إعلان «إسرائيلي» عن اعتراض الباتريوت لطائرة دون طيار فوق الجولان قانون ميقاتي والتأهيلي يتنافسان في الوقت الضائع ولكلّ منهما حلف ثلاثي
كتب المحرّر السياسي
أكدت مصار عسكرية على صلة بمتابعة الحرب في سورية، وبصورة خاصة المداخلات «الإسرائيلية» فيها، لـ«البناء» أن لا مواقع لحزب الله ولا مستودعات ولا مخزون صواريخ من ضمن الأهداف التي أصابتها الصواريخ «الإسرائيلية» فجر أمس، وأنّ الأضرار المادية التي نجمت عن الغارة لا تشكل سبباً لها، بقدر السعي لتأكيد القدرة «الإسرائيلية» على البقاء على خط الحرب في سورية بعد معادلات الدرع التي رسمتها الصواريخ السورية خلال غارة تدمر التي وقعت قبل شهر تقريباً.
الغارة «الإسرائيلية»، وفقاً للمصادر نفسها محاولة لإعادة رسم قواعد اشتباك سعى «الإسرائيليون» لتكريسها منذ أن فاجأتهم الصواريخ السورية في الغارة التي سبقت غارة تدمر، وهي معادلة اللجوء لصواريخ موجهة من طائراتهم من خارج الأجواء السورية أو من النقاط الحدودية في الجولان المحتلّ، والتي حاولت رسم نطاق ستين كليومتراً من حدود سورية تجاه الجولان ولبنان كمنطقة عمليات «إسرائيلية».
المصادر تقول إنّ التسليم «الإسرائيلي» بمعادلة الردع لمنعهم من دخول الأجواء السورية الذي فرضته القيادة السورية بصواريخها وقرار استخدامها لا تعني قبول سورية ولا رضى من المقاومة على التسليم باعتبار المعادلة «الإسرائيلية» الجديدة أمراً واقعاً، بل مجرد نزول عن السلم لدرجة أو درجتين، ما يعني العمل لإنزاله إلى المزيد حتى تحقيق الدرع الشامل لحرمة الأجواء والأراضي السورية، ولذلك توقعت المصادر أن لا تمرّ الغارة من دون ردّ يفتح الباب لكسر المعادلة «الإسرائيلية» الجديدة.
ليلاً أعلن «الإسرائيليون» أنّ شبكة صواريخ الباتريوت في شمال الجولان المحتلّ تمكّنت من رصد طائرة من دون طيار تدخل نطاق الرادارات من جهة الأراضي السورية، وقال «الإسرائيليون» إنهم أطلقوا صاروخ باترويت قام بإسقاط الطائرة.
في خط موازٍ لم تنفع الغارة «الإسرائيلية» كما قبلها الضربات الأميركية في تغيير الوقائع التي يرسمها الميدان لصالح الجيش السوري وحلفائه، فالمعنويات التي تشكل مصدر نتاج الميدان لم تتأثر سلباً على الضفة السورية ولا تأثرت إيجاباً على الضفة المقابلة.
لبنانياً، يبدو الحراك على تبلور تحالفين متقابلين، لا يزال حزب الله يحاول تدوير الزوايا بينهما، قد بلغ مرحلة التموضع على بديلين متقابلين للعجز عن إنتاج قانون جديد للانتخابات، حلف يرتضي الفراغ وصولاً لانتخابات على أساس قانون الستين، ويضمّ التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ويبدو تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري قد انضم إليه، وفي المقابل حلف يرى التمديد بديلاً لمنع الفراغ والعودة إلى قانون الستين بانتظار إنتاج قانون جديد، ويضمّ ثنائي حركة أمل ورئيسها رئيس مجلس النواب نبيه بري والحزب التقدمي الاشتراكي ورئيسه النائب وليد جنبلاط، ويبدو حزب الله قد صار جزءاً من هذا الحلف، رغم حرصه على مواصلة مساعيه التوفيقية بين الحلفين المتقابلين، خصوصاً في ظلّ مساعٍ لطرح مشاريع قوانين تحاول التوصل لتفاهمات قبل حلول الخامس عشر من أيار كموعد لمواجهة متوقعة بين الخيارين والحلفين، ويتقدّم المشاريع قانونان، الأول هو قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي أعلن جنبلاط لأول مرة قبوله بديلاً ممكناً، وهو يعلن نهاية حلفه الذي تأسّس منذ أكثر من عشر سنوات مع تيار المستقبل والحريري وهو مشروع يلقى قبولاً من الرئيس بري ومن حزب الله. والمشروع الثاني هو التأهيلي الطائفي والنسبي في المحافظات الذي يسوّقه الرئيس الحريري متبنياً لما تفاهم عليه التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، بينما يجري التداول بمشروعين متشابهين يعمل عليهما كلّ من الرئيسين بري والحريري يقومان على النسبية الكاملة والدوائر الموسّعة وإنشاء مجلس شيوخ، لا تبدو وفقاً لمصادر متابعة سهولة ولادتهما.
