الرياض تطلب إغلاق القاعدة التركية و«الجزيرة» وقطع العلاقات بإيران وحماس نصرالله: مئات الآلاف سيأتون لقتال «إسرائيل»… والسعودية أجبن من أن تحارب إيران
كتب المحرّر السياسي
في يوم القدس غصّت عشرات العواصم والمدن بالملايين، لإحياء اليوم الذي أعلنه الإمام الخميني مكرَّساً للتذكير بالقدس ومنعاً لنسيانها. والمفارقة أنه لولا صنعاء المحاصرة بنيران السعودية والجوع والكوليرا لكانت المشاركة الشعبية العربية باهتة في هذا اليوم، بعدما تكفلت الحروب الأميركية «الإسرائيلية» السعودية بإشغال دمشق وبغداد بالحرب على الإرهاب، وتكفّلت بيروت المقاومة بالإمداد. لكن صنعاء «كفّت ووفّت» فكشفت حقيقة كل حروب المنطقة، إنّها حروب القدس، وليست حروباً لشيء سواها، سواء بالنسبة للذين يقاتلون لأجلها أو الذين يقاتلون ليكون أجلها.
في يوم القدس كانت عين الملك الفعلي للسعودية محمد بن سلمان على قطر، حيث خطّ بيده صك الإذعان الذي أُرسل لأميرها لتوقيعه عبر الإعلام قبل أن يصلها رسمياً، وفيه ثلاثة عشر بنداً بينها طلب تعويضات مالية، ويتصدّرها طلب إغلاق القاعدة العسكرية التركية وإغلاق قناة الجزيرة، وقطع العلاقات بإيران وحركة حماس. وقد ردّت تركيا وقطر على الطلبات بالرفض، بينما توقع خبراء أميركيون وروس على مواقع إلكترونية متخصصة أن تؤدي الأزمة إلى نشوب حرب.
في يوم القدس كانت الكلمة المفصلية للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي قدّم عرضاً مفصلاً لصراعات المنطقة، مبيّناً صلتها العضوية بالقضية المحورية لصراعات المنطقة وهي قضية فلسطين. فوضع الحرب على سورية والعراق واليمن والتصعيد ضد إيران ضمن دائرة السعي لبلورة محور سعودي «إسرائيلي» يهدف لتصفية القضية الفلسطينية ويرى العقبة بصمود محور المقاومة، الذي قال عنه نصرالله، إنه يتقدّم ويعزّز حضوره، وقد تجاوز نقاط الخطر، مضيفاً أنّه تلقى مصدرين جديدين للقوة من العراق واليمن، وأن ثنائي المحور المعادي لن يجرؤ على إعلان الحرب، فلا «إسرائيل» قادرة على خوض حرب ضد سورية ولبنان، حيث سيكون بوجهها فوق ما ينتظرها من قوة المقاومة وسورية وحلفائهما، فتح الأجواء لمئات الآلاف الذين سيأتون لقتالها من كل أنحاء العالم، والسعودية أعجز وأضعف وأجبن من أن تخوض حرباً على إيران.
رسائل نصرالله في يوم القدس
دخلت البلاد في أجواء فرصة عيد الفطر، فساد الجمود الساحة السياسية ليعود الزخم الى النشاط السياسي بعد العطلة للبدء بالترجمة العملية لبنود وثيقة بعبدا، بحسب ما توقعت أوساط مطلعة لـ«البناء».
وكان البارز أمس، خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي أجرى قراءة للوضع الإقليمي وبعث برسائل عدة في أكثر من اتجاه، حيث أكد مواقفه السابقة بأن العدوان على سورية فشل في تحقيق أهدافه ولفت السيد نصر الله الى أنه «بفضل الصمود والثبات والتضامن تخطّت سورية خطر سقوط النظام، وإذا استمر التطور الميداني ستتجاوز خطر التقسيم»، وأكد أن «سورية ثابتة في محور المقاومة».
وشدّد خلال إحياء مناسبة يوم القدس العالمي على أن محور المقاومة بات أكثر قوة وحضوراً على المستوى الميداني والسياسي من أي وقت مضى قياساً مع قوة أعدائه، حيث راكم الكثير من مصادر وعناصر القوة وأضاف قوىً جديدة الى الحلف في العراق واليمن، بينما الحلف المقابل يتجه الى مزيدٍ من التشتت والتفكك والارتباك.
أما الرسالة الثانية البالغة الأهمية التي أراد السيد نصرالله إيصالها للعدو «الاسرائيلي» الذي فقد القدرة والقرار على شن حرب على لبنان، رغم كل ادعاءات المسؤولين «الاسرائيليين» وها هو يتمسك بمعادلة الردع المتبادل وكل التهديدات التي يطلقها مسؤولوه لا أساس لها على أرض الواقع، فلم تعد «اسرائيل» تستطيع تحمّل الثمن الباهظ لأي حرب مع حزب الله. أما الخطير في الخطاب فهو ما كشفه بأن أي حرب مقبلة لن تكون محصورة بين حزب الله و«اسرائيل»، بل هدّد بأنه «قد يفتح المجال أمام عشرات آلاف من المجاهدين في العالمين العربي والاسلامي ليكون محور المقاومة أقوى في أي حرب». وهذا متغيّر استراتيجي في الحرب مع «اسرائيل»، إذ للمرة الأولى يذكر السيد هذا الأمر الذي كان يرفضه في السابق، ووضعت مصادر عسكرية هذا التهديد الجديد بأنه جزء من الردع الاستباقي الذي أدرجته المقاومة في حربها النفسية والردعية مع «اسرائيل».
