موسكو للقاء أردوغان وروحاني… وعمّان تُعدم 15 إرهابياً بينهم قاتل حتر ماذا وراء تزامن تهديدات السفيرة الأميركية مع رصاصات موكب كنعان؟
كتب المحرّر السياسي
يقول دبلوماسي عربي مخضرم أن قراراً أردنياً بحجم تنظيف السجون من جماعات تنظيمي القاعدة وداعش، بمن فيهم قاتل الناشط والمفكر ناهض حتر، رسالة تقول إن زمن التغاضي الأردني عن التيارات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية الذي أنتج معادلة قتل حتر، قد ولّى إلى غير رجعة، وإن الآتي هو مواجهة بلا رحمة، وإن مثل هذا القرار يستحيل اتخاذه إلا ضمن قرار أميركي كبير بتحديد أولوية يجري حشد الحلفاء تحت لوائها هي الحرب المفتوحة على القاعدة وداعش، لكن من دون استعراض إعلامي بحثاً عن نتائج عملية بأقل الخسائر وأقل السجالات الداخلية، التي ستندلع لمجرد كشف الحاجة لتعاون روسي أميركي نوعيّ كي تتحقق النتائج العملية. وهو ما يبدو أن الداخل الأميركي لا يزال عاجزاً عن تحمّله سياسياً وإعلامياً، مع فتح متزايد يومياً لملفات الإدانة لإدارة الرئيس دونالد ترامب باتصالات سرية بالسفارة الروسية في واشنطن امتدت من مستشار الأمن المستقيل مايكل فلين إلى الصهر والمستشار الأول في البيت البيض جاريد كوشنر، وصولاً لوزير العدل جيف سيشنز الذي يشغل منصب المدعي العام الأميركي الأول وفقاً للدستور، ما جعل الحركة الأميركية تتخذ من الميدان ساحة للفعل ترجمته الموافقة التركية بلسان رئيس الحكومة علي بن يلدريم على دخول الجيش السوري إلى منبج، بعد الطلب الكردي، وهما ما يستحيل حدوثهما من دون موافقة أميركية، ولا مبرر لمثل هذه الموافقة غير مقتضيات المواجهة المرتقبة مع داعش.
في موسكو صمت واستعداد لزيارتين هامتين متتابعتين يقوم بهما كل من الرئيسين التركي رجب أردوغان والإيراني الشيخ حسن روحاني، وقد ذلّلت من طريق الزيارة الأولى العقبات التركية بقبول الانتشار العسكري السوري في منبج وتقبّل الخسارة في معركة الباب وما تلاها من عزم على المواجهة مع الأكراد، بينما ذلّلت من طريق الزيارة الثانية عقبات روسية كانت تقوم على طلب المزيد من المهل لتركيا التي كفلتها موسكو كشريك في مسار أستانة قبل انقلابها عليه وعودتها عن الانقلاب، وقبل انعقاد جنيف ورهانات موسكو على مؤازرة تركية للمسعى الروسي والخذلان التركي قبل التغيّر الميداني في شمال شرق سورية وعودة أنقرة للتنسيق مع موسكو ضماناً لنجاح جنيف بالضغط على جماعات التفاوض عن المعارضة. وبهذه القراءة الروسية صار الروسي والإيراني على موجة واحدة في قراءة الموقف التركي من جهة والمشهد السوري المقبل من جهة أخرى، حيث للميدان وحده الكلمة الفصل، وحيث التموضع السياسي الإيجابي للخصوم يبرّد ما لم يحتفظ الميدان بحرارة الإنجاز.
لبنانياً، خيّمت الرصاصات التي استهدفت موكب النائب إبراهيم كنعان، فوق مناقشات الموازنة وقانون الانتخاب، والتعيينات القضائية والأمنية والعسكرية، وكلها تبدو سائرة لحلحلة مع فارق الزمن، أولوية الموازنة فالتعيينات وبعدها قد يرحَّل قانون الانتخاب لجلسات حكومية مفتوحة لحين خروج الدخان الأبيض.
الأسئلة التي طرحتها الرصاصات على موكب كنعان تبدأ من فرضية التنظيمات الإرهابية التي لا تشبه العملية أسلوبها، سواء كانت الرصاصات الطائشة بفعل عدم الحرفية أو نية إيصال تحذير، والتحذير يمكن توجيهه لنصف حليف وليس لمثل النائب كنعان المنتمي بقوة لصف الخصوم، وعمل الهواة لا يتناسب مع التقييم الأمني للعمليات السابقة لهذه التنظيمات، ما يضع العملية ضمن احتمال رسالة نفّذها محترفون ترتبط بالكلام المنسوب للسفيرة الأميركية الذي تضمّن تهديدات للعهد ورئيس الجمهورية حول موقفه من سلاح المقاومة، أو عملية نفّذها غير محترفين لهم اعتبارات أخرى استظلوا بالكلام الأميركي التهديدي.
المشنوق يحذّر من المهل مجدّداً
وفي حين خيّم الجمود على المشهد السياسي في عطلة نهاية الأسبوع، فإن الأسبوع الطالع قد يشهد حسماً لعددٍ من الملفات والاستحقاقات السياسية منها والمالية والإدارية والمعيشية.
