لعنة دمشق: قطر وتوزيع أثمان الهزيمة!
نصّار إبراهيم
مشاهد الرعب والخوف والفوضى التي اجتاحت القطريين وهم يكنسون البضائع ويُفرغون أرفف المتاجر من المواد الغذائية يثير الأسى… ولكن في الحقيقة هكذا هي النهايات المنطقية لمن يتجاوز قدراته.. إنها النهاية المنطقية حين يتصرّف الشعب وكأنه غائب عن الوعي فيما حكامه وأمراؤه وشيوخه أو قيادته تعبث بمصيره ومصير غيره من الشعوب… إذن استعدّوا لدفع الثمن حتى يحين موعد الاستيقاظ والخروج من الفقاعة التي توهّمتم أنها تحميكم!
«لا تعبثوا بسورية.. لا تعبثوا بالصفائح التكتونية…». هذا ما قاله الرئيس بشار الأسد قبل بدء الحرب العالمية الإرهابية على سورية في آذار 2011.
غير أنّ حلف العدوان لم ينتبه آنذاك، ذلك لأنه كان مغروراً إلى تلك الدرجة بقوته وسطوته وهيمنته حتى راح زعماؤه من رؤساء وملوك وأمراء وسياسيين ورجال مخابرات وإعلاميين ومثقفين يحدّدون عدد الساعات أو الأيام التي بقيت أمام الرئيس بشار الأسد كي يرحل… يومها ابتسم الأسد.. ففهم البعض ذلك استخفافاً، فيما كانت في الحقيقة ابتسامة استشراف.
منذ ذلك الوقت سقط مَن سقط ورحل مَن رحل، لكن دمشق بقيت عصيّة وبقي الرئيس بشار الأسد يعانق سفوح قاسيون ويواصل المقاومة.
اليوم.. بعد أكثر من ست سنوات من الحرب التي لم تعرف معها القوى المعتدية أية حدود لا سياسية ولا أخلاقية ولا عسكرية أو إعلامية أو استخبارية أو اقتصادية ونفسية… يبدو المشهد مثيراً وسيريالياً.
لقد استنزف حلف العدوان خياراته الاستراتيجية كلّها… التي سقطت الواحد ت لو الآخر… أمام صمود سورية وصبرها الاستراتيجي الباهر وهي تقاوم بشعبها وجيشها وقيادتها… ومعها وقف حلفاؤها الأوفياء وكلّ وطني وقومي، وكلّ حرّ في هذا العالم… حتى تهيأت الشروط والظروف لبدء هجومها الاستراتيجي وتحقيق النصر النهائي.
الآن تشتعل النيران في حلف العدوان.. فيما تبتلع الصحراء السورية وصحراء الأنبار العراقية مجموعات حلف العدوان من داعش ونصرة وجيش إسلام و… و… و…
في هذا السياق جاءت زيارة ترامب التي حصد فيها نصف تريليون دولار «هيك ع الماشي»… هي بعض أثمان الهزيمة… إنه الثمن الباهظ الذي يجب توزيعه على أطراف العدوان…
غير أنّ وحشية حلف العدوان على سورية ترتدّ الآن إلى وحشية في ما بين أطراف هذا الحلف ولاعبيه، فالقوي سيلتهم الضعيف.. والضعيف سيلتهم الأضعف… تلك هي الطريقة التي تعمل وفقها معادلات الهزائم الكبرى… هكذا تمّ وضع رأس قطر التعيسة على طاولة الابتزاز والإهانة…
قطر التي توهّمت أنها بغازها وقناة «الجزيرة» وعنتريات السفيه فيصل القاسم ستحدّد مصائر دول ومجتمعات بكاملها… لم تنتبه لمكر التاريخ ومعادلاته التي لا تحترم الأغبياء…
الآن وقت جردة حساب الخسائر بين أطراف حلف العدوان.. فيما تتوالى في الميدان هزائم الأدوات وأسيادهم على إيقاع انتصارات الجيش السوري.
حماة الديار يقولون الآن كلمتهم الساطعة ويحدّدون المصائر ويتركون الجميع. كلٌّ يتلفّت حول ذاته وهو يتلمّس رأسه…
السيد الكبير في البيت الأبيض يعرف المعادلات جيداً كما يعرف حدود القوة وحدود الخيارات المتاحة… فجاء إلى المنطقة ليقول لجميع القطيع الذي يقوده: لقد انتهى الوقت… لم يبق أمامكم ما تفعلونه سوى الحفاظ على رؤوسكم… سأقدّم لكم الحماية، ولكن عليكم دفع كلّ ما في جيوبكم وآبار نفطكم وغازكم… لا وقت لدينا!
هكذا أفرغ آل سعود جيوبهم وخزائنهم وحمّلوها مع ترامب… فأصبحت خزائنهم قاعاً صفصفاً… فما العمل!؟
لقد وجدت السعودية نفسها أمام لحظة وواقع لا يحتملان الثرثرة واللياقة الديبلوماسية أو أي لغو عن الأخوة ومجلس التعاون الخليجي… يجب تعويض ما يمكن تعويضه الآن وفوراً… فهل هناك ما هو أكثر ملاءمة من بقرة قطر!؟
إنه أمر مضحك أن تثار هذه العاصفة حول قطر بتهمة دعمها للإرهاب… حسناً… وماذا تفعل يا تُرى أكبر قاعدتين عسكريتين للولايات المتحدة العديد والسيلية في دولة تدعم الإرهاب الذي يهدّد المصالح الأميركية، كما يقولون؟ والسعودية أليست مفرّخة لأسوأ أنواع الإرهاب… ها!؟
ما يجري الآن ليس له علاقة بدعم قطر للإرهاب، فجميع أطراف هذا الحلف البشع دعموا وسلّحوا وموّلوا وحموا واحتضنوا الإرهاب الذي استهدف ولا يزال الشعب السوري والعراقي واليمني: الولايات المتحدة، إسرائيل، آل سعود، قطر، تركيا، بريطانيا وفرنسا وغيرهم… وغيرهم…
إذن ما يجري هو أمر في غاية البساطة… إنها عملية توزيع أثمان هزائم حلف العدوان عند أسوار دمشق العالية…