الفرق بين العميل والتابع وبين الوكيل والأصيل

د.رائد المصري

هدف ومشروع الضربة الاستعمارية الأميركية على سورية مؤخراً كان واضحاً، وهو لوقف الهجوم الواسع للجيش العربي السوري وحلفائه على قوى الإرهاب، والتحريض على الدولة السورية لدفع أميركا إلى التدخّل العسكري فيها، من أجل تغيير موازين القوى الميدانية لمصلحة الإرهابيين وتمكينهم من إسقاط الدولة السورية، وأنّ الكيان الصهيوني الاستعماري ولوبيه الأميركي، وكذلك تيار العسكر في واشنطن ودوله الوظيفية من الرجعيات العربية المنخرطة في الحرب على سورية، كانوا يضغطون بهذا الاتجاه، وأرادوا دفع ترامب لفتح حرب مباشرة على سورية… هناك ننطلق لنورد بعض الحقائق من دون تكرار، والتي أصبحت بمثابة مسلمات، وهي:

أولاً وبمجرد أن تكون نُخب عربية وشرائح لشعب عربي ولو كانوا قلَّة تُهلِّل لضربات أميركا الصاروخية على الدولة الوطنية السورية، أو حتى أن تصمت، لهو أمرٌ يطرح إشكاليات كبيرة تتعلَّق بالعقل وبالكرامة وبالوعي وبالإدراك، وهي حقائق مفقودة لا أحد يريد تعويضها…

ثانياً: مع العدوان الأميركي الاستعماري على سورية انْتفَتِ الحاجة حتى لو كانت ضرورة، بالحديث عن تغيير وإصلاح وقيام ما يسمُّونه بالتعدُّديات وحركات الديمقراطية الأميركية المشوَّهة… مع إيماننا المطلق بالعمل الديمقراطي والحرية الوطنية المسؤولة…

ثالثاً: بالعدوان الاستعماري الأميركي على سورية توضَّحت الصورة أكثر في صراعنا الوجودي مع هذه الآلة الاستعمارية الغربية وأدواتها «الإسرائيلية» ومن بعض الرجعيات العربية، فهو صراع وجودي مع كيان غاصب لأرض فلسطين ومع حركات تكفيرية إرهابية تدعمها أميركا وأدواتها الإقليمية للسطو على البلدان العربية ووضع اليد على مقدراتها وخيراتها…

رابعاً: بالعدوان الاستعماري الأميركي على سورية باتت كلُّ المعارضات السورية: الداخلية منها والخارجية… السلمية منها والعنفية… الليبرالية فيها والتكفيرية… بحكم الملغاة وافتقاد المعنى للعمل والتأطير السياسي… لأننا أمام مواجهة مفتوحة مع المستعمِر وهذا يتطلّب بدوره تقديم الأولويات في مواجهة الاستعمار التكفيري والصهيوني، ولا ضرورة لوصف هذا الخطاب بالخشبي أو بأولوية المعركة…

خامساً: بالعدوان الاستعماري الأميركي على سورية باتت ضرورة تقديم كل هذه المعارضات السورية الدنيئة التي استساغت وطبَّلت للضربة الاستعمارية على سورية، أمام المحاكم بجرم العمالة والتآمر على الوطن. وهو بالتالي ما يجب إبعادها أكثر من أيِّ وقت مضى على أن يكونوا في قلب المعادلة السياسية السورية، لكونهم لا يُستأمنون على الأرض وعلى العِرض… وبطبيعة الحال الخائن لا يؤتمن، فهذا منطق الأمور والطبيعة…

سادساً: بالعدوان الاستعماري الأميركي على سورية انتفت أو أُلْغِيت، ويجب أن تُلغى أي حاجة للحديث عن حلٍّ سياسي، وبات واضحاً أنَّ معركة الوجود لا تتطلَّب حلولاً سياسية، بل قضاءً تاماً على قوى الإرهاب والتكفير وداعميهم ومشاريعهم التدميرية.

سابعاً: بالعدوان الاستعماري الأميركي على سورية نكون أو لا نكون في هذه المنطقة، وهذه قاعدة وَجَبَ العمل بها من الآن فصاعداً، فلا الخطاب الاعتدالي ولا الحقوق الإنسانية ولا الجمعيات الحقوقية ولا المشاريع التسووية وأنصاف حلولها، تنفع مع هذه القوى الظلامية التكفيرية ورعاتهم الصهاينة وأربابهم كالمستعمر الأميركي الذي لم يتوانَ عن استخدام أسلحة الدمار الشامل بحق الشعب الأعزل في هيروشيما وناكازاكي…

ربَّما تكون هذه النقاط السبع مشابهة في الردِّ على البنود السبعة التي طرحها الغرب الاستعماري في مجلس الأمن لاتهام سورية باستعمال ألأسلحة الكيماوية في خان شيخون والترويج إعلامياً والتحضير المُسبق للانقضاض على الدولة الوطنية السورية… هذه الدولة التي يتناتش الغرب الاستعماري على التقطيع في أوصالها في عملية افتراس وحشية، لإنهاك جسدها وتحويله إلى جثَّة مرمية تتكالب عليها خنازير البرية وضباعُها وكلابُها التي تقتات على القُمامة والجِيَف، وهو حالُ بعض العرب الذين فرحوا لضربات ترامب الصاروخية على سورية، وطالبوه بالمزيد منها وشدُّوا على يديه الملطَّختين بدماء العرب والمسلمين وبسيف التكفير.

هؤلاء البعض من العرب الغلمان ومن المخصيّين، ذوي عقول البداوة المقنعة والمغلقة، أرادوها حرباً وجودية لتثبيت عروشهم وسلطاتهم، ولإثبات ولاءاتهم وتابعيتهم، وكذلك لإثبات عمالتهم وامتهانهم لهذه العمالة، فكانت حروبهم وضحايا الشعب العراقي وتقسيمه وتفتيته… وكانت حربهم في اليمن التي دمرت وشرَّدت شعبه وجوَّعته… وكانت حربهم على ليبيا وتحويلها دولة فاشلة وقبائل متناحرة لنهب النفط والخيرات فيه… وكانت حربهم البدوية القذرة على سورية لتدميرها وتشريد شعبها ورميه في البحر الأوروبي، من أجل ابتزاز أردوغاني رخيص يحمل راية الحكم الإسلامي وإخوانه التدميرية…

هؤلاء البعض من العرب هم فعلاً أشباه الرجال كي لا نجلد الذات في كلِّ حين وفي كلِّ مرة…

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية

اترك تعليقاً

Back to top button