وحمل الأمين العام لحزب الله السعودية مسؤولية تمكين العدو «الاسرائيلي» من التغلغل والتمدد في المنطقة، حيث تمدّه الرياض بالدعم المالي والإعلامي والسياسي، خصوصاً بعد المحاولات السعودية لنقل العلاقة مع كيان الاحتلال من تحت الطاولة الى فوق الطاولة، ومن السرية الى العلن، واعتبر أن «النظام السعودي بما يملك من نفوذ ويملك من أموال يفتح الأبواب لـ «اسرائيل»». وشدّد على وجوب «مطالبة النظام السعودي بوقف تصدير الفكر الوهابي الى العالم ووقف فتح أبواب التطبيع أمام «إسرائيل».
وردّ السيّد على مزاعم الإعلام الغربي والخليجي بوجود خطة أميركية – روسية لإخراج إيران وحزب الله من المعادلة السورية، جازماً بأن «إيران لن تتسامح مع الإرهاب والجماعات الإرهابية ومنظمة خلق، بل ستواجه وتنتصر وتقضي على هذه الجماعات». وأضاف «إيران ستكون أكثر حضوراً في سورية، والدليل على ذلك الصواريخ على دير الزور والتـي أصابـت أهدافهـا بدقة ودمّرت مراكز للإرهابيين وقتلت منهم».
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «إيران ستزيد حضورها في الساحة السورية على المستوى العسكري والسياسي وتعزيز الحضور الاستراتيجي، إذ إنها تدافع عن أمنها القومي ورسالتها الإقليمية ولن تسمح للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة بتقسيم سورية، كما حصل في أكثر من دولة عربية ولا بقطع التواصل الذي يربط محور المقاومة من إيران الى العراق مروراً بسورية وصولاً إلى لبنان وفلسطين».
وأكدت المصادر أن «التنسيق بين روسيا وإيران والعراق وسورية وحزب الله، سيؤدي الى القضاء على تنظيم داعش، متوقعة تحرير الموصل والرقة وبعض المناطق في سورية والعراق من سيطرة داعش أواخر العام الحالي»، موضحة أن «السبب الذي يؤخر بدء الحرب على التنظيم للقضاء عليه هو الحدّ من الخسائر البشرية.
جنبلاط: نؤيّد الحل السياسي في سورية
وفي زيارة هي الأولى منذ حوالى سنتين، وبعد انقلاب الموازين العسكرية والسياسية في سورية لصالح الدولة السورية وحلفائها في موسكو وطهران وحزب الله في لبنان وانكفاء الولايات المتحدة عن قضايا المنطقة، ومع سقوط الرهانات العسكرية وأفول المشاريع الأميركية في المنطقة، لم يعد أمام رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط من خيارات سوى الرضوخ للأمر الواقع وإعادة ترتيب أولوياته وصياغة تحالفاته على المستوى الدولي، بدءاً من روسيا التي استعادت حضورها على المسرح الدولي من البوابة السورية، فأكد جنبلاط خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن «لبنان يقدّر الجهود الروسية لتسوية الأزمة السورية بالوسائل السياسية»، لكنه لفت إلى أنه «من الضروري أن تحظى هذه الجهود بدعم جميع القوى الدولية».
وأوضح قائلاً: «هذه الجهود لن تستكمل ولن تختتم بشكل إيجابي إلا إذا توافق عليها جميع شركاء روسيا، لكن إذا كانت هناك دول لا تريد هذا الجهد الذي تقوم به روسيا للتسوية السياسية في سورية وفي المنطقة فالأزمة ستستمر وستطول».
وتابع قائلاً: «نرى أيضاً في المناطق الآمنة في سورية، ربما، هناك إمكانية الاتفاق على عودة قسم من المهاجرين السوريين المشردين في لبنان وفي الأردن وفي تركيا».
وذكّر بأن حزبه قد أيّد الحل الانتقالي في سورية عندما طرحه مؤتمر جنيف. وأضاف: «نتمنى أن تبقى مبادرة جنيف هي الأساس للانتقال السياسي في سورية للوصول إلى الحل السياسي».
وقال لافروف في مستهل اللقاء الذي جمعه بجنبلاط بحضور نجله تيمور إن «اللاعبين الخارجيين الرئيسيين في عملية التسوية بسورية يدعمون جهود إقامة مناطق لتخفيف التوتر»، وذكر وزير الخارجية الروسي بأن هذا اللقاء هو الأول بينه وبين جنبلاط منذ نحو سنتين. وأكد أن «الوضع في الشرق الأوسط شهد خلال هذه الفترة تغيّرات كثيرة، لكنه لا يزال بعيداً عن الاستقرار».
