الردّ السوري على الغارة… أبعد من إسقاط طائرة أو إطلاق صاروخ
يوسف الصايغ
باعتراف إعلام العدو، لم يمرّ العدوان «الإسرائيلي» الأخير ضدّ دمشق مرور الكرام، فقد حمل في طيّاته تطوّرات بالغة الأهميّة جعلت «تلّ أبيب» تراجع حساباتها، وهنا يكمن بيت القصيد، فالردّ السوري على الغارات جعل كيان العدو يقرّ بشكلٍ أو بآخر بتبدّل موازين القوى، وهو ما عبّر عنه المحلّل العسكري «الإسرائيلي» نوعام أمير، حيث أشار إلى أنّ «حادثة اعتراض الدفاعات الجويّة السوريّة للطائرات الحربية «الإسرائيلية»، هي حادثة دراماتيكيّة تلزم سلاح الجو برسم مسار جديد في كلّ ما يتعلّق بأيّ حرب جديدة».
نوعام أشار أيضاً إلى النشاطات الاستثنائية التي أجبرت الجيش «الإسرائيلي» على إصدار بيان غير مسبوق، اعترف فيه أنّه هاجم أهدافاً في سورية، وأنّه هوجم بواسطة منظومات الدفاع الجويّ السوريّة، وأنّه اضطرّ إلى إطلاق صاروخ «حيتس» لاعتراض الصواريخ، كما أشار المحلّل الصهيوني إلى أنّ «الأمر الاستثنائي في الحادثة هو أنّ الرادارات السوريّة التقطت طائرات الاحتلال أثناء تحليقها فوق الأجواء الفلسطينيّة المحتلّة، وإطلاق الصاروخ المعترض باتجاهها شغّل منظومة حماية السماء التابعة للجبهة الداخلية التي قامت بتفعيل الصافرات بشكل أوتوماتيكي».
إذاً بات واضحاً أنّ ما حصل اليوم ليس روتينياً، بل كسر المعادلة بشكلٍ أفقد كيان العدو التفوّق الذي كان يظنّ أنّه يتمتّع به من أجل «ضرب تسليح العدو خلف الحدود» كما يسمّيه، وبالتالي تمّ تحييد سلاح الجو «الإسرائيلي»، وهذا يُعتبر أول غيث الردّ السوري على الاعتداءات الصهيونيّة التي كانت تتمّ تحت ذرائع مختلفة، كما أنّ الردّ السوريّ لم يقتصر على التصدّي للطائرات المعادية، بل تعدّاه إلى ما هو أعمق من ذلك، حيث تمّ استهداف عمق الكيان الصهيوني بصواريخ سوريّة، وفقاً لما أكّدته صحيفة «هآرتس» الصهيونية التي أوردت أنّ صواريخ سوريّة مضادّة للطائرات سقطت شمال القدس وفي غور الأردن، وهو ما يشكّل رسالة سوريّة واضحة وصريحة، بأنّ الجيش السوري قادر على الردّ بشكل موجع على أيّ عدوان «إسرائيلي» يستهدف دمشق وباقي الأراضي السوريّة.
قد يخرج من يتبنّى وجهة النظر «الإسرائيلية» بأنّ دمشق لم تُسقط أيّ طائرة «إسرائيلية»، لكنّ هؤلاء لا يمكنهم التعمية على الحقيقة الثابتة والواضحة بأنّ دمشق اتّخذت القرار بالردّ على أيّ عدوان «إسرائيلي»، وبالطبع هذا الردّ لا يقتصر على دمشق، بل يشمل محور المقاومة ككلّ، وبالتالي الردّ يشمل «تلّ أبيب» ومن يدور في فلكها، وربما هذا ما دفع المسؤولين والمحلّلين الصهاينة للإعلان أنّ حكومة «تل أبيب» لا تريد التصعيد مع دمشق، وبالتالي الردّ السوري هو أبعد من إسقاط طائرة أو إطلاق صاروخ، بل هو يحمل في طيّاته معالم المرحلة المقبلة والردّ على أيّ عدوان «إسرائيلي» في المستقبل.
في الخلاصة، يمكن القول إنّ الغارة «الإسرائيليّة» الأخيرة كشفت ما هو أهمّ وأخطر من الردّ السوري عبر الصواريخ التي طالت كيان العدو، فقد كشفت أنّ العدوان الذي يستهدف سورية منذ ست سنوات، المتمثّل بإضعاف الجيش السوري والحدّ من قدراته الردعية بوجه «إسرائيل»، لم يحقّق هدفه المنشود. بل أثبت الردّ السوري أنّ دمشق ورغم ما تعرّضت له لا تزال تمسك زمام المبادرة، وربما هذا ما يفسّر الدخول «الإسرائيلي» المباشر على خطّ الحرب على سورية، بعدما لمست فشل أدواتها الإرهابيّة في تنفيذ المخطّط المرسوم، والتي باتت بدورها تسعى إلى تعويض خسائرها الميدانيّة عبر التفجيرات الإرهابيّة التي تستهدف المدنيّين.