في الربع الأخير: بن سلمان ونتنياهو قادة النصرة علناً
ناصر قنديل
– طوال سنوات ست مضت كان الأتراك الأشدّ حضوراً بين حلفائهم على ساحة الحرب السورية بين الدول المشغلة والمحركة لحرب وضعت لها واجهات تخفي وجوهاً وتصير الوجوه واجهات مرة ثانية للوجوه الحقيقية. فالأميركي الذي لم يظهر إلا عندما صار عنوان الحرب على الإرهاب مظلة مناسبة، يحفظ لنفسه دوراً محسوباً ومفتوحاً على التصعيد والتسويات معاً، منذ أن سحب أساطيله من البحر المتوسط صارفاً النظر عن التورط بحرب يعلم كيف تبدأ ولا يعلم كيف تنتهي، تاركاً لحلفائه أصحاب المصلحة في خوض الحرب وفقاً لمعادلة وجودية، كما هو حال «إسرائيل» والسعودية، وللتمرجح فوق الحبال، كما هو حال تركيا، ليرصد الحاصل الإيجابي لهم جميعاً في حسابه ويدوّن الحاصل السلبي لكل منهم على حسابه الخاص ديناً عليه، فيصير الأميركي متخفياً وراء الثلاثي التركي السعودي «الإسرائيلي».
– الثلاثي الذي جلب تنظيم القاعدة بنسختيه ووزّعه على الجبهات وموّله وسلحه وأدار حركته، ويخشى انقلابه، ويريد استخدامه، يعرف أن تجارة القاعدة غير رابحة في السياسة ولو اعتبرها تجارته الوحيدة في الميدان مع معارضة سورية هزيلة وهشّة ولا تصمد ساعة في ميادين الحرب بوجه الجيش السوري وحلفائه، جعل القاعدة قناعاً يختبئ وراءه، وجعل للقاعدة قناعاً تختبئ وراءه بدورها هي واجهات المعارضة. ومن علامات الدخول في الربع الأخير لساعة الحرب إقدام اللاعبين الكبار بالنزول إلى الميدان مباشرة، لأن الأقنعة استهلكت والمعركة حساسة ولا مكان للخطأ، ولا رهان على اللاعبين الصغار في الحسابات الكبيرة. فالقاعدة التي خبأها المشغلون وراء تشكيلات المعارضة صارت علناً هي مَن يقاتل. وها هي معارك درعا والقابون وجوبر شمال دمشق تعلن ببيانات رسمية لجبهة النصرة وفيلق الرحمن، وبالمقابل ها هي إسرائيل تخرج علناً بقصف مواقع للجيش السوري وحلفائه شرق تدمر بعدما سقطت أكذوبة تدمير قوافل صواريخ هناك.
– الحركة «الإسرائيلية» العسكرية تريد إعاقة الجيش السوري عن الإمساك بالضفة الجنوبية لنهر الفرات، الذي تمسك داعش بنصف ضفته الشمالية ويجري التسابق على النصف الثاني بين داعش والأكراد والجيش السوري من جهة الحسكة ودير الزور، وهدف الإعاقة «الإسرائيلية» بضرب مقدّمة الجيش السوري الواصلة نحو الفرات منح الوقت لتلاقي جماعات دربها «الإسرائيليون» من المعارضة تدخل من الحدود الأردنية والسورية العراقية، وسبق وجرّبها الأميركيون في معارك التنف على الحدود السورية العراقية وفشلت، ويفترض أن تصل عبر البادية لنهر الفرات ويلاقيها الأكراد من الحسكة بأوامر أميركية، فيقطع طريق بلوغ دير الزور على الجيش السوري بهذا التواصل من التنف حتى الفرات لجماعات يقودها الأميركيون و«الإسرائيليون»، ويجري إسقاط معادلة المثلث الذي حققه الجيش السوري بين تادف وتدمر ودير الزور.
– الفشل «الإسرائيلي» بسبب الرد السوري الصاعق ومستواه الذي جعل المواجهة على مستوى «إستراتيجي» أعلى بكثير من توقعات قادة حكومة بنيامين نتنياهو، وردّ العفل الروسي على الغارات «الإسرائيلية»، وضعا الحركة «الإسرائيلية» في موقع تضيق خياراته، ويرفع مستوى التحدي، ويضع العلاقة الروسية الأميركية في امتحان يسقط أي فرصة لدور «إسرائيلي» مقبل في الأجواء السورية. فالأميركي هو الذي منح «الإسرائيلي» تنفيذ المهمة وسلّمه مفاتيح دخول الأجواء السورية بالسير وراء طائراته في التوقيت ذاته لغارة أميركية غرب حلب على مواقع تنظيم القاعدة، والحاصل أن ما بدأ بتخديم تكتيكي لفرع من الحرب دخله «الإسرائيلي» صار بمستوى تقرير مصير وجود «الإسرائيلي» في المعادلة السورية. فاقتضى الأمر دخول السعودي مباشرة لتقوم جبهة النصرة بتفجير المواجهات في دمشق، منعاً للتردّد «الإسرائيلي» وتأكيداً للقدرة على التحرك وتقديم الإثبات للأميركي بالقدرة على تغيير المعادلات، استكمالاً لما قام به «الإسرائيلي» من موقع الشريك في الميدان وفي إقناع الأميركي أثناء زيارة محمد بن سلمان لواشنطن لمنح الوقت للثنائي السعودي «الإسرائيلي» بقيادة حرب جنوب سورية ضد الدولة السورية وحلفائها، بعيداً عن معادلات التعاون مع الروس، ومعادلات الاتفاق والخلاف مع الأتراك، في شمال سورية.
– لا يخفي رموز الإعلام السعودي وقادة وفد التفاوض لجماعة الرياض أن التفجير قامت به النصرة وأن قوة فيلق الرحمن تقود القتال على جبهة أخرى، وأن المعارضة للكلام فقط، ولا يخفون أن توقيت التفجير يرتبط بالسعي لمنع الجيش السوري من قطف ثمار حرب الصواريخ مع «الإسرائيلي».
– اللاعبون على المكشوف واللعب على المكشوف… «إسرائيل» قبالة سورية وجهاً لوجه.. والباقي كومبارس.