توقيع بن سلمان على تفجيرات دمشق
ناصر قنديل
– الذين يعرفون شخصية ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع في حكومة والده ودرجة النرجسية التي تتحكّم به، والدموية العبثية في قراراته التي يتخذها يومياً بأومر قصف فقراء اليمن في بيوتهم الهشة، شيوخاً ونساء وأطفالاً، يعرفون أنه لا يتورّع عن طلب مشهد موت احتفالي يقدّم عبره أوراق اعتماده للرئيس الأميركي الجديد، السطحي والنرجسي أيضاً والمأخوذ بلغة العظمة والتأديب والتوبيخ لمن لا يجاريه، وحيث يمكن وتسلس الآلة الأميركية له القرار يمكن له التورط بحرب بسبب سجال انفعالي مع رئيس دولة حليفة، فكيف بالخصوم؟
– يذهب محمد بن سلمان بترتيب «إسرائيلي» إلى واشنطن، سبقته إليها تفاهمات يترجمها بن سلمان بجعل مدينة الحديدة وجهته المقبلة في اليمن ومعها على الطاولة مستقبل الصواريخ اليمنية للتفاوض، والمطلبان «إسرائيليان»، عبر عنها موشي يعلون مع بدء حرب اليمن، يوم كان وزيراً للحرب في حكومة الاحتلال بقوله، إن إيلات تحت الخطر ما دامت الحديدة بيد الحوثيين، وما دامت ترسانة الصواريخ اليمنية سليمة وآمنة.
– بن يعلون أمس، يهاجم الرئيس التركي رجب أردوغان، ويتّهمه بالسعي لعثمانية جديدة كانت حتى الأمس حليفاً مطلوباً لإسقاط سورية، ومثله تتمرّد الفصائل التابعة للإمرة السعودية و«الإسرائيلية» على طلبات أنقرة بالالتحاق بأستانة، والخلاف ليس مبدئياً ولا عقائدياً ولا حتى بسياسي أو عسكري حول الأهداف والتحالفات، إنه منطق «كما تراني يا جميل أراك»، فعندما اعتقدت أنقرة بقرب التفاهم الروسي الأميركي سعت لملاقاته بدون حليفيها «الإسرائيلي» والسعودي في الحرب على سورية، وأنتجت تسوية حلب ومنها لقاء موسكو ومسار أستانة بالشراكة مع إيران، العدو الاستراتيجي لتل أبيب والرياض بمنطق المصالح، بمثل ما يشكل الأكراد قضية الأتراك.
– عندما وصل الأتراك إلى يقين التمنّع الأميركي عن قبول مقايضتهم بالتمدد الكردي، عادوا إلى موسكو وأستانة وطلبوا من جماعاتهم الذهاب، وتوطنوا مع فكرة التراجع عن الحملة المفتعلة مع إيران التي قاموا بها كرمى لعيون الأميركي أملاً بشراء رضاه كردياً، وقرروا إبقاء قضية أمنهم من البوابة الكردية سقفاً لحركتهم السورية، فسقطت المشتركات بينهم وبين الحلفاء الذين لا يريدون شراً بالأتراك، لكن لا مانع من القول أمام الأميركي «لحليفنا خصوصيته وخطابه ولنا خصوصيتنا وخطابنا»، وإن كان نفوذه في شمال سورية، فالجنوب لن يخضع للروزنامة التركية.
– يذهب بن سلمان ببركة «إسرائيلية» ليقول سنواصل الحرب في سورية واليمن، وعلى إيران وحلفائها، ولدينا قدرة الصمود، ولا تستعجلوا التسويات، وخوضوا معارك داعش شمال سورية بالتعاون مع روسيا أو بدونه، فذلك شأنكم، وبالتعاون مع تركيا أو بدونها، فذلك ايضاً شأنكم. المهم ألا يكون الثمن تسوية شاملة لكل سورية تشرّع انتصار إيران وحلفائها، فتكفي التحالفات الموضعية للحرب على داعش، ولا داعش بوجود يذكر في جنوب سورية بل إيران وحلفائها، الدولة السورية أولهم، وحزب الله ثانيهم، وما تيسر من مستشارين وحلفاء ثالثاً، وهؤلاء خطر على السعودية و«إسرائيل» وأميركا، وعندما تنضج تسوية تقيّد النفوذ الإيراني بما يرضي أميركا فهي تسوية ترضي السعودية و«إسرائيل».
– تفجيرات دمشق وممانعة الذهاب إلى أستانة تقولان إن الإمرة التركية على الجماعات المسلحة تنتهي عند حدود الشمال السوري، وتبدأ بعدها الإمرة السعودية «الإسرائيلية»، وهي إنتحارية، تنتظر الاحتضان الأميركي، فتقدم التفجيرات بانتحارييها اللذين كانا انتحاريين لبلوغ هدف يفجّران نفسيهما فيه، لأن التوقيت مهم كما تبلغا من المشغل الذي وعدهما بالجنة إن فازا بالموت اليوم وليس غداً. وها هو احتفال بذكرى «الثورة» يهديه «مرشد الثورة» بن سلمان ويباركه يعلون لثوار أعلنوا ذات يوم أنهم خرجوا طلباً لسورية مدنية سلمية تعددية.