وفي وقت تجتمع اللجان المشتركة اليوم لدرس سلسلة الرتب والرواتب تمهيداً لإحالتها إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي، يعقد مجلس الوزراء جلسة غداً الثلاثاء لاستكمال البحث في بعض البنود الضريبية وموازنات الوزارات، تليها جلسة ثانية الأربعاء ربما تكون في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لإقرار مشروع الموازنة وإحالته الى المجلس النيابي، كما رجّحت أوساط وزارية لـ«البناء» والتي أشارت الى أن بند التعيينات الأمنية والعسكرية سيكون على جدول الأعمال، وستبتّ سلة التعيينات إذا انتهى المعنيون من دراستها.
وما بين الموازنة والسلسلة والتعيينات، لا يزال قانون الانتخاب مجهولاً في غياب أي توافق حول صيغة انتخابية وفي ظل ضغط المهل الدستورية لإجراء الانتخابات التي تنتهي في 21 آذار المقبل، ما يضع مصير الاستحقاق النيابي في مهب الخلافات السياسية حول القانون. الأمر الذي دفع وزير الداخلية نهاد المشنوق الى زيارة عين التينة للتحذير مجدداً من اقتراب المواعيد الدستورية وللتشاور مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. ولفت المشنوق الى أن «الرئيس بري أبلغه بشكل واضح وصريح التزامه بالتواريخ وبالقانون، وفي الوقت نفسه رغبته في أن يجري الاتفاق على قانون جديد للانتخاب بين مختلف الأفرقاء السياسيين». وأضاف المشنوق أن بري أكد له أن «انتظار الاتفاق لا يعني بأي حال من الأحوال تجاوز المواعيد القانونية أو المهل الدستورية، إذا وصلنا إليها».
إذن، بات خيار الانتخابات النيابية على القانون النافذ أحد الخيارات والحلول المطروحة في حسابات المشنوق، وربما في حسابات معظم القوى السياسية، إلا إذا كان البديل المحضر سلفاً هو التأجيل التقني للانتخابات والتمديد للمجلس الحالي، ريثما يتم إنجاز قانون جديد، علماً أن وزير الداخلية نفسه استبعد في أكثر من تصريح التوصل الى قانون انتخاب في وقتٍ قريب. كما لوحظ أن أعضاء كتلة المستقبل ينفون بشكلٍ قاطع ما تردّد عن إعلان الرئيس سعد الحريري عدم ممانعته للنسبية الكاملة.
باسيل: لا موازنة بلا قانون انتخاب
وما زاد الأمور تعقيداً، عملية خلط الأوراق التي أجراها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمس، عبر ربطه موضوع قانون الانتخاب بالموازنة، مؤكداً أن «الأولوية اليوم لقانون الانتخابات ولا أولوية تعلو عليه، فلا موازنة من دون هذا القانون ومخطئ من يفكّر عكس ذلك، ولا يحصل شيء في البلد من دون قانون الانتخابات، لأن الإصلاح الحقيقي في البلد يبدأ من خلال هذا القانون».
ردّ باسيل جاء سريعاً على المشنوق، جازماً بأن «رئيس الجمهورية لن يوقّع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في ظل قانون الستين، لأنه يحترم الناس وخياراتهم، فلا يراهن أحد على تغيير هذا الموقف ولا يهدّد أحد بقانون الستين، لأن هذا القانون لا مكان له في هذا العهد، ودفن في أرضه وانتهى وعلينا التطلع إلى الأمام».
وفي عشاء للتيار الحر في جبيل، لفت باسيل الى «أننا سننجز قانوناً للانتخابات يُشبهنا ومن زماننا، يعطي الحرية للفئات الطائفية والمناطقية والحزبية كلها، لكي تتمثل في المجلس النيابي». وأضاف: «قانون الانتخابات أهم من رئاسة الجمهورية ويستأهل التضحية من أجله بكل شيء وحتى بالعهد، ولم نصل إلى السلطة لكي نبيع الناس، إنما لإعطائها حقها وعدم سلبها هذا الحق».
«المستقبل»: للستين تجنّباً للفراغ
ومن المتوقع أن تعود الاتصالات الى زخمها في ما يتعلق بقانون الانتخاب في الأيام القليلة المقبلة، جدّدت مصادر نيابية مستقبلية تمسّك تيار المستقبل بالمختلط، لكنها أشارت لـ«البناء» الى أنه سيكون هناك قانون جديد بالتوافق بين جميع الأطراف، مؤكّدة أن «النسبية الكاملة غير واردة بالنسبة للتيار. غير أن مصدر قيادي في المستقبل أوضح لـ«البناء» أننا «ندور في حلقة مفرغة، وما يجري على صعيد المشاورات الانتخابية لا يتعدّى المزايدات، وأن النقاشات التي ستبدأ بداية الأسبوع، لن تفضي إلى نتيجة على غرار تلك التي جرت في الأسابيع الماضية»، ورجّح الذهاب الى انتخابات وفق القانون النافذ تجنّباً للفراغ في السلطة التشريعية الذي لم يلحظه الدستور اللبناني، مضيفاً: «تخطّينا المهل الدستورية وبالتالي سنذهب الى التمديد أو التأجيل، إما أن يمدّد المجلس النيابي لنفسه في وقت قريب لمدة زمنية محدّدة وعلى الأرجح الرئيس بري سيسلك هذا الطريق، إما دعوة الهيئات الناخبة ورئيس الجمهورية يخالف القانون بعدم توقيعه على المرسوم، وصحيح أن حقه الدستوري ذلك، لكنه يسجل مخالفة دستورية، لأن الفراغ النيابي غير موجود في الدستور وإن حصل فسيؤدي الى أزمة سياسية قد تقود الى مؤتمر تأسيسي يغيّر الكثير في البلاد».
