السعودية وحليفاتها تقطع علاقاتها مع الدوحة!
بعد مرور 15 يوماً على زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض ودعوته الدول الإسلامية إلى «بذل جهود أكبر لمكافحة الإرهاب»، وحملته على إيران التي اتهمها، كما فعلت السعودية ودول أخرى في مجلس التعاون الخليجي، بـ«دعم مجموعات إرهابية!» .
أعلنت السعودية ومصر والبحرين والإمارات واليمن أمس قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، متهمة الدوحة «بدعم الإرهاب»، في إحدى أكبر الأزمات الدبلوماسية في المنطقة، وهي أخطر أزمة في مجلس التعاون الخليجي منذ إنشائه في 1981.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أنّ الرياض «قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية والقنصلية مع قطر» من أجل «حماية أمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف». واتهم مصدر مسؤول قطر بـ«احتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة منها جماعة الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة»، وبدعم «نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في السعودية والبحرين!».
كما اتخذت البحرين القرار نفسه ضدّ قطر بسبب «إصرارها على المضي في زعزعة الأمن والاستقرار في مملكة البحرين والتدخل في شؤونها».
فيما برّرت الإمارات قرارها بمواصلة قطر «تمويلها واحتضانها للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة والطائفية»، و«نقضها البيان الصادر عن القمة العربية الإسلامية الأميركية» الذي «اعتبر إيران الدولة الراعية للإرهاب في المنطقة!».
وأعلنت مصر أنّ قرارها سببه «إصرار الحكم القطري على اتخاذ مسلك معاد لمصر، وفشل كافة المحاولات لإثنائه عن دعم التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي».
من جهتها، أعلنت حكومة عبد الهادي منصور اليمنية بدورها قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، متهمة الدوحة «بدعم المتمردين الحوثيين المناصرين لإيران ودعم جماعات متطرفة في اليمن!» .
وفي سياق متصل، أنهت قيادة «التحالف الإسلامي العربي» بقيادة السعودية مشاركة قطر في التحالف الذي ينفذ عدوانه العسكري في اليمن منذ آذار 2015.
في سياق آخر، أعلنت شركات «طيران الإمارات» التابعة لإمارة دبي و«الاتحاد» التابعة لأبوظبي و«فلاي دبي» أمس تعليق رحلاتها المتجهة إلى قطر والآتية منها اعتباراً من «صباح اليوم وحتى إشعار آخر».
كما أقفلت السعودية والإمارات والبحرين «منافذها البحرية والبرية أمام قطر». فيما أقفلت مصر أجواءها ومنافذها البحرية أمام قطر.
وأعلنت جزر المالديف التي تضم حوالى 340 ألف مسلم، قطع علاقاتها مع قطر. وتستثمر السعودية بمليارات الدولارات في المالديف. وأُمهل الدبلوماسيون القطريون 48 ساعة لمغادرة دول السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
أما المواطنون القطريون فقد أُمهلوا 14 يوماً لمغادرة السعودية والإمارات والبحرين التي منعت مواطنيها من التوجّه إلى قطر.
ولم تعلن الكويت وسلطنة عمان اللتان تنتميان أيضاً إلى مجلس التعاون الخليجي، بعد موقفهما من الأزمة.
من جهتها، ردّت قطر بغضب، متهمة الدول التي أعلنت هذا الإجراء بالسعي إلى «فرض الوصاية عليها»، ورأت أنّ القرار «غير مبرر». وانخفضت بورصة الدوحة بنسبة 8 في المئة عند بدء المبادلات.
واعتبرت قطر «أنّ الهدف من القرار غير المبرر القائم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة، والذي اتخذ بالتنسيق مع مصر، واضح وهو فرض الوصاية على الدولة، وهذا بحدّ ذاته انتهاك لسيادتها كدولة، وهو أمر مرفوض قطعياً».
وأكد البيان الصادر عن وزارة الخارجية القطرية «أنّ الإجراءات لن تؤثر على سير الحياة الطبيعية للمواطنين والمقيمين في الدولة، وأنّ الحكومة القطرية ستتخذ كلّ الإجراءات اللازمة لضمان ذلك، ولإفشال محاولات التأثير على المجتمع والاقتصاد القطريين والمساس بهما».
كما أعلنت الخطوط الجوية القطرية أمس «تعليق كل رحلاتها إلى السعودية».
وتقدّم قطر نفسها باستمرار على أنها لاعب إقليمي مهم، وتبرز أهمية اختيارها لتنظيم دورة كأس العالم لكرة القدم في 2022.
