ماذا عندما يقع الشهيد الأول بين الأسرى؟
ناصر قنديل
– يؤكد أحد قادة انتفاضة الأسرى المضيّ قدماً في الإضراب عن الطعام ضمن استراتيجية واضحة تعاقد عليها قادة التحرّك لا تشكّل المطالب المرفوعة إلا عنوانها المعلن، فتلبية «الإسرائيليين» للمطالب هزيمة معنوية يصعب على كيان متغطرس يقوم على إذلال الفلسطينيين لتأمين بقائه أن يرتضي معادلة تقوم على التنازلات أمامهم لتفادي الأسوأ، لأنّ هذا سيفتح باباً لعشرات ومئات التحرّكات المطلبية التي لا تنتهي أملاً ببلوغ ما تريد عبر التصعيد. ويشرح أحد قادة تحرّك الأسرى المنتفضين استراتيجية الانتفاضة ودورها الوطني بالقول إنّ الطريق الذي يفتحه «الإسرائيليون» هو طريق الشهادة للأسرى واحداً تلو الآخر، وهذا ما وضعه المنتفضون في حسابهم، الموت جوعاً والانتصار بالدم على السيف، داعياً قادة الكيان المحتلّ وقادة الشعب الفلسطيني والقادة الحكوميين والسياسيين في العالم العربي ومسؤولي المنظمات الإنسانية والحكومات في الدول الكبرى في العالم والأمم المتحدة إلى التفكير قليلاً في ماذا سيحدث عندما يبدأ المئات من الأسرى بالتساقط الواحد تلو الآخر في سجونهم شهداء؟
– يعتبر قادة انتفاضة الأسرى أنّهم موجودون في ظلّ عدد من أحكام بالسجن المؤبد لكلّ منهم لا يأملون بتخطيها بالتحرّك المطلبي، وهي ليست حاصل صدف في حياة كلّ منهم، بل ثمرة تكريس حياته للدفاع عن قضية شعبه ووطنه. والسجن هو ساحة من ساحات النضال، حيث الطليعة الأشدّ إخلاصاً للقضية، بفعل النضالات التي أوصلت أصحابها للسجون، ولن يكون في حساب القادة أن يتقبّلوا التسليم بما يريده العدو من تحويل السجن انتظاراً للموت والقول عبر سيرة الموت البطيء للقادة الأسرى إنه قادر على إخراجهم من ساحات النضال بسجنهم وتحويلهم كتل لحم تنتظر الموت، والقول لمن يفطر بأن يحذو حذوهم أن مسيرته ستنتهي بدخول السجن، فمعركتهم الآن عنوانها أن يدرك المحتلّ أنّ أعباء وجودهم في السجن عليه تفوق أعباء تركهم أحراراً، ورسالتهم لشعبهم، أنّ أسرهم لم ولن يوقف نضالهم ولا مواقعهم القيادية في مسيرة شعبهم نحو الحرية.
– يثق القادة الأسرى أنهم ذاهبون إلى ما تعاهدوا عليه من السقوط تباعاً شهداء، وهم ينتظرون ذلك اليوم بفارغ الصبر، لأنهم يعلمون أنّ الشارع الفلسطيني سيرتفع إلى درجة الغليان وينفجر مقاومة ومواجهات لا تتوقف، وأنّ المقاومات الفلسطينية المسلحة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التساقط للشهداء القادة في السجون، ويثقون أنّ موجة من الغضب ستعمّ الشارعَيْن العربي والدولي وأنّ نشاطات عدة إنسانية وسياسية ستمتدّ في مدن العالم ومراكز القرار السياسي والحكومي والأممي عنوانها قضية فلسطين ومعاناة شعبه وظلم الاحتلال لأبنائه، وأنّ مبادرات عديدة سيطبّقها حراك الأسرى، ووجهة الوضعين العربي والدولي سيغيّرها الحراك ويفرض عليها روزنامته.
– قادة كبار عظماء قرّروا بأنهم سيدخلون التاريخ شهداء، وبدأوا خطوتهم الأولى نحو الحرية لفلسطين، يدقّون أبواب ضمائر أحرار العالم كلّهم، وبوابات الصمت العربي والدولي، ماذا لو سقط الشهيد الأول وبدأ القادة يتساقطون تباعاً شهداء…؟