حجيج ترامب وفتاويه الإسلامية

د. رائد المصري

تُعتبر زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى المنطقة، والتي تشمل السعودية والكيان الصهيوني والفاتيكان، بالإضافة لبعض الدول المنضوية في الحلف الأطلسي حدثاً مهماً وخطيراً لناحية توقيته وكذلك لناحية الاهتمام العربي والخليجي وتوفير كل الدعم والتحشيد العربي والإسلامي لاستقباله كفاتح جديد يُراد منه تحقيق المنجزات والمعجزات التي فشلت حروبهم في صنعها طيلة أكثر من ست سنوات مضت.

مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ريموند ماكماستر حدّد خط سير الرئيس ومضمون رسالاته الإنسانية وفتاويه الشرعية، التي يبدو أنها تناسب كلَّ عصر وزمان. فهو سيطالب باتخاذ موقف قوي ضدَّ الأيدولوجية الإسلامية المتطرفة، وإعادة التأكيد على الدور القيادي للولايات المتحدة الأميركية في العالم ومواصلة بناء علاقات متينة مع زعماء رئيسيين في العالم، وإعطاء فتوى تندرج في رسالة لأصدقاء أميركا وأتباع الديانات الثلاث الكبرى في العالم.

وبالفعل، إنها رحلة تاريخية غير مسبوقة من رئيس أميركي للأماكن المقدّسة للديانات الثلاث، في سعي واضح لتثبيت مفاهيم السلام المعولم المفتوح للاستباحة ولنهم شركات الرأسمال لمقدرات الشعوب، لكن في المقابل تتوقَّف هذه الاستباحات والعبور الحر عند أسوار فلسطين المحتلة، فيعمد المحتلّ إلى بناء الجدران الإسمنتية والأسوار العالية، وهدم المقدسات وتدنيسها وتوسيع المستوطنات وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه والالتفاف على المنجزات كلِّها تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية.

ما يسعى إليه الرئيس ترامب هو توحيد الناس من الأديان كلها حول رؤية مشتركة للسلام والتقدم والرخاء. هذا في ظاهره، أم في الباطن فهو الاستناد الى شرعية بعض القادة العرب والمسلمين المفقودة طبعاً، الذين يتمّ التحشيد سعودياً لحضورهم الفاتح ترامب، في غطاء مكشوف أولاً لفرض معادلات جديدة وتسويات على الفلسطينيين وقبولهم عنوة بما يريده التطرُّف الصهيوني من حلول مُذلّة، وثانياً وضع هذا التحالف الجديد المزمع إقامته موضع التنفيذ عملياً لتطويق وحصار وعزل إيران والمقاومة، وإبقاء «إسرائيل» في مأمن عن أيِّ أثر أو مفعول قد يتمُّ إنجازه في الحرب السورية المفتوحة وحرب التحرير الوطنية التي تخوضها هذه الدولة. وهي كانت زبدة وخلاصة اللقاءات الأخيرة بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي وكذلك مع الرئيس دونالد ترامب في البيت البيضاوي.

وما يؤكِّد لنا ذلك هو أنَّ جولة ترامب ستبدأ وبحسب تصريحات القادة الأميركيين بزيارة السعودية لتشجيع الشركاء العرب والمسلمين على اتخاذ خطوات جديدة وشجاعة من أجل تعزيز السلام ومواجهة كل من داعش والقاعدة وإيران لنظام الأسد، والذين كما يزعمون أنهم يثيرون الفوضى والعنف ويتسبَّبون في الكثير من المعاناة عبر العالم الإسلامي وخارجه.

ماكماستر قال ما حرفيته بأن: ترامب سيقود الخطوات الأولى نحو شراكة أكثر قوة وقدرة مع الخليجيين والعرب والمسلمين، وسيوجّه رسالة قوية بأن أميركا والعالم المتحضر بأكمله يريد من المسلمين اتخاذ موقف قويّ ضد الأيدولوجية المتطرفة الإسلامية، التي تستخدم تفسيراً خاطئاً للدين لتبرير جرائمها ضد الإنسانية وأن الرئيس الأميركي سيدعو قادة العالم الإسلامي لتطوير رؤية سلمية للإسلام…

تبدو فتاوى ترامب، بحسب رواية ماكماستر، مهمة، ولعلَّ بعض القادة في أنظمة الحكم العربية والإسلامية يأخذون بها، من دون أي تفسير خاطئ لدين ترامب ومن أجل تبرير جرائم أميركا والكيان الصهيوني وما تمّ ارتكابه في حق الشعوب العربية والمسلمة من العراق إلى سورية واليمن وليبيا والصومال وغيرها.

فنحن أمام دين ترامبي جديد وفتاويه التي لها سندها الشرعي من الديانات الثلاث بحسب الزيارة التي سينوي القيام بها وهي السعودية وفلسطين والفاتيكان يسعى لشرعنة القتل والاغتصاب والاحتلال، ويسعى لسرقة مقدرات الشعوب ومستقبلها وطموحها، بغطاء عربي وإسلامي مشبوه، ريثما يتم إنجاز صفقات السلاح بمئات مليارات الدولارات تحت عناوين مكافحة الإرهاب وداعش والقاعدة والخطر الإيراني وإسقاط الرئيس الأسد، وكلها عناوين برّاقة تجعل بقرته الحلوب تفيض خيراً ومكرمات من أجل ضرب هؤلاء الأعداء المزعومين، بالتسلح بفتاوى دينية ترامبية تتخذ من شعار الصليب ستاراً لحروبها واصطفافاتها واستقطاباتها الحادة.

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية

اترك تعليقاً

Back to top button