الأسد: الكيميائي مفبرك وجاهزون لتحقيق نزيه… والضربة لم تؤثر فينا قانون التأهيل في القضاء والنسبية في المحافظة بين نسختَيْ بري وباسيل
كتب المحرّر السياسي
فجأة تغيّر الخطاب الرئاسي الأميركي تجاه العلاقة بروسيا ومستقبل سورية، وأُعلنت من موسكو وواشنطن العودة للتفاهم حول الملاحة الجوية في سورية والتعاون لتحقيق مهني بالتشارك مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وصار الرئيس الأميركي واثقاً من أنّ العلاقة مع روسيا على ما يُرام، وجازماً بأنّ مستقبل التسوية في سورية ليس مشروطاً برحيل رئيسها، وأعلنت الصين أنّها مستعدة لتقديم ضمانات الحماية لكوريا الشمالية إذا وافقت على نزع سلاحها النووي، وظهرت مقالات في مراكز الدراسات الأميركية عن تكتّل رباعي روسي أميركي صيني ياباني لتمويل مشروع طويل الأمد في كوريا الشمالية، وضمانات لأمنها إذا نجحت معها مفاوضات تنتهي بنزع سلاحها النووي.
في هذا المناخ ينعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي الروسي السوري الإيراني، وعلى خلفية تفاهم الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب أردوغان على تحريك وإنعاش مسار أستانة، بعدما كان مقرّراً لاجتماع موسكو بين وزراء خارجية الحلفاء، الروسي سيرغي لافروف والإيراني محمد جواد ظريف والسوري وليد المعلم، أن يناقش خطوات التسليح لسورية والتصعيد رداً على العدوان الأميركي، ليتحوّل إلى لقاء تشاوري في ضوء المستجدّات التي سيبلّغها لافروف لنظيريه الإيراني والسوري، بينما كان الرئيس السوري يتحدّث بلغة الواثق من صدقية مواقف الدولة التي يرأسها، بعدم امتلاكها سلاحاً كيميائياً منذ توقيعها اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وتنفيذ موجباتها، لا يخشى تحقيقاً نزيهاً ومحايداً، بقدر ثقته من نصر بلده على قوى الحرب، والإرهاب في مقدّمته، من دون الثقة بجدية الغرب وعلى رأسه أميركا بخوض هذه الحرب وإلا لصاروا شركاء لسورية بدلاً من العدوان عليها بذريعة حادث كيميائي مفبرك، والضربة لم تؤثر لا معنوياً ولا مادياً بمقدرات سورية ولا بعزيمتها، وهي سائرة إلى النصر حكماً.
لبنانياً، انجلت محادثات أول أمس، التي أرست قواعد التوافق على صيغة لقانون الانتخاب قائم على اعتماد الانتخابات على دورتين، الأولى تأهيلية لعدد من المرشحين يعادل على الأقلّ ضعف النواب، على مستوى الأقضية وفقاً للنظام الأكثري، والثانية على مستوى المحافظات وفقاً للنظام النسبي، عن نسختين للصيغة، صيغة أصلية هي التي دعا إليها على طاولة الحوار الوطني رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والصيغة التي نتجت عن تعديلات وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل على صيغة بري، وتنحصر التعديلات، بتعديل المحافظات من صيغة الخمس إلى العشر، وتعديل التأهيل من القضاء إلى حصرها بناخبي طائفة المقعد في القضاء، وتعديل الصوت التفضيلي في المحافظة من جعله متاحاً لكلّ ناخبي المحافظة إلى حصره بناخبي القضاء وإنْ أمكن ناخبي طائفة المقعد النيابي في القضاء، ورابعاً فتح النقاش حول اعتماد مرشحين فقط لكلّ مقعد بنتيجة التأهيل أو ثلاثة، أو اعتماد نسبة تصويت ينالها المرشح ليصير مؤهلاً، ومثلها تحديد عتبة الفوز بالنظام النسبي بـ10 من الأصوات أو بأكثر، بهدف تقييد فرص الفوز أمام اللوائح الصغيرة.
النائب وليد جنبلاط شنّ حملة علنية واسعة على صيغة باسيل ودعا للعودة إلى المختلط، وفقاً لما أودعه لدى الرئيس بري، ملوّحاً بما يتخطى التحفظ والتصويت في الحكومة عند مناقشة القانون، إذا برزت نيات اعتبار معارضته مجرد ضرورة ديمقراطية شكلية.
