فشل حروب السعودية الإرهابية وانعكاساته على دور المملكة

إبراهيم ياسين

من الواضح أنّ المملكة العربية السعودية لعبت دوراً إقليمياً مركزياً في شنّ الحروب الإرهابية في المنطقة العربية، وخاصة في سورية والعراق وليبيا ومصر واليمن في سياق المخطط الأميركي لضرب مقوّمات وقدرات الدول الوطنية وجيوشها، بما يخدم مشروع إعادة السيطرة الأميركية على المنطقة والعالم سياسياً وإقتصادياً وأمنياً ويوفر المناخات المواتية للكيان الصهيوني من أجل تصفية القضية الفلسطينية وحقوق شعبها المغتصبة من قبل المحتلين…

لقد راهن حكام السعودية على تحقيق أهداف هذه الحرب الإرهابية لانتزاع دور إقليمي لهم في المنطقة عبر التحكم بجامعة الدول العربية وقراراتها، أو من خلال المساعدات المالية والاقتصادية والعسكرية كما حصل مع مصر مثلاً بحيث تصبح جميع الأنظمة العربية تدور في فلك المحور السعودي ومن خلاله وعبره في الفلك الأميركي الصهيوني.

المتابع للتطورات في المنطقة يلحظ بوضوح أنّ هذه الأهداف السعودية المُراد تحقيقها قد فشلت، أو هي في طريقها للفشل في سورية والعراق ومصر، وهي الدول العربية الأساسية في أيّ محور عربي يُراد أن يتشكل، إنْ كان يصبّ في مصلحة الإتجاه الأميركي السعودي الصهيوني، أو في الإتجاه المعاكس الوطني القومي العروبي المناهض للهيمنة الإستعمارية والرجعية، والمشاريع الصهيونية لتفتيت الدول العربية.

ومؤشرات هذا الفشل تبدو واضحة هذه الأيام، وتتحدث عنها الأخبار اليومية الواردة من ميادين القتال ضدّ قوى الإرهاب التكفيري، إنْ كان في سيناء أو في تدمر وشرق حلب، أو في الموصل حيث مُنيت وتُمْنى القوى الإرهابية بالهزائم المتواصلة، وتتراجع سيطرتها على الأرض وتضعف قواها شيئاً فشيئاً فيما السعودية التي شكلت الداعم الأساسي لها، إلى جانب تركيا وقطر دخلت في مأزق كبير في حربها على اليمن يستنزف قدراتها العسكرية والاقتصادية على نحو يضعها أمام خيارات صعبة أقلها الشروع في تسوية تقِرّ فيها بفشل أهداف حربها العدوانية.

فيما هذا الاستنزاف الذي تعاني منه شلّ قدرتها على مواصلة تمويل الحروب الإرهابية، واستطراداً أضعف دورها السياسي في المنطقة، وحدَّ من تأثيرها الإقليمي الذي كانت تطمح إليه.

هذه التطورات تؤشِّر إلى أنّ المحور السعودي ومن ورائه طبعاً أميركا والعدو الصهيوني يقف على أعتاب هزيمة حربه الإرهابية وأنّ الدول الوطنية ومحور المقاومة يقفون على أعتاب تحقيق انتصار على المشروع الأميركي السعودي الصهيوني.

إنّ هذه الهزيمة لهذا المشروع السعودي بدأت ترتدّ على الداخل السعودي من خلال العجز في الموازنة العامة للمملكة، وبتفاقم الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية نتيجة الإنفاق على هذه الحروب دون طائل، مما يدفع حكام السعودية إلى البحث عن سبل للحدّ من خسائرهم إنْ كان من خلال زيادة الأسعار على العديد من المواد الإستهلاكية…، وزيادة الضرائب على المواطنين السعوديين، أو سياسياً عبر جولات يقوم بها الملك إلى العديد من الدول الإسلامية لا سيّما أندونيسيا وماليزيا وباكستان، لتبديد التوتر الحاصل في العلاقات معها والحدّ من الخلافات السياسية على خلفية الدور السعودي في التدخل في شؤون هذه الدول عبر دعم التيارات الإسلامية المتطرفة التي تدين بالمذهب الوهابي التكفيري، ما يؤشر إلى تراجع الدور السعودي خاصةً داخل منظمة المؤتمر الإسلامي…

هذا إضافة إلى أنّ الإرهابيين السعوديين الذين يقاتلون في صفوف تنظيم القاعدة وداعش بدأوا في ظلّ تراجع هذين التنظمين في العراق وسورية، بالعودة إلى السعودية، وبالتالي فمن المتوقع أن يشكلوا خطراً على الاستقرار الأمني في المملكة حيث هدّد تنظيم داعش أكثر من مرة بتنفيذ عمليات في السعودية، وقد نفذ البعض منها، في عدة مناطق من المملكة خاصة في المنطقة الشرقية حيث الأغلبية الشيعية وكان الهدف منها اللعب على الوتر المذهبي والطائفي… وفي الوقت نفسه اصطدمت القوات الأمنية السعودية مع بعض الخلايا النائمة التابعة للإرهابيين، ما يعني أنّ الإرهاب بدأ يرتدّ على صانيعيه، وأنّ السعودية ستشرب من الكأس ذاته الذي صنعته لغيرها، كما حصل لتركيا التي شهدت في الآونة الأخيرة تزايداً في الأعمال الإرهابية…

اترك تعليقاً

Back to top button