حرب العقوبات على حزب الله… والعقبات
هتاف دهام
تشكّل مسودة عقوبات رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي إيد رويس، ضدّ حزب الله وشخصيات مناصرة له، دينامية مستمرّة تستخدم المقاربات والقواعد نفسها للقرارات السابقة، لكن المفارقة تكمن في إضافة حلفاء المقاومة إلى القائمة «السوداء».
فما هو مصير هذه المسودة التي أحدث تسريبها بلبلة في الداخل الأميركي؟ وكيف سيتعاطى لبنان مع تداعياتها إذا جرى التصويت لصالح إقرارها؟
لم تُناقَش المسودة في وزارة الخارجية، ولم تصل إلى الكونغرس، يقول زوار واشنطن. بيد أنّ ما تضمّنته يمثل خطراً مضاعفاً من قرار اتخذته إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما العام الماضي.
تشير مصادر نيابية زارت واشنطن لـ«البناء» إلى تفاجؤ الأميركيين بما أسموه حالة الهستيريا في لبنان قبل أن تتحوّل المسودة إلى قانون نافذ.
في الوقت عينه، تنقل المصادر استغراب بعض المسؤولين الأميركيين توقيت طرح هذه المسودة ومسارعة «الخارجية» إرسالها إلى السفارة الأميركية في بيروت وتكفّل الأخيرة بتسريبها، في وقت كان النقاش دائراً أميركياً حول إلغاء نظام الرعاية الصحية المعروف بـ«أوباما كير». المصادر نفسها تقول: إما وقد تمّ تعطيل «أوباما كير» وانتهاء العمل بالميزانية، فيجب أخذ الحيطة والحذر والتعاطي بدبلوماسية. فالسياسة الأميركية تجاه المنطقة تبدّلت. كلّ قرارات الإدارة السابقة تمّ الانقضاض عليها. تشجّع إدارة ترامب التدخل العسكري في سورية وإقامة مناطق آمنة، ومحاربة داعش، وتشدّد على مجابهة النفوذ الإيراني. كلّ ذلك يتطلّب المسارعة إلى تجنيب لبنان أية خضات غير محتسبة النتائج من شأنها أن توتر الوضع في لبنان، تشدّد المصادر. إذ إنّ ترامب قرّر تخفيض ميزانية العام 2018 التي تبدأ في أول تشرين الأول من عام 2017 ما سينعكس تخفيضاً لنفقات المساعدة الدولية ودعم برامج عدة للأمم المتحدة والمساهمة في عملياتها السلمية إلى الربع. هذا التخفيض سينعكس سلباً على عمل قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل» وعلى خطة دعم للنازحين السوريين والأونروا التي تدفع الولايات المتحدة نصف ميزانيتها.
وفي ضوء هذا المشهد، تتواصل الزيارات اللبنانية إلى العاصمة الأميركية. فبعد مشاركة النواب ياسين جابر، ألان عون وباسم الشاب، في مؤتمر برلمانيين نظّمه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تتوجّه أربعة وفود لبنانية بدءاً من الأسبوع المقبل للبحث في مسودة العقوبات على حزب الله وحلفائه. ويغادر يوم الاثنين وفد من جمعية المصارف يضمّ رئيس الجمعية جوزف طربيه، سعد أزهري، وليد روفايل، تنال صباح، نديم قصار، محمد علي بيهم، شهدان جبيلي بالإضافة الى الأمين العام للجمعية مكرم صادر. وينضمّ إلى الوفد المصرفي يوم الثلاثاء وفد نيابي من النائبين ياسين جابر ومحمد قباني ومستشار رئيس مجلس النواب نبيه برّي علي حمدان لتستكمل الزيارات لاحقاً إلى واشنطن مع وزير المال علي حسن خليل، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد التجديد له.
وأكدت مصادر الوفد النيابي لـ«البناء» أنّ «الزيارات تأتي في سياق الحفاظ على التواصل مع الأميركيين والاطلاع على مسار الأمور»، مشيرة إلى «أننا سنجري محادثات تشمل أعضاء من الكونغرس ومن اللجان المعنية بالشأن المالي والمصرفي في مجلسيْ النواب والشيوخ، ومسؤولين من وزارتي الخزانة والخارجية، في محاولة لتخفيف تداعيات العقوبات على الوضع الاقتصادي اللبناني عموماً وعلى المصارف خصوصاً، إذ من المهمّ إجراء الاتصالات واستمرار التواصل مع الكونغرس والخزانة لكي لا تطال القرارات الأميركية «الطائفة الشيعية» بكاملها، والحدّ من تأثيرها على المؤسسات الصحية والاجتماعية والخروج بأقلّ الخسائر الممكنة». المصادر نفسها لا تبدي تفاؤلاً تجاه سياسة ترامب «المعقدة» وتقول: الخوف أن ينطبق علينا المثل القائل «لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً ولكن لا حياة لمن تنادي».
وفي سياق متصل، يتحدّث قطب سياسي بارز لـ«البناء» عن وجهة نظر تقول إنّ العقوبات لن تمرّ هذا العام، وسيجري العمل على تعديلها قبل أن تقرّ في العام 2018، متحدّثة عن أنّ الإدارة الأميركية لم تنهِ تعيينات بعض المراكز، والدليل أنّ البديل عن نائب مساعد وزير الخزانة ومسؤول ملف العقوبات ضدّ لبنان دانيل غلايزر لم يتمّ تعيينه بعد.
المؤكد أنّ أهمية العقوبات تكمن في أنها ركيزة أساسية غير مباشرة في الحرب الأميركية ضدّ حزب الله.
هذه الحرب، يقول زوار واشنطن، ربما تتصاعد بشكل مفاجئ إذا شعر البيت الأبيض بفعالية ورقة التصعيد المالي في وجه المقاومة من خلال ضمّ حلفائها إلى قائمة العقوبات الأميركية وضرب بيئتها الحاضنة.