مصادر متابعة قالت لـ«البناء» إنّ المبدأ كغيره من المبادئ التي تمّ اعتمادها أساساً لتوافق سابق ثم تكفلت التفاصيل بتغيير المسار عنها، ما يجعل الحسم بكون ما تمّ باباً نهائياً للتوافق لا يزال مبكراً طالما التحفظات لا تزال تصيب الأساسيات، والخلافات تطال نقاطاً جوهرية.
دخلت البلاد في عطلة عيد الفصح بعد أن تجاوزت أزمة سياسية وأمنية خطيرة كادت أن تقع أمس، أما المجلس النيابي فسيدخل بدوره في استراحة لمدة شهر واحد وترحّل بنود الموازنة التي أحالها رئيس الجمهورية الى المجلس النيابي أمس الأول وسلسلة الرتب والرواتب، على أن تبدأ القوى السياسية جولة مفاوضات جديدة حول قانون الانتخاب وتخوض سباقاً مع المهل الدستورية وحرب صلاحيات حتى انتهاء ولاية المجلس النيابي بينما ستكون جلسة 15 أيار المقبل مفصلية لجهة حسم مسألة التمديد للمجلس الحالي إذا لم يُقرّ قانون جديد.
وفي حين تتحدّث المعلومات عن شبه توافق مبدئي بين المعنيين على صيغة التأهيل على مرحلتين التي قدّمها رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل مع إضافة بعض التعديلات، تستكمل اللجنة الوزارية المكلّفة بحث قانون الانتخاب اجتماعاتها الثلاثاء المقبل لعرض مسودة مشروع قانون على مجلس الوزراء.
لكن هل سيتمكّن مجلس الوزراء من إنجاز القانون وإقراره في المجلس النيابي قبل جلسة 15 أيار المقبل؟ لا سيما أنّ ليس لدى المجلس وقت كافٍ لمناقشة القانون والتصويت عليه، خصوصاً أن العقد العادي ينتهي في 31 الشهر المقبل ومن غير المضمون أن يوافق رئيس الجمهورية على فتح دورة استثنائية للمجلس.
جنبلاط: التأهيل طائفي ونرفضه
وإذ استبق رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط بدء المشاورات الانتخابية الجديدة برفضه صيغة التأهيل بقوله عبر تويتر: «اثنان وأربعون عاماً لاحقاً يا له من عقل مريض يُطل علينا بقانون انتخابي يفرز ويفرّق بدلاً من أن يقرّب ويجمع».
واعتبر جنبلاط في حديث آخر أنه بـ«مجرد التكلم عن التصويت على تأهيل طائفي، فذلك يعني إنهاء الشراكة»، ولفت إلى أن «القانون الانتخابي على أساس الطائفية مخالفة للدستور وسنعترض على هذه الصيغة».
وقالت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي لـ«البناء» إن «اقتراح باسيل طائفي ويقسم المجتمع اللبناني أكثر مما هو مقسّم والمطلوب قانون يحفظ الشراكة والتنوع والتعددية، فلا يمكن أن نبني وطناً وكل طائفة تنتخب نوابها وكل مذهب ينتخب نوابه، فخلال الحرب الأهلية لم يتم الحديث بهذا المنطق الطائفي».
ولفتت المصادر الى أن «المشاورات قائمة بشكلٍ أو بآخر مع الأطراف الأخرى، ولم نبدِ موافقتنا على هذا الاقتراح، وموقفنا حيال التأهيل هو نفسه موقفنا حيال القانون الارثوذكسي»، مشيرة الى أن «ليس الحزب الاشتراكي فقط من يرفض اقتراح التأهيل، بل هناك قوى أخرى عبّرت عن رفضها وأبدت ملاحظات عليه، والأمر بالنسبة لنا ليس فقط دمج الشوف وعاليه في دائرة واحدة، لأنه أمر محسوم، بل إن تداعيات هذا القانون ستكون سلبية وخطيرة على مستقبل لبنان، ونحنا قدمنا اقتراحاً لرئيس المجلس النيابي نبيه بري يؤمن الشراكة ويلقى قبول معظم الأطراف، والأمر بعهدة الرئيس بري».
أما موقفنا في مجلس الوزراء حيال اقتراح باسيل تضيف المصادر، فهو «مرتبط بمدى ذهاب القوى المعنية الى إقراره في مجلس الوزراء. الصيغة من دون موافقتنا عليها، لكننا لن نستبق التطورات قبل أن يتبلور الاقتراح ومواقف الأطراف كافة».