على صعيد آخر، دعت السفارة الأميركية في العاصمة القطرية الدوحة رعاياها في البلاد «للحيطة والحذر».
وجاء في بيان السفارة «تنتهز السفارة الأميركية هذه الفرصة لتذكير جميع المواطنين الأميركيين، المقيمين في قطر، أو الزوّار بالتحقق مباشرة من وكالات خدمات السفر، من أجل أيّ تأثير محتمل على ترتيبات السفر الشخصية الخاصة والبقاء متيقّظين لأية تطوّرات إضافة».
وأشارت السفارة إلى أنها «تراقب عن كثب وتعمل مع حكومة قطر لضمان سلامة المواطنين الأميركيين في البلاد».
من جهته، دعا وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الدول الخليجية «إلى الحفاظ على وحدتها والعمل على تسوية الخلافات». وقال تيلرسون في سيدني «بالتأكيد نشجع الأطراف على الجلوس معاً ومعالجة هذه الخلافات». وأضاف «إذا كان هناك أيّ دور يمكن أن نلعبه لمساعدتهم على ذلك، فأعتقد أنه مهم لمجلس التعاون الخليجي أن يحافظ على وحدته».
بدوره، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «أنّ قيام عدد من الدول العربية بقطع علاقاتها مع دولة قطر قرار خاص بهذه الدول»، داعيا إلى تركيز الجهود بالمنطقة على مكافحة الإرهاب الدولي.
وقال لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البيلاروسي فلاديمير ماكي في موسكو أمس، «إنه شأن خاص بقطر، وبالعلاقات الثنائية بين هذه الدول. ولا نتدخل في هذه القرارات، على الرغم من أن هناك مَن يشتبه بأن روسيا تقف وراء أي حدث في العالم، لكنني أؤكد لكم أن ذلك غير صحيح».
من جهتها، دعت إيران قطر ودول الخليج المجاورة لها إلى «حوار صريح» لتسوية الخلافات بينها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي إنّ «تسوية الخلافات بين دول المنطقة، بما فيها المشكلات الحالية بين الدول الثلاث المجاورة لقطر وهذه الدولة، غير ممكن إلا بالسبل السياسية والسلمية وبحوار صريح بين الأطراف».
بدورها، دعت تركيا التي تقيم علاقات وثيقة مع دول الخليج إلى «الحوار وأبدت استعدادها للمساهمة في حل ّالخلاف».
في السياق نفسه، دعا حزب الجبهة الوطنية اليميني في فرنسا أمس، رئيس البلاد إيمانويل ماركون إلى «قطع علاقات باريس مع الدوحة».
وقال نائب رئيس الحزب، فلوريان فيليبوت، «إنّ الوقت قد حان في فرنسا لكبح جماح قطر»، واصفاً إياها «بالبلد الخطير»، وفق ما نقلت صحيفة «تشالنج» الفرنسية.
ورأى فيليبوت أنّه «يجب التعامل بحزم مع قطر في إطار استراتيجية محاربة الإرهاب»، وأكد أنّ «السلطات الفرنسية مدعوة للتحرّك على نحو عاجل».
وتأتي هذه الأزمة بعد أقل من أسبوعين على إعلان قطر أنها تعرّضت لقرصنة أدت إلى نشر تصريحات نسبت إلى أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على وكالة الانباء القطرية الرسمية.
وتضمنت التصريحات انتقادات للسعودية ودول الخليج بعد القمة الخليجية الأميركية خلال زيارة ترامب للرياض، لجهة موقفها من إيران. ونقل عن الأمير قوله إنّ إيران «تمثل ثقلاً إقليمياً وأن ليس من الحكمة التصعيد معها».
وأدت هذه المسالة إلى تأجيج التوتر بين دول الخليج. وبدا وكأن وسائل الإعلام الخليجية لم تصدّق النفي القطري، وواصلت التعامل مع التصريحات المنسوبة للأمير على أنها واقع.
وكانت زيارة ترامب إلى الرياض اختتمت بتوقيع اتفاق حول «رؤية استراتيجية» من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية والدفاعية بين السعودية والولايات المتحدة، وتمّ خلالها توقيع اتفاقات تزيد عن 400 مليار دولار مع السعودية جزء كبير منها في المجال الدفاعي.
وتعود آخر أزمة في الخليج إلى 2014 عندما استدعت ثلاث دول خليجية السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من الدوحة بعدما اتهمتها بدعم الاخوان المسلمين.