شمخاني ولافورنتيف: التعاون بين إيران وروسيا في سورية غيّر المعادلات
أكّد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، أنّ تحرير كامل سورية يستوجب أن يتمّ في إطار السيادة الوطنيّة السوريّة وبموافقة حكومتها، وأيّ مقترح تقسيم أو تثبيت لوجود المسلّحين سيؤدّيان إلى استمرار الأزمة في البلاد.
جاء ذلك لدى استقبال شمخاني أمس مبعوث الرئيس الروسي إلى طهران ألكسندر لافورنتيف، حيث بحث الجانبان سير التعاون المشترك في مكافحة الإرهاب والعمليّات السياسيّة المتعلّقة بالأزمة السوريّة.
ولفتَ شمخاني إلى الدور الأميركي المزعزع للاستقرار والمؤجّج للتوتّر في المنطقة، مبيّناً أنّ عقب كلّ زيارة لمسؤولين أميركيّين إلى الشرق الأوسط ، يشهد ظهور الخلافات بين الدول واستقواء المجموعات الإرهابيّة، ما يؤدّي إلى بيع المزيد من الأسلحة ودوران العجلة الاقتصادية للإرهاب بواسطة أميركا.
وبيّن سكرتير مجلس الأمن القومي، بأنّ التعاون البنّاء بين إيران وروسيا في سورية قام بتغيير المعادلات الأمنيّة للمنطقة وعلى نحو مؤثّر ضدّ الإرهابيّين، حيث إنّ تحرير حلب ووقف إطلاق النار وتحديد مناطق خفض التوتر من هذه الإنجازات.
وأشار إلى أنّ شعوب الدول الأوروبية تدفع جزءاً من ثمن السياسات الخاطئة لمسؤوليهم في تعزيز العناصر البشريّة والتسليحية في سورية، وأنّ هذه العملية تتوقّف حصراً عند تغيّر واقعي بإرادة مكافحة الإرهاب دون تبنّي معايير مزدوجة.
وأكّد شمخاني ضرورة إجراء مفاوضات وثيقة بين الدول الضامنة لوقف إطلاق النار في سورية، بُغية تحديد مجموعة من الملاحظات في عمليّة وقف إطلاق النار وإنشاء مناطق خفض التوتّر، على نحو يضمن مصالح الشعب السوري إزاء الإرهاب.
من جهته، أكّد ألكساندر لافورنتيف المبعوث الخاص للرئيس الروسي، دعمه لدور إيران البنّاء في العملية السياسية الهادفة للسلام في سورية، مشيراً إلى أنّ طهران وموسكو اتّفقتا في كثير من القضايا المتعلّقة بالأزمة السورية، وقامتا بتعاون بنّاء ساهم بشكلٍ كبير في استقرار واستباب الأمن في المنطقة والعالم.
وشدّد على ضرورة تقيّد جميع أطراف الاتفاق بتنفيذ التزامات مناطق خفض التوتّر، لخلق أرضيّة تمهّد لبلوغ الطريق النهائي المؤدّي للخروج من الأزمة السوريّة.
ميدانيّاً، تعليقاً على العدوان السافر الذي شنّته طائرات التحالف والقوى التابعة لها على وحدات من قوّات الجيش العربي السوري في منطقة التنف، صرّح قائد غرفة عمليات قوات حلفاء سورية:
«أولاً: إنّ العدوان الجبان الذي قامت به أميركا، تحت عنوان ما تسمّيه تحالف ضدّ الإرهاب، هو تصرّف متهوّر وخطير، وخير دليل على كذب أميركا ونفاقها في مواجهة الإرهاب.
ثانياً: الجيش السوري وحلفاؤه في البادية يقاتلون الإرهابيّين أنفسهم الذين تدّعي أميركا أنّها جاءت لقتالهم، فكيف تبرّر أميركا ضربها لقوّات الجيش وحلفائه، وهي تقوم باعتداءات لا تخدم إلّا الإرهابيّين؟
ثالثاً: إنّ أميركا لا تسعى للسلام ومواجهة الإرهاب، بل تسعى للحفاظ على بؤر إرهابيّة على أراضٍ سورية لتنفيذ مهام محدّدة بناءً لأوامرها، علماً أنّ تلك الجماعات الإرهابيّة وعلى رأسها «داعش»، هم أدوات بيد أميركا التي أنشأت تلك المنظومة بالتعاون مع الكيان الصهيوني.
