آل سعود والصهاينة: نهج واحد في طمس المعالم التاريخية والدينية

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

في الوقت الذي تشهد فيه بعض المناطق الساخنة اهتماماً سياسياً وإعلامياً، ولو لم يكن ذلك من باب الدفاع عن المظلومين فيها، نجد مناطق أخرى تحدث فيها مجازر كما في ميمانار، وعسف واضطهاد كما يجري الآن في البحرين مع محاولة النظام محاكمة سماحة الشيخ عيسى قاسم، ومؤخراً في بلدة العوامية في محافظة القطيف التي يعيش أهلها حالة من الترهيب وسط إجراءات مشددة اتخذتها سلطات آل سعود من دون ذكْرٍ في الإعلام الدولي والعربي أو عناية سياسية من قبل الدول العربية المشغولة بحرب جديدة ضدّ إيران. سلطات آل سعود التي لم ترتوِ من القتل والتدمير والتخريب التي تحدثه في اليمن في ظلّ صمت المؤسسات الدولية والدول الغربية، لجأت مؤخراً إلى عملية عسكرية في بلدة العوامية لتنفيذ تهديد سابق بهدم حيّ المسورة التاريخي الذي تحوّل إلى ما يشبه ساحة حرب مع أبناء البلدة الذين استشهد وجرح منهم العشرات. سياسة هذه السلطات تشبه ما يقوم به العدو «الإسرائيلي» من حصار وتطويق واقتحامات ومصادرة أراضٍ وهدم للمنازل بذريعة التوسعة وتطوير البنية التحتية. في فلسطين المحتلة كنّا دائماً نسمع عن إجراءات تسعى إليها السلطات وتضع لها عنواناً هو التوسعة وشق الطرقات وتحسين العمران، والحقيقة أنّ هذه الإجراءات لم تكن إلا لتهجير الفلسطينيين وطمس المعالم التاريخية الأثرية وإخفاء الهوية الفلسطينية بنحو كامل. آل سعود يعملون على المنوال نفسه. فهم يسعون من خلال هذه الإجراءات التدميرية لمعالم العوامية القديمة إلى طمس الهوية الثقافية والاجتماعية لسكان المنطقة.

وليست العوامية وحدها ما يجري عليها ما يجري. فالمناطق الشرقية كلها يعصف بها التغيير الديمغرافي والعمراني تحقيقاً لأهداف طائفية وسياسية تتوافق وأهداف بعض الدول الاستعمارية.

وهذه الإجراءات أيضاً تذكّرنا بما جرى ويجري داخل المدينتين المقدستين مكة والمدينة المنورة، إذ تمّ هدم معظم المعالم التاريخية والدينية التي لها صلة بالرسول الأكرم محمد ص وأصحابه، فما عاد الزائر إلى تلك المدينتين يعثر على معلم واحد يدّل على مكان بيت النبي ص والمحيط التاريخي القديم الذي كان من الممكن أن يشكل ذاكرة حيّة لتلك المرحلة المليئة بالأحداث العظيمة.

إن الصهاينة وآل سعود يمثلان نهجاً واحداً في الإجرام وسياسة تغيير الأرض ومعالمها.

لكنهما لن ينجحا، وواجبنا جميعاً كمسلمين وأحرار، وكحريصين على الذاكرات التاريخية والمقدسات الدينية أن نتصدى لمحاولاتهما طمس ما هو رائع وجميل ومقدس من تراثنا وديننا.

اترك تعليقاً

Back to top button