قطر أمام خيارات صعبة
حميدي العبدالله
لا شك أنّ قطر تواجه وضعاً حرجاً، فهي باتت أمام خيارات صعبة من دون أن تجد حليفاً يسندها في معركتها مع خصومها.
قبل استعراض الخيارات الصعبة التي تواجهها قطر لا بدّ من الإشارة أولاً إلى أنّ الدول التي أعلنت معاقبة قطر على مواقفها ما كان لها أن تتخذ هذه المواقف الصارمة والإجراءات القوية وغير المسبوقة لولا الحصول على دعم أو غضّ نظر من قبل الولايات المتحدة، لأنّ الدوحة حليفة لواشنطن، وقامت بكلّ ما قامت به، سواء في دعم الإرهاب أو دعم جماعة الإخوان المسلمين بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة ومع حكومات غربية أخرى.
موقف وزير خارجية الولايات المتحدة الذي دعا فيه إلى استمرار وحدة مجلس التعاون الخليجي، وعدم تأثر السياسات المشتركة في مواجهة تحديات بينها الإرهاب، لا يعني أنّ الولايات المتحدة تقف إلى جانب قطر ضدّ الدول الأربع التي قطعت علاقاتها معها، واتخذت إجراءات عقابية قوية ضدّها.
قد تقوم واشنطن بدور الوساطة لاحتواء الخلاف، ولكنها ستطلب من قطر مبادرات باتجاه التكيّف الكامل والاستجابة المطلقة لمطالب حكومة المملكة العربية السعودية، ولا سيما في مسائل إيران والمقاومة، سواء كانت مقاومة فلسطينية أو لبنانية، لأنّ الموقف من إيران وفصائل المقاومة موقف مشترك بين الولايات المتحدة والدول التي عاقبت قطر.
قطر اليوم تفتقر إلى الحليف الدولي والإقليمي الفاعل، وروسيا لن تضحّي بعلاقتها مع مصر والسعودية من أجل قطر، ولا سيما أنّ تقييم موسكو أنّ قطر تؤيد جماعات متشدّدة وحتى إرهابية، وقد شهدت العلاقات المصرية القطرية في أوقات سابقة توترات شديدة.
إيران قد تستفيد من الخلاف القطري السعودي، ولكنها لن تذهب بعيداً ولن تشكل قوة إسناد لقطر التي تستضيف أخطر قاعدة عسكرية أميركية.
تركيا لديها مشاغل وتحديات، سواء مع الغرب، أو على المستوى الإقليمي، أو على المستوى الداخلي لا يؤهّلها للقيام بدور مساند وفعّال لقطر.
أمام هذا الواقع فإنّ قطر تواجه خيارات صعبة في ظلّ الإجراءات القاسية المعتمدة، وعلى هذا الصعيد هناك ثلاثة احتمالات، الأول رضوخ قطر والاستجابة لكلّ المطالب المطروحة من قبل المملكة العربية السعودية وحلفائها، الثاني، احتمال تنظيم انقلاب يطيح بالأمير الحالي على غرار ما حصل في فترة سابقة عندما أطاح الأمير حمد بوالده، الاحتمال الثالث، وهو الأضعف، أن تصمد قطر في مواجهة هذه الحملة وتنجو من تداعياتها غير المسبوقة.