ترامب: خطر حزب الله والحرب على داعش الحريري: تعاون الجيشين وملف النازحين
كتب المحرّر السياسي
طغى التزامن بين معارك جرود عرسال ولقاء رئيس الحكومة سعد الحريري مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مجريات اللقاء نفسه، الذي توّج بمؤتمر صحافي بدا فيه الكلام بعيداً عن وجود تفاهمات تضمّنها اللقاء. فالرئيس الأميركي الذي أشار بصورة عابرة إلى ما يعتبره أخطار حزب الله ومسارات الحرب على داعش، وتغزّل بالعلاقة التاريخية بين أميركا ولبنان منذ تأسيس الجامعة الأميركية في بيروت بدا متحمّساً لاستخدام المنبر لقضيتي برنامج التأمين الصحي والنيل من برنامج الرئيس السابق باراك أوباما أوباما كير واستقالة المدّعي العام الأميركي. وأجاب عن سؤالين بعيداً عن الموضوع، واحد حول ما فعلته أميركا لمساعدة لبنان في ملف النازحين فتحدّث عن دور وزير الدفاع كرجل عسكري يعرف ما يفعل وقد حقق إنجازات ضدّ داعش لم تحققها إدارة الرئيس أوباما خلال سنوات، ومرة ثانية في سؤال عن نظرته لمستقبل العلاقة بالرئيس السوري، خصوصاً في ظلّ التفاهم مع روسيا، فأجاب عن الخط الأحمر حول السلاح الكيميائي وعاد إلى معزوفة ما لم يفعله أوباما وقام هو بفعله، بينما كان لافتاً اختصار الرئيس الحريري لأجوبته على الأسئلة وفي نصّ مداخلته بعد اللقاء وبقائه في العموميات، متحدثاً عن حكومة تسعى لحفظ الاستقرار الاقتصادي ثم السياسي، وعن تعاون الجيشين اللبناني والأميركي وهما يعرفان ما يفعلان، وعن قضية النازحين التي يحرص عليها لبنان، وفي قضية الأزمة القطرية الخليجية اكتفى بمساندة المسعى الكويتي.
الانطباع الذي تركه اللقاء مع الصحافة بعد الاجتماع تمحور حول غياب هموم واهتمامات واحدة كانت محور نقاش في الاجتماع، بل تبادل كلمات دارت كلّ منها حول الإنشائيات الخاصة بخطابه السياسي، وأنّ نقاشاً مفتوحاً حول قضايا بعينها لم يتمّ، وأنّ اللقاءات مع أركان إدارة ترامب ربما تكون بعد هذا اللقاء هي التي يتمّ فيها التطرّق للمواضيع التي يرغب كلّ من الفريقين بمناقشتها.
على جبهة جرود عرسال واصلت وحدات المقاومة عمليات التطويق والحصر والتمشيط والتنظيف، وتمكنت من ضغط ما تبقى من جماعة النصرة وقائدهم في بقعة ضيقة بين منطقة الملاهي وآخر وادي حميد، حيث قام وسطاء محليون وشاركت اتصالات إقليمية بإدارة تفاوض محوره عرض واحد قدّمته المقاومة هو ضمان سلامة المنسحبين إذا ألقوا سلاحهم، بينما كان مطلب أبو مالك التلي يتمثل بالانسحاب مع سلاحه وعتاده، ولم تعد إدلب عنده بديلاً مرفوضاً كما كان قبل بدء المعارك، ووفقاً لمصادر عسكرية ميدانية سيستمرّ الجمع بين الضغط العسكري والجهد التفاوضي لبعض الوقت، حتى يُستنفد خيار الانسحاب فيكون آخر الدواء الكيّ. وحول أبعاد المعركة وتداعياتها والإجماع الشعبي الذي حازته المقاومة وتضحياتها، رغم بعض الكلام المقال حولها، ولشرح آخر التطورات وسياقها يطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم الساعة الثامنة والنصف عبر الشاشة، محدّداً المهامّ وراسماً آفاق المعركة، وربما يتناول بعض الكلام المقال حول المعركة، ومن الممكن أن يتطرّق لما يجري حول القدس والمشهد الإقليمي، وفقاً لبعض المصادر.
سياسياً، كان لافتاً ما صدر عن كتلة المستقبل النيابية لجهة تخطي لغة الانتقاد والاتهام لحزب الله إلى نبش الدعوة لنشر القوات الدولية على الحدود اللبنانية السورية من أرشيف حرب تموز 2006 ليطرح الموقف تساؤلات حول الأبعاد والخلفيات والكيفية ومدى الجدية، وهل تمثل جزءاً من مهمة يسعى إليها رئيس تيار المستقبل رئيس الحكومة سعد الحريري في زيارته لواشنطن فاختارت كتلته النيابية طرح الأمر في التداول بالتزامن مع زيارته الأميركية ولقائه بالرئيس الأميركي، أم هي عملية تشويش على الزيارة وإثارة غبار وشكوك وظنون حول تضمّنها ما لم يتم بحثه في الحكومة، ولا تمّ التوافق عليه مع رئيس الجمهورية، لوضع الرئيس الحريري أمام أمر واقع يتلقفه أحد ما في واشنطن ويقول نحن نوافق على ما طرحته كتلتكم النيابية ونتبنّاه؟
على عكس رهانات بعض القوى السياسية وقولها إن المعركة ضد جبهة النصرة ستكون طويلة والتهويل بخطورتها على أمن النازحين، فإن الواضح أن حسم المقاومين للمعركة في جرود عرسال بات قاب قوسين أو أدنى مع تقلّص المساحة التي تحتلها جبهة النصرة إلى أقل من 10 في المئة. ترجّح ذلك إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الساعة الثامنة والنصف مساء اليوم التي ستحمل دلالات انتهاء المعركة والانتصار على الإرهابيين.
وإذ تشير مصادر معنية إلى ردة فعل خصوم حزب الله حيال ما يقوم به المقاومون في الجرود، وتفاجئهم بحجم قوته وسيطرته واندفاعه وتحكّمه في الميدان، تشدد المصادر على أن حزب الله سيستثمر انتصاره على الجماعات الإرهابية استثماراً ذكياً بتجييش الانتصار على المستوى الوطني والتأكيد على ترسيخ ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة التي ثبتتها معركة الجرد.
فقد أحرز المقاومون مزيداً من التقدمِ في جرد عرسال وسيطروا على وادي كميل، وادي حمودي، مكعبة الفرن، البيدر، شعبات النحلة ووادي ضليل البراك، فيما اعترفت تنسيقيات المسلّحين بسيطرة المجاهدين على المناطق ذاتها. وتابعوا تقدمهم في جرود عرسال وأحكموا السيطرة على مرتفع سرج الخربة وطلعة النصاب ومرتفع النصاب وعقبة نوح شرق الجرود. ونفى الإعلام الحربي الأخبار الإعلامية التي تحدثت عن استهدافٍ مدفعي مركز وكثيف لوادي حميد ومدينة الملاهي. وضبط حزب الله في الجرود شاحنة محملة أسلحة وذخائر بعضها أميركي وفرنسي الصنع متجهة إلى إرهابيي جبهة النصرة في القلمون الغربي.
17 قتيلاً وعشرات الإصابات
وأفاد الإعلام الحربي مساء إلى أن التقدم الواسع للمقاومة أوقع 17 قتيلاً وعشرات الإصابات في صفوف جبهة النصرة في جرود عرسال، عُرف منهم ابو عدي وابو عمر التلي وابو محمد قاسم وابو علي شاكوش وابو اسامة. ودمّر حزب الله 3 آليات وقاعدة إطