية، وللجوار والعمق التركيين، والفصائل المسحوبة من شعر رأسها إلى أستانة فضيحة الخطاب العلماني المنافق للهيئة العليا للتفاوض التي جمع فيها عدد من المتحدثين بربطات عنق ولغة مدنية ملفّقة، ففي أستانة فصائل وهابية إخوانية بلحى قادتهم وخطابهم وقلقهم على العلاقة مع النصرة، وها هم بعد أستانة حيث لا بقعة من جغرافية سورية يوجد فيها شيء اسمه الجيش الحرّ، وحرب الشمال السوري حسمت الأمر بين أحرار الشام وجبهة النصرة وقسمت الفصائل بينهما ولا ثالث. وفي جنوب سورية ووسطها تسويات ومصالحات، واضمحلال لبقايا الجيش الحر. فأين هي المعارضة، غير الفانتازيا التي استعملها لوصفها بها ذات يوم صدق نادر تحدّث خلاله الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما.
– الرئيس السوري والجيش السوري من مسلّمات صورة الخريطة الجديدة للشرق الأوسط في الحرب على الإرهاب وما بعدها، والتفاهم الروسي الأميركي الذي يترجم في غارات ستهداف داعش والنصرة بالتشارك، يقوم على العودة إلى دول قاعدة استقرارها الجيوش القوية في الأمن والسياسة والاستراتيجيا، خصوصاً في الدولتين المركزيتين مصر وسورية، وتنحصر اللعبة الديمقراطية فيها بالشؤون الداخلية، لتوفير أعلى قدر من السلم الاجتماعي بين المكوّنات الإتنية والعرقية والطبقية والاجتماعية والثقافية من دون تعريض وحدة الدول للاهتزاز، وحرب السنوات الست التي خيضت لتغيير سورية، وتدميرها وتفكيكها وربما تقسيمها، انتهت وحلّت مكانها حرب تصفية الإرهاب الذي جاءت به الحرب الأولى شريكاً وحليفاً وصار عبئاً وخطراً، ومهمة وقف النار والحل السياسي في سورية ليست إلا مرحلة الانتقال بين الحربين وليس بين نظامين، أو رئيسين، ودي ميستورا بات يعلم طبيعة المهمة.