وثيقة حماس: الدوافع والنتائج
حميدي العبدالله
كثرت التحليلات حول دوافع ونتائج إقرار الوثيقة السياسية الجديدة لحركة حماس.
البعض قال إنها نتيجة لضغط حلفاء حماس عليها، وتحديداً ضغوط كلّ من تركيا وقطر. ومعروف أنّ تركيا وقطر لديهما علاقات مع الكيان الصهيوني إضافةً إلى علاقاتهما القوية مع الولايات المتحدة، ومن البديهي أن تبذل هاتان الدولتان مساعي لإقناع حماس بتغيير موقفها السياسي من الكيان الصهيوني ليكون قريباً، إن لم يكن مطابقاً لموقف الدوحة وأنقرة. ولا يبدو أنّ حماس في وضع يؤهّلها لتجاهل إلحاح حلفائها على تغيير موقفها من الكيان الصهيوني.
يذكر أنّ وزير خارجية تركيا كان قد صرّح سابقاً بأنّ حماس قد قبلت خيار التسوية مع تل أبيب، ولم يصدر نفيٌ قاطعٌ من الحركة لهذه التصريحات، وقد يكون المسؤول التركي استند إلى وثيقة حماس السياسية الجديدة لإطلاق هذه التصريحات.
لكن من الواضح أنّ موقف تل أبيب وكذلك واشنطن لم يتغيّر إزاء حماس، وهذا ما عبّرت عنه ردودهما على الوثيقة السياسية الجديدة، وسيبذلون مساعي إضافية لانتزاع تغييرات أخرى، ولا سيما لجهة موافقة حماس على قبول الاعتراف بالكيان الصهيوني كشرط لقبول مبدأ إقامة دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، لأنّ الوثيقة الجديدة لحركة حماس تتضمّن رفضها الاعتراف بالكيان الصهيوني.
هل تستطيع حماس إقناع قواعدها ومؤيديها بقبول مبدأ الاعتراف بـ «إسرائيل» كشرط لقيام الدولة الفلسطينية؟
الأرجح أنّ ذلك لن يكون سهلاً، وإذا ما أصرّت أطراف في الحركة عليه فقد تتعرّض وحدة الحركة لمخاطرة كبيرة، ولهذا أقصى ما يمكن أن تقدّمه حماس على هذا الصعيد قدّمته في وثيقتها السياسية الجديدة.
لكن ما جاء في هذه الوثيقة يصبّ في مصلحة خيار حركة فتح. صحيح أنّ حركة فتح ذهبت أبعد من حركة حماس عندما قبلت الاعتراف بـ «إسرائيل»، ولكن الصحيح أيضاً أنّ قبول مبدأ إقامة دول فلسطينية في الضفة والقطاع يشكل تطوّراً يدفع فتح لمخاطبة حماس بالقول إنكم توافقون على الخيار الذي سرنا عليه، ورفضكم الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني رفض غير واقعي ويتناقض مع قبول مبدأ إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية.
وثيقة حماس الجديدة ستثير جدالاً من على يمينها وعلى يسارها، على يسارها من قبل القوى التي ترفض خيار الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع، ومن على يمينها من قبل حركة فتح والسلطة الفلسطينية.