هل بات مسيحيّو الشرق مكسر عصا؟

ناصر قنديل

– يتزامن النزف الدموي المتواصل للأقباط المصريين كصندوق بريد مجاني بلا كلفة تلجأ إليه الجماعات الإرهابية المدعومة من تركيا وقطر والمحسوبة على جناحين إخواني وداعشي، مع حملة إعلامية قاسية ونابية شنّتها صحف سعودية على الرئيس اللبناني ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل لجأت خلالها إحدى هذه الصحف، «عكاظ»، إلى كلام مسيء وغير لائق وأوصاف معيبة وجّهتها لكلّ من الرئيس عون والوزير باسيل، على خلفية كلام مهذب ولائق وتصرّف تسووي اعتمده الرئيس والوزير لمنع التصادم مع السعودية. فارتضى الرئيس التغاضي عن خرق سعودي لأصول التخاطب بين الدول وتوجيه الدعوة لرئيس الحكومة لحضور قمة الرياض، وارتضى هو والوزير سقفاً للاعتراض على بيان القمة لا يزعج السعودية ولا يجرح مهابتها.

– للحظة بدا أنّ مسيحيّي الشرق تحوّلوا مكسر عصا لدول ترعى الأجنحة التي تحترف القتل والموت على مساحة المنطقة والعالم، ويكفي لمعرفة سجلها الإجرامي سماع ما تقوله بحق بعضها بعضاً على صدر صفحات صحفها الكبرى وفي قنواتها الفضائية العملاقة، المكرّسة هذه الأيام لنشر الغسيل الإرهابي المتبادل. كذلك تكفي استعادة ما قاله بحقها أثناء حملته الانتخابية الرئيس الأميركي الذي تحلّقوا من حوله يحتفون بقدومه، وما كانت هذه الدول لتجرؤ على التمادي بحق مَن كانت تعتبرهم تحت الحماية الغربية، لولا ضوء أخضر من الغرب أو شعور بزوال الخط الأحمر الذي كان مرسوماً لحماية هذا الوجود. فهذه الدول الراعية للإرهاب تعيش تحت عباءة الحماية الغربية وتعمل وفقاً لجدول طلبات وأوامر أميركية.

– العبث بدماء مسيحيّي مصر لإيصال رسالة لرئيسها، والتطاول على مقام رئاسة الجمهورية في لبنان، لإبلاغه الامتعاض، ظاهرتان جديدتان. ففي ذروة التصادم مع الرئيس إميل لحود تحفظت الصحافة السعودية عن قول كلام مشابه للذي قالته بحق الرئيس ميشال عون. وفي ذروة الصدام مع الرئيس المصري حسني مبارك كان القطريون والسعوديون والأتراك يتهيّبون تبني وحماية جماعات مسلحة تلعب بدماء المصريين. والحسابات التي كان يقيمها الجميع تجاه الرئاسة في لبنان والأقباط في مصر في بعض منها تحسّب لمكانة كان يحتلها في الحساب الغربي، مسيحيو الشرق الذين يرمز لكثافتهم السكانية أقباط مصر ولمكانتهم السياسية الرئيس اللبناني.

– ثمّة تحوّل نوعي يتخطّى تبني معادلات مذهبية ضيقة، يطال استسهال اللجوء إلى كيس ملاكمة يمثله مسيحيّو الشرق. ولا يمكن ردّ الاعتبار بالحكمة وحسابات المصالح الانتخابية الضيقة، ولا الإدارة الناعمة للسياسة، فثمّة صراخ يجب أن يرتفع بكلمة كفى، ويد تضرب على الطاولة في مكان ما تقول لأحدهم: أبلغ جماعتك، إنّ هذا اللعب لا ينفع معنا، وهذا التطاول لا يمرّ من دون حساب، وليس مسيحيّو الشرق مَن يبيع كرامته ووجوده المعنوي بوعود بموسم سياحي لمصر أو لبنان. كلام ربما من المفيد أن يقوله الرئيس اللبناني من منبر الكنيسة القبطية في تعزية عاجلة شخصية وتاريخية بضحايا المجازر تصل أصداؤها لمن أمر بالقتل في المنيا بالطريق الصحراوي، ومَن أمر بكتابة المقالات الرخيصة بأقلام أشدّ رخصاً، ولمن يأمر وينهى وراء المحيطات، العنصري الذي باع صمته بكيس المال والذهب.

اترك تعليقاً

Back to top button