بري: لتلعب الحكومة دورها
أما مصادر كتلة التنمية والتحرير، فقد اعتبرت أن «أمام القوى السياسية متّسع من الوقت للاتفاق على قانون انتخاب جديد، لكن علينا أن لا ننسى المهل الدستورية لإجراء الانتخابات النيابية والتي إن لم تحصل فسنكون أمام خطر الوقوع في الفراغ النيابي الذي يرفضه الجميع، وبالتالي يجب أن يشكل حافزاً للأطراف كافة لإنجاز القانون». وتلفت المصادر لـ«البناء» الى أن «إقرار قانون جديد مصلحة للجميع وأن العودة الى الستين أو التمديد سيتحمّل مسؤوليته الجميع وسيؤدي الى أزمة سياسية في البلاد». ولفتت الى أن «برّي يشدّد على دور الحكومة في درس وإعداد مشروع قانون انتخاب وإرساله الى المجلس النيابي، لأن قانون الانتخاب يحتاج إقراره ثلثي مجلس الوزراء وبالتالي يعطيه ضمانة أكثر بأن يمرّ في مجلس النواب»، ورجحت المصادر أن «يقر قانون قبل الانتخابات النيابية وحينها يتمّ التمديد التقني بموافقة الجميع بمن فيهم رئيس الجمهورية».
«القوات»: صيغ وأفكار جديدة
أوساط نيابية في «القوات اللبنانية» أشارت لـ«لبناء» إلى أن «لا تقدّم حتى الساعة في التوصل الى صيغة توافقية، لكنها عوّلت على الاتصالات والتواصل الذي سينطلق الأسبوع الحالي، حيث الجميع وعد بذلك وهناك صيغ وأفكار مبتكرة جديدة سيتمّ التداول بها»، ولفتت الى أن «أمام المعنيين فرصة حتى العشرين من هذا الشهر، بحسب الرئيس بري».
السلسلة في اللجان اليوم
وفي غضون ذلك، تعكف اللجان المشتركة اليوم على دراسة سلسلة الرتب والرواتب بالتوازي مع استكمال الحكومة إنجاز مشروع الموازنة وإحالته إلى المجلس النيابي، وأكدت مصادر نيابية لـ«البناء» أن «اللجان المشتركة فقط ستدرس السلسلة وذلك للإسراع في بتّها لإحالتها إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي لإقرارها، بينما على الحكومة تأمين الواردات. وهكذا يتكامل العمل بين المجلسين»، وتوقعت المصادر أن «يمتدّ النقاش في السلسلة بعض الوقت في اللجان وأن تحتاج أكثر من جلسة نيابية في المجلس لإقرارها»، لكنها أوضحت أن «كيفية إقرارها والمبلغ المرصود، أمور لم تحدّد بعد وتحتاج الى مزيد من النقاش».
ومن جهة ثانية، سأل مصدر وزاري سابق في تيار المستقبل «من أين ستبدأ اللجان المشتركة في دراسة السلسلة؟ هل من الأرقام التي تمّ الاتفاق عليها في لجنة النائب جورج عدوان، والتي هي أرقام مدروسة جداً وعملها دقيق؟ وأمل المصدر أن تكون الانطلاقة والنقاش من أرقام هذه اللجنة المشكلة». وأوضح لـ«البناء» أن «لا خلاف على السلسلة وجميع الكتل متفقة على أنها حق للأساتذة وموظفي الإدارات العامة، لكن لا يجوز أن نصل إلى مرحلة إقرار السلسلة من دون تأمين مداخيلها وإيراداتها، لأن ذلك سيؤدي الى زيادة العجز في خزينة الدولة، وبالتالي يجب أن لا يأخذ البعض السلسلة مجرد شعارات شعبوية عشية الانتخابات من دون دراسة ما سينتج عنها». ولفت المصدر الوزاري الى أن «المساعدات الخارجية للبنان تقلّصت والكثير من الدول التي كانت تساعدنا اقتصادياً، اليوم منشغلة بمشاكلها المالية والاقتصادية». وحذّر المصدر من استهداف القطاع المصرفي، الأمر الذي سيؤدي الى زعزعة هذا القطاع الحيوي والأساسي في الاقتصاد اللبناني، ولفت الى أن «الحملات على المصارف غير مفهومة وغير صحية».