مداولات قانون الانتخاب إلى المجلس أو الحكومة
ما تزال الطبقة السياسية تتخبّط في مشاريع واقتراحات وتصورات قانون الانتخابات النيابية العتيد بعد رفض معظم القوى الفاعلة إجراء الانتخابات في شهر أيار المقبل وفق قانون الستين النافذ حتى الآن. ورغم نقل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق تطمينات إلى سفراء الاتحاد الأوروبي من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، بأنّ القانون الجديد سيبصر النور قبل نهاية شهر شباط الحالي، فإن لا معطيات ملموسة تؤكد هذا الأمر، علماً أنّ سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن ألمحت بعد لقاء المشنوق أمس، إلى إمكان حصول تأجيل تقني للانتخابات بانتظار توافق القوى السياسية على قانون انتخاب يُرضي الجميع.
لكن في ظلّ تجميد اللجنة الرباعية اجتماعاتها والاعتراضات الواسعة على مشروع رئيس التيّار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل المختلط، يجري الحديث في أروقة قصر بعبدا عن إمكان دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون رؤساء الكتل النيابية إلى حوار جديد للبحث معهم في صيغة لقانون انتخاب توافقي جديد، إذ إنه مصرّ على تنفيذ وعوده في هذا الشأن ولا يستطيع التراجع عنها إرضاءً لأيّ فريق بعد تضمينه إياها في خطابي القسم والاستقلال وكلماته أمام الوفود اللبنانية والعربية والأجنبية التي زارته مهنئةً بانتخابه رئيساً للجمهورية، وفضلاً عن ذلك وعوده لقاعدته الشعبية العريضة بإحداث نقلة نوعية في الدولة.
إلاّ أن عون، بحسب اوساط سياسية، ما زال في طور البحث عن الصيغة الشكلية للحوار، والتي حتماً لن تكون على غرار جلسات الحوار السابقة التي دعا إليها الرئيس السابق ميشال سليمان ولا رئيس المجلس النيابي، إذ إنّ عون يتحفظ عليها لانه يعتبر أنها تمّت خارج المؤسسات الدستورية. وهو لا يمكنه فعل ذلك، لأنه يشدّد على عدم تجاوز المؤسسات. لذا يجري البحث في احتمال تحويل الحوار إما إلى المجلس النيابي أو الحكومة.
وفي حال تمّ الاتفاق على المكان، يبقى الحذر من حصول خلاف حول القانون، بين عون نفسه ورئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الرافضين لقاعدة النسبية التي يتمسك رئيس الجمهورية بإدخالها في صلب أيّ قانون انتخاب والحذر من تداعيات أيّ خلاف حول هذا الموضوع على الوضع الحكومي. ومؤشر إمكان حصول هذا الخلاف، برأي الأوساط، اختيار تيار «المستقبل» للوزير المشنوق للردّ على مواقف عون من قانون الانتخاب، إذ يُعتبر المشنوق من أكثر المؤيدين لعون وأفكاره الإصلاحية داخل التيار. وبرأي الأوساط فإنّ هذا الاختيار يشي بوجود اعتراضات لدى الحريري من بعض سياسات عون، ومنها قانون الانتخابات، لكنها لم تظهر إلى العلن بعد بانتظار الانتهاء من الانتخابات النيابية، وقد يقرّبها قانون الانتخاب.
لكن الأوساط، ترى في الوقت نفسه، أن ليس من مصلحة الحريري مواجهة عون في هذه المرحلة والمغامرة بخسارة الإنجازات التي حققها حتى الآن على المستوى الشخصي. فهو أجرى تسويات كبرى ليعود إلى السلطة بعد طول انتظار، وبدأ بترتيب أوضاعه السياسية والمالية وتثبيت أقدامه في شارعه الذي كان يتفرّق عنه، وتمكّن من مواجهة خصومه السياسيين داخل تيّار المستقبل بقوة كان يفتقدها خارج الحكم، لكنه ما زال في منتصف الطريق. فهل بإمكانه المجازفة من جديد بكلّ ما فعله والنتائج الإيجابية التي حققها جرّاء ذلك؟
الجواب رهن المرحلة المقبلة من دون إغفال الاندفاعة السعودية المستجدّة نحو لبنان وتقديم كلّ ما يمكن أن يساعد العهد على النجاح في توقيت سياسي دقيق يتمّ البحث فيه عن رؤى إصلاحية لإعادة تكوين السلطة ومكافحة الفساد وتحديث الدولة.