رابعاً: إنّ أميركا تعلم جيداً أنّ دماء أبناء سورية والجيش العربي السوري والحلفاء ليست رخيصة، وإنّ القدرة على ضرب نقاط تجمّعهم في سورية وجوارها متوفّرة ساعة تشاء الظروف، بناءً للمتوفّر من المنظومات الصاروخيّة والعسكرية المختلفة، في ظلّ انتشار قوات أميركيّة بالمنطقة.
خامساً: إنّ التزام حلفاء سورية الصمت ليس دليل على الضعف، ولكنّه عملية ضبط نفس مورست بناءً لتمنّي الحلفاء إفساحاً في المجال لحلول أخرى، وهذا لن يطول لو تمادت أميركا وتجاوزت الخطوط الحمراء».
وكان ما يسمّى «التحالف الدولي» شنّ عدواناً على الجيش السوري والقوّات الحليفة في محيط منطقة التنف في ريف حمص الشرقي، بعد هزائم المجموعات المدعومة من قِبله في تلك المنطقة، في محاولة جديدة لفرض شروط وإملاءات لرسم حدودٍ لتحرّكات الجيش السوري ومنعه من ممارسة حقّه في فرض سيادته على أراضيه، خاصة في ظلّ الانتصارات التي تحقّقت حتى الآن في معركة البادية شرق حمص ودمشق، خارج منطقة سيطرة قوّات التحالف الدولي.
وما حصل أول أمس، أنّ المجموعات الإرهابيّة هاجمت منذ الصباح مواقع الجيش السوري في منطقة الشحيمة وظاظا وملحم قرب منطقة التنف، انطلاقاً من المنطقة التي تحميها «قوّات التحالف الدولي»، فتصدّت لها وحدات من الجيش العربي السوري خارج منطقة سيطرة قوات التحاف، وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والمعدّات وأجبرتها على التراجع».
وقد تمّ استقدام قوّة لتعزيز مواقع الجيش السوري، لطرد المسلّحين الذين حاولوا قطع خطوط إمداد القوّات السورية وطردهم منها وملاحقة فلولهم.
وهنا، تدخّلت طائرات «التحالف الدولي» التي هاجمت تعزيزات الجيش العربي السوري، ما أسفر عن خسارة عدّة آليّات عسكرية،
فضلاً عن وقوع عدد من الجنود بين شهيد وجريح.
وفي السِّياق، أكّدت وزارة الخارجية السورية، أنّ جرائم «التحالف الدولي» غير الشرعيّ الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية هي أوضح دليل على ما تمارسه الولايات المتحدة ودول هذا التحالف من تضليل للرأي العام العالمي ومجلس الأمن خصوصاً.
وقالت وزارة الخارجية والمغتربين السورية، في رسالتين بعثتهما اليوم الأربعاء إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي، إنّ الولايات المتّحدة الأميركية تقود تحالفاً يمارس الإرهاب وينتهك قواعد القانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن المتعلّقة بسورية، والتي تؤكّد ضرورة احترام سورية ووحدة شعبها وأرضها.
وحذّرت «التحالف» من مخاطر التصعيد وتداعياته، مطالبةً الإدارة الأميركيّة ودول التحالف بالتوقّف عن شنّ هذه الهجمات المروّعة التي لم تقد حتى الآن عمليّاً إلّا إلى تقوية «داعش».
واختتمت الوزارة رسالتيها، «أنّ الجمهورية العربية السورية تطالب مجلس الأمن بتحمّل مسؤولياته أمام هذه الاعتداءات على سيادة سورية وعلى الجيش العربي السوري وعلى المدنيين الأبرياء، ومحاسبة هذا التحالف غير المشروع على الجرائم التي يرتكبها في سورية قبل تفاقم هذه الاعتداءات التي لا يمكن تبريرها أو الصمت عنها».