لكنه أشار إلى بروز بعض النزعات الإيجابية، بينها التأثير الإيجابي للاتفاق السياسي في لبنان العام الماضي والذي سمح بانتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية وتعيين سعد الحريري في منصب رئيس الوزراء. وعبّر عن سروره لتقدم لبنان في طريق استعادة الاستقرار.
التحالفات الانتخابية على «نار باردة»
على صعيد آخر، وضعت التحالفات الانتخابية على نار باردة، مع بدء القوى السياسية إجراء دراساتها وتقييمها لقانون الانتخاب الجديد وتقسيمات الدوائر لهندسة تحالفاتها التي لن تكون ثابتة، بحسب المطلعين، بل ستكون مرهونة بطبيعة كل دائرة وحاجة كل طرف سياسي الى الآخر لكسب المعركة ضد أخصامه.
وكانت لافتة زيارة الرئيس سعد الحريري الى معراب ولقائه رئيس القوات سمير جعجع الذي أقام سحوراً رمضانياً على شرفه، وذلك بعد لقاء المصافحة في بعبدا بين الرئيس ميشال عون ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الذي أطلق مواقف إيجابية تجاه عون ما أنهى القطيعة بين الطرفين، وأوحى بإمكانية عقد لقاءات تالية قد تجر الى تقارب انتخابي، غير أن مدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري أوضح في تصريح أنه «من الطبيعي أن نكون الى جانب التيار الوطني الحر في المرحلة المقبلة»، كاشفاً بأن «العلاقة في السياسة مع النائب وليد جنبلاط ليست في أفضل أحوالها».
الجيش أوقف «الكرنبي»
أمنياً، أوقفت استخبارات الجيش محمد بدر الدين الكرنبي من عرسال، الذي اعترف بتفخيخ سيارات عدة في لبنان، وأشار بيان الجيش الى أن «الكرنبي اعترف بانتمائه لتنظيم داعش الإرهابي، ومشاركته في معركة عرسال ضد الجيش اللبناني، ونقل انتحاريين وشراء وتفخيخ ونقل سيارات لتفجيرها في مناطق لبنانية مختلفة، كما شارك في عمليات عدة لإطلاق صواريخ باتجاه المناطق المذكورة، مما أدى إلى استشهاد عدد من المدنيين والعسكريين، وعمل في تجارة الأسلحة الحربية وترويج وتعاطي المخدرات، وقد أحيل الموقوف إلى القضاء المختص».
ولفتت المعلومات الى أن «الموقوف شارك في زرع العبوات الناسفة التي استهدفت حواجز الجيش في البقاع شرق لبنان، كما شارك في إطلاق الصواريخ على بلدات بقاعية وعلى الهرمل بالتعاون مع جماعات إرهابية في جرود عرسال. وأضافت: «المطلوب كان في طريقه من عرسال الى بيروت وكمنت له دورية من الجيش وأوقفته».
في سياق ذلك، تفقّد قائد الجيش العماد جوزيف عون قيادة فوج المدفعية الثاني في الكشفية – البترون، ونوّه بأداء الفوج، خصوصاً مشاركته الفاعلة في توفير الدعم الناري للوحدات المنتشرة على الحدود الشرقية، ما أسهم بقوّة في محاصرة التنظيمات الإرهابية وشلّ قدرتها على المبادرة والتحرّك، ومؤكّداً السعي إلى تعزيز قدراته بمزيدٍ من المدافع والأعتدة المتطوّرة التي تتناسب مع شروط المعركة الحديثة. ودعا قائد الجيش العسكريين إلى البقاء على جهوزية تامة، استعداداً للقيام بالمهمّات المرتقبة.
وزير الخارجية الصيني في بيروت
في غضون ذلك، جال وزير الخارجية الصينية وانغ يي أمس، على المقار الرسمية اللبنانية، فزار بعبدا وعين التينة وقصر بسترس مؤكداً أن بلاده ستواصل دعمها «الثابت لجهود لبنان للحفاظ على سلامة أراضيه».
وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للوزير الصيني أن «لبنان مع حل سياسي للأزمة السورية ووضع حد لمعاناة النازحين»، ولفت إلى أن «لبنان يساهم في تطوير مشروع «حزام واحد طريق واحد».
وأشار وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر صحافي مع نظيره الصيني الى أن «النازحين قادرون على العودة تدريجياً الى بلادهم قبل الحل السياسي وخلاله وبعده، ولبنان يعتمد سياسة عدم التدخل في صراعات المنطقة. وهو ليس في صراع إلا مع الارهاب»، موضحاً أننا «تناولنا مواضيع اقتصادية وشجّعت على تزخيم التبادل بين لبنان والصين التي أصبحت المورّد الأول في العالم إلى لبنان».