لقاءات مكثفة ومفتوحة
تكثّفت اللقاءات وفُعِّلت خطوط التواصل بين القوى السياسية كافة أمس، ونشطت المساعي التي يبذلها أكثر من طرف لا سيما رئيس الحكومة سعد الحريري، لاستغلال ما تبقى من أيام وليالي المهلة المتبقية قبل جلسة 15 الشهر المقبل، بعدما خلط رئيس الحكومة الأوراق وضيّق الخيارات بإعلانه من عين التينة أمس الأول رفضه التمديد، لتنحصر الخيارات، كما قالت مصادر «أو تي في»، بين قانون يقوم على النسبية الكاملة ومجلس الشيوخ أو التصويت على التأهيلي أو الوصول الى الهاوية بينما لا مكان في خيارات رئيس المجلس النيابي نبيه بري للتأهيلي الذي وصفه رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط أمس بالمتخلّف.
واستقبل الحريري مساء أمس، وزير المال علي حسن خليل في السراي الحكومي، وبحث معه موضوع قانون الانتخاب.
وبحسب مصادر مطلعة لـ«البناء» فإن اجتماعات الحريري مفتوحة مع الرئيس بري وكل القوى، لمحاولة إيجاد تفاهم على تسوية محدّدة، وكان مشروع التأهيل وخيار التمديد محور الحديث، لكنها لفتت إلى أن المواقف المعلنة مازالت متباعدة حتى الآن، والتسوية ممكنة إذا تعاون الجميع، لأن تيار المستقبل ليس وحده في البلد.
وقالت مصدر نيابي لـ«البناء» إن «اللقاء جاء استكمالاً للتشاور والتنسيق بين رئيسي المجلس والحكومة حول الاحتمالات المطروحة والتوصل لحل قبل جلسة 15 أيار، نافية أن يكون خليل قد أبلغ الحريري رسالة تصعيدية من بري، بل الجهود منصبّة على إنجاز قانون يُخرجنا من شرك اللاءات الثلاث واحتمال التوصل لحل رهن المشاورات القائمة والجميع بانتظار مبادرتي بري والحريري كأساس يمكن الانطلاق منه لحل توافقي».
وأشارت مصادر كتلة التنمية والتحرير لـ«البناء» الى أن «الرئيس بري يعمل وفق توقيت يتناسب مع الظروف القائمة وسيعلن عن أفكاره في وقت قريب، لكن من المبكر الحديث عن مصير الجلسة رغم تغير موقف الحريري برفض التمديد، بل همّه إنجاز قانون جديد يجنّبنا التمديد والفراغ معاً. واستغربت المصادر تعطيل البعض جلسة مجلس الوزراء وعمل اللجنة الوزارية المكلفة إعداد قانون جديد، محذّرة من أن «الوقت بات كالسيف، إن لم نقطعه بقانون عادل وعصري، فسيقطعنا جميعاً وحينها علينا أن نستعد لتدارك التداعيات والنتائج الكارثية لذلك، والجميع سيتحمل مسؤولية مواقفه». كما أبدت المصادر استغرابها لـ«تراجع البعض عن مواقفه المؤيدة للنسبية الكاملة من خلال طرح مشاريع تأهيلية ترجعنا الى الوراء بدلاً من التقدم الى الأمام».
وكان الحريري أشار بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى أننا «لسنا في مواجهة مع أي فريق ويهمنا الوصول الى معادلة حسن التمثيل، والخلاف هو على بعض التفاصيل. واعتقد أنه يمكن حل هذه الأمور وستصل الامور الى خواتيمها» مضيفاً: «الرئيس بري أيضاً كان حريصاً على أن ننتهي من موضوع قانون الانتخاب واعتقد أننا سنصل الى شيء إيجابي».
«المستقبل»: الستين بديل عن الفراغ
ويحاول تيار المستقبل إدارة المرحلة بذكاء وبراغماتية وإمساك العصا من الوسط، ويحاذر الانخراط في خصومة أو معارك سياسية وإعلامية عبثية لا تؤدي إلا الى مزيدٍ من تعطيل عمل المؤسسات وتضرّ من جهة ثانية بتحالفاته الانتخابية الذي يحتاج اليها في الوقت الراهن، كما تقول أوساط قيادية مستقبلية لـ«البناء». وتلفت إلى أن «الرؤساء الثلاثة وكل الاطراف تدرك أن لا فراغ في السلطة التشريعية والدستور يضمن عدم حصول ذلك، فإما انتخابات على الستين وإما يبقى المجلس بصلاحياته طالما لا مجلس جديداً منتخب، لأن الفراغ النيابي سيجر البلاد الى الفراغ الشامل، فرئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة سلطتان نابعتان من السلطة الشتريعية». وأشارت الى أن «اللاءات التي يرفعها الجميع، قد تتغيّر مع حلول جلسة التمديد والهدف من تغيير الحريري لموقفه، الحث على ايجاد قانون انتخاب كما لا يريد اتخاذ موقف يُغضب رئيس الجمهورية ويؤدي الى تعطيل المؤسسات».
