لا قيمة للقمة العربية… ولا بدّ من إقامة مجلس التعاون المشرقي

د. أحمد مرعي

ينعقد يوم غد الأربعاء 29-3-2017 اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورتها الثامنة والعشرين.

يقول ميثاق الجامعة الذي يحدّد أهداف الجامعة وكيفية عملها إنّ جامعة الدول العربية نشأت كمنظمة إقليمية عربية لأجل:

– توثيق الصلات بين الدول الأعضاء فيها.

– تنسيق الخطط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية.

– تحقيق التعاون الجماعي وحماية الأمن العربي، وكذلك صون استقلال الدول الأعضاء وسيادتها.

– تعزيز العمل العربي المشترك في المجالات المختلفة.

انطلقت الجامعة من هذه الأهداف لتحقيق آمال الشعوب العربية، ولتشكّل الإطار الذي يجمع بينها ويدافع عنها. إلا أنّ جامعة الدول العربية لم تكن على هذا المستوى من الآمال، فلم تستطع أن تعالج هموم العرب، ولم تدافع عن قضاياهم الأساسية، كمسألة فلسطين التي شكلت تحدّياً كبيراً للجامعة منذ تأسيسها حتى اللحظة، وقضايا كثيرة أخرى، مثل عدم القدرة على إيقاف الحرب اللبنانية التي استمرّت سنوات طويلة، والحرب الأميركية على العراق، وتقسيم السودان، وضرب الناتو ليبيا ووقوعها اليوم تحت خطر التفكيك… والقائمة تطول.

لم يقف الأمر عند حدّ عدم إيجاد حلّ لما تعانيه الدول العربية ويُفترض أن تشكّل الجامعة سداً منيعاً لدرء الأخطار عنها، بل راحت الجامعة على عكس ما ينادي به ميثاقها. وظهر هذا الأمر جلياً وواضحاً من خلال القرارات غير القانونية التي اتخذت في حق سورية.

تحضر اليوم المسألة السورية بقوة في اجتماعات القمة، ولا تزال الأزمة السورية الملف الأكثر سخونة في المنطقة، إنما يبقى مقعدها شاغراً بسبب التغييب المتعمّد لممثلها الرسمي، فأية قيمة لأيّ قرار أو خلاصة تصل إليها هذه القمة بعد أن أصبحت الجامعة العربية تنفذ مشاريع دول خارجية؟ وضربت عرض الحائط بميثاقها ونظامها الداخلي، الذي لم تُعِرْه أيّ اهتمام في تعليقها عضوية دولة عضو ومؤسّس فقدت بتغييبها هذه الجامعة رونقها ومكانتها.

لا بدّ من التذكير بأنّ ما اتخذته الجامعة من قرارات وعقوبات في حق سورية يُعدّ انتهاكاً خطيراً لميثاقها، ويؤشر على ضرب العلاقات العربية – العربية وفشل الجامعة في متابعة الشؤون العربية، وإعلان حرب على سورية، وتدخّل سافر في شؤونها، كما يهدف إلى ضرب المقاومة في المنطقة عبر إنهاء التحالف القائم بين سورية والمقاومة وإيران.

هذه القرارات تنتهك ميثاق الجامعة، ولا سيما المادة 18 منه التي تقول: «لا يمكن أخذ أيّ قرار بتعليق عضوية إحدى الدول أو فصلها من الجامعة إلا بالإجماع مع استثناء الدولة التي يُتّخذ الإجراء بحقها»، بالإضافة إلى أنّ «الإجماع يجب أن يكون حاصلاً على مستوى القمة» في مثل هذه الحالات. وقعت الجامعة في مخالفة واضحة وصريحة لميثاقها عندما قرّر الاجتماع الوزاري العربي تعليق عضوية سورية في الجامعة.

كما أنّ المادة 8 من ميثاق الجامعة تقول بوجوب احترام الجامعة العربية الأنظمة السياسية القائمة في الدول، وعدم التدخل في الشؤون السياسية لأيّ دولة عربية. ولا ينتهي انتهاك الجامعة لميثاقها عند هذا الحدّ، إنما يمتدّ إلى انتهاك ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على ضرورة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وضرورة احترام سيادة كلّ دولة وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وترك الحرية لها في اختيار النظام السياسي الذي تريده، ما يؤكد عدم جواز تدخل المنظمة الدولية في شؤون أيّ دولة.

هذه الخروق والتجاوزات كلّها التي ارتكبتها جامعة الدول العربية في حق سورية تقودنا إلى القول إنّ الجامعة سقطت سقوطاً مدوّياً كمؤسسة راعية للقضايا العربية، ولا قيمة لقمّة تُعقد هنا أو هناك في ظلّ غياب دولة عضو ومؤسس وفاعل فيها هي سورية، ما يستدعي من شعوب المنطقة استبدالها بمؤسسة أخرى تكون أكثر فاعلية في إعادة إحياء العمل العربي المشترك لمواجهة المخططات والمؤامرات التي تستهدف شعوب المنطقة، بعدما فشلت سائر محاولات إصلاحها وعلى مدى عقود من الزمن.

هنا تبرز المبادرة التي أطلقها الرئيس السابق للحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان في مؤتمر صحافي في 3/7/2013، والتي دعا فيها إلى إنشاء مجلس تعاون مشرقي يجمع دول بلاد الشام والعراق ويستند إلى العامل الاقتصادي ويكون العمود الفقري فيه، ويحقق المصالح العليا للشعب في دول المنطقة. كما أنه يرفع مستوى التنسيق بين الدول العربية، لا سيما أنّ هذا المجلس لا ينتزع أيّ مهمّات أو اختصاصات تضطلع بها منظمة الأمم المتحدة. وقد لجأت دول عديدة إلى التجمّعات الاقتصادية الإقليمية وسبقتنا إليها مثل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ومجلس التعاون الخليجي.

نائب/ عضو المكتب السياسي في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

Back to top button