غير أن مصادر أخرى قالت إن مشاورات تجري بين رئيس الحكومة سعد الحريري والنائب جنبلاط لإقناعه بالسير بهذا الاقتراح مقابل ضمانات يقدّمها الحريري ببعض المقاعد في بيروت وراشيا، فوعد جنبلاط بدراسته».
وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق أن الرئيس الحريري وافق على النسبية وعلى التقسيمات الإدارية، كما وافق على كل ما تمّ التحدث فيه، من دون الالتزام، إلا إذا كان هناك صيغة نهائية وبموافقة الجميع، لكن فتح المجال للمناقشة الإيجابية في المواضيع كلها وأتمنّى أن تكون مهلة الشهر كافية للوصول إلى النتيجة المرجوّة».
حزب الله: التمديد إذ تعذّر إقرار «القانون»
وقالت مصادر مطلعة لـ«البناء» إن «اقتراح باسيل التأهيل على مرحلتين كان قد حصل عليه اتفاق في وقتٍ سابق، وتأجّل بعد وضع باسيل شروطاً إضافية عليه تتعلّق بمجلس الشيوخ، لكن وبعد وصول البلد الى مفترق خطير عشية جلسة التمديد تقدّم هذا الاقتراح وحصل شبه اتفاق على إعادته الى النقاش قبل تأجيل الجلسة».
ولفتت المصادر الى أن «حزب الله وافق على هذا الاقتراح بعد أن تمسّك بالنسبة الكاملة بعد تعذّر البديل ويعتبر أنه المتوفر حالياً»، موضحة أن «الانتخاب في المرحلة الثانية على النسبية يكسر حدة الانتخاب الطائفي في المرحلة الأولى، وبالتالي كل مرشح فائز على مستوى طائفته في المرحلة الأولى سيكون بحاجة الى أصوات الدائرة الانتخابية الموسعة على أساس المحافظة وفقاً للانتخاب النسبي».
لكن المصادر لفتت الى أن «هناك قوى أخرى لم توافق عليه كالحزب الاشتراكي والقوات، ما يعني أن الأمر لم يحسم ولا زلنا في مرحلة مناقشة الافكار الأولية وربما يحتاج الى وقت طويل ليصبح قانوناً رسمياً مقرّاً في مجلسَيْ الوزراء والنواب، غير أنها أكدت أنه في حال لم يُنجز قانون يوافق عليه جميع المكوّنات قبل جلسة 15 أيار، فإن المجلس النيابي سيتّجه مجدداً الى التمديد لنفسه ولا يمكن القبول بالفراغ».
ولفتت الى أن «الوقت بات ضيق أمام التوافق، لكن إذا توافرت النية والإيجابية والارادة السياسية يحتاج الأمر الى ايام لإنجاز القانون وتحديد مواعيد الانتخابات النيابية».
تفاول «التيار» ورفض قواتي
وفي ما أعربت أوساط التيار الوطني الحر عن تفاؤلها حيال التوافق على اقتراح باسيل، لا يزال رفض التأهيل سيد الموقف في معراب ولم تفض المشاورات بين التيار والقوات الى نتيجة حتى الآن، في ظل تمسّك القوات باقتراح المختلط الذي قدّمه باسيل.
وأمل الرئيس ميشال عون بأن «تكون المهلة التي أتاحها قراره تأجيل انعقاد المجلس النيابي، فرصة إضافية يتم خلالها الاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية يجسّد تطلعات اللبنانيين وآمالهم».
وقال رئيس الجمهورية أمام زواره أمس: «سيكون للبنانيين قانون انتخابي جديد، كما التزمت في خطاب القَسَم، وأنا على ثقة بأن القيادات المعنية سوف تكثف اتصالاتها واجتماعاتها للوصول الى مثل هذا القانون، الذي يحفظ مصلحة لبنان واللبنانيين من دون أي تمييز بينهم، ويفسح في المجال أمام إجراء الانتخابات النيابية في المواعيد المناسبة في أجواء من الحرية والديمقراطية».
عين الحلوة نفض غبار المعركة
على صعيد آخر، نفضت عين الحلوة أمس غبار المعركة التي استمرّت ستة أيام وخلّفت ضحايا وأضراراً مادية هائلة، وبدأ النازحون بالعودة الى المخيم وتفقد الأهالي ممتلكاتهم، فيما باشرت اللجان الشعبية والمبادرات الشبابية برفع الأنقاض وآثار الاشتباكات من الشارع الفوقاني وإصلاح شبكتي الكهرباء والمياه، فيما عقدت اللجان الشعبية الفلسطينية اجتماعاً لها تدارست فيه سبل إغاثة الأهالي والبدء بمسح الأضرار لتأمين التعويضات.