وأوضحت أن «موقف المستقبل حتى الآن غير محسوم لجهة المشاركة في جلسة التمديد أم لا أم يعمل على توزيع الأصوات بين مؤيد ورافض»، وترى الأوساط بأن «المستقبل الذي يحوز الآن 30 نائباً في المجلس الحالي في انتخابات العام 2009 قد لا يتكرر وفقاً للمعطيات الحالية بمعزل عن طبيعة القانون. لكن وفقاً للأرقام، فإن المستقبل يخسر بعض المقاعد على قانون الستين، أما على قانون النسبية على دائرة واحدة أو دوائر عدة فيؤمن أكبر عدد من المقاعد، فكلّما وسعت الدوائر على أساس النسبية ينال المستقبل مقاعد أكثر وفي المقابل الدوائر الصغرى على النظام الأكثري يقلص عدد نواب التيار، فهناك متغيرات داخلية سياسية وشعبية وخريطة تحالفات جديدة وقوى أخرى منافسة داخل الساحة السنية نأخذها بعين الاعتبار».
وبحسب مصادر أخرى في كتلة المستقبل، فإن حركة الحريري ومواقفه الجديدة هدفها الضغط على الجميع لتقديم تنازلات بموضوع القانون قبل الجلسة، ولفتت الى أن «لا علاقة لموقف الحريري بالتحالفات الانتخابية، ولو أنه بالتأكيد سيتحالف مع التيار الوطني الحر في الانتخابات المقبلة، وفقاً لأي قانون فضلاً عن تحالفه الثابت مع حزب القوات».
وأوضحت المصادر لـ«البناء» أن «الحريري سيطرح مشروعاً يعتمد على النسبية الكاملة ومجلس شيوخ بما يشبه الطرح الذي يعتزم رئيس المجلس طرحه»، مرجحة «التوافق حوله إذا وافق الثنائي المسيحي»، واعتبرت أنه لا «يمكن أن يكون التيار الوطني الحر ضد التمديد وفي الوقت نفسه ضد الستين، إذا لم يُقر قانون جديد، فرفض التمديد من دون قانون يعني الفراغ، وبالتالي سنذهب حكماً الى انتخابات على أساس الستين. وهذا ما أعلنه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وما ألمح اليه رئيس الجمهورية ايضاً منذ أيام».
وأوضحت مصادر نيابية لـ«البناء» أن «وزير الداخلية سيدعو الى الانتخابات على أساس الستين بعد توقيع رئيس الجمهورية مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في حال عدم إقرار قانون، وإن تمنّع فسنذهب الى الفراغ في حال عدم توفر النصاب القانوني للتمديد في الجلسة المقبلة». وأشارت المصادر الى أن «رئيس الجمهورية يملك عدداً من الصلاحيات لتعطيل أو تجميد قانون التمديد أو تجريده من شرعيته، منها رد قانون التمديد الى المجلس الذي يعيد التصويت عليه بالأكثرية المطلقة ويصبح نافذاً بعد خمسة أيام، ومنها الطعن في المجلس الدستوري وإذا قبل الطعن، حينها خيار الستين هو المرجّح». ورجحت المصادر أن «يتم التوافق على قانون جديد قبل 15 أيار ويُصار الى الاتفاق على تمديد تقني ثلاثة أو أربعة أشهر، وفي حال لم يُقر قانون، الخيار هو التمديد إذا توفر النصاب».
لقاء جنبلاط باسيل
وفي موازاة ذلك، وبعد اللقاء الذي عقد أمس الاول بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والوزير غازي العريضي، وفي ظل الفتور الذي يسود العلاقة بين «التيار» والحزب الاشتراكي، زار باسيل أمس النائب جنبلاط في كليمنصو بحضور نجله تيمور والوزيرين مروان حمادة والعريضي.
وقال إعلام الحزب الاشتراكي إن «اللقاء اتسم بالصراحة التامة، وكان تأكيد على أهمية التواصل المباشر بعيداً من الإشاعات المغرضة التي قد تريد تشويه العلاقة الثنائية تحت شعار الانفتاح وتأكيد الشراكة والتعاون».
واستبق جنبلاط زيارة باسيل لكليمنصو، بشنّ هجوم عنيف على القانون التأهيلي واصفاً إياه بالمتخلّف. ولفت في حديث تلفزيوني الى أن «قانون الستين موجود في المجلس، ونرضى بالنسبية إن تمّت على دوائر معينة تراعي الأقليات في النظام الطائفي القائم». وقال جنبلاط: «إلى الأمس بحسب معلوماتي فإن الرئيس سعد الحريري كان لا يزال يناقش القانون التأهيلي وكان يريدنا أن نسير به، لا مانع من إعادة دراسة مشروع الرئيس ميقاتي الانتخابي».
كما أوفد جنبلاط وفداً من الحزب الاشتراكي ضمّ النائبين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور الى معراب، حيث التقوا رئيس «القوات» سمير جعجع.