«النهج الأميركي في سورية.. لم يتغيّر أصبح أكثر براغماتية»
حميدي العبدالله
هذه العبارة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المؤتمر الصحافي الذي عقده في ختام قمة العشرين، تلخص السياسة الأميركية «الجديدة» في سورية والاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بين موسكو وواشنطن حول وقف إطلاق النار في الجبهة الجنوبية الغربية.
ما الذي قصده الرئيس الروسي أولاً بأنّ النهج الأميركي في سورية لم يتغيّر. يقصد مواقف الولايات المتحدة التي تصرّ على انتهاك سيادة سورية، والقيام بأعمال عسكرية داخلها، وتشكيل تحالفات دولية وإقليمية لهذا الغرض، ودعم ميليشيات محلية بذريعة مكافحة داعش، ورفض التنسيق مع الدولة الشرعية، وعلى المدى الطويل استمرار التشكيك بشرعية المسؤولين السوريين، هذا النهج الأميركي لم يتغيّر والدليل على ذلك ليس فقط تصرفات الولايات المتحدة على الأرض، بل تصريحات وزير خارجية الولايات المتحدة الذي قال فيها إن لا دور للرئيس الأسد في مستقبل سورية، وهو الأمر الذي استدعى رداً من بوتين في مؤتمره الصحافي مخاطباً تيلرسون قائلاً، مستقبل سورية يحدّده الشعب السوري وحده وليس وزير خارجية الولايات المتحدة.
أما ما قصده بوتين بأنّ السياسة الأميركية أصبحت أكثر براغماتية، قصد بذلك أولاً، الاتفاق على وقف إطلاق النار على الجبهة الجنوبية الغربية، مع ما يحمله ذلك من دلائل ونتائج.
مجرد قبول الولايات المتحدة التعاون مع روسيا للتوصل إلى هذا الاتفاق والتخلي عن سياسة رفض التعاون هو شكل من أشكال الواقعية السياسية، أيّ البراغماتية باللغة الإنكليزية.
الاتفاق يعني أنّ الولايات المتحدة لن تكون قادرة في وقت قريب وفي ظلّ هذا الاتفاق وقبول التنسيق والتعاون مع روسيا، على شنّ اعتداءات جديدة على الجيش السوري، كما كانت تفعل قبل قمة ترامب – بوتين على هامش قمة العشرين، وهي الاعتداءات التي كادت أن توصل العلاقات الروسية – الأميركية إلى مرحلة الحرب المباشرة، وهي سياسة ليست فقط غير واقعية، بل هي سياسة انتحارية إذا أخذ بعين الاعتبار ما لدى روسيا والولايات المتحدة من قدرات هائلة تدميرية، وهو ما أشار إليه وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق هنري كيسنجر في منتدى تخليد بريماكوف تعليقاً على ما وصلت إليه العلاقات الأميركية الروسية.
بعبارة مختصرة أدركت واشنطن مخاطر سياستها اللا واقعية، وتراجعت عن هذه السياسة، أيّ تراجعت عن مغامرات قد تقود إلى اندلاع حرب روسية – أميركية، وباتت السياسة الأميركية في سورية على هذا الصعيد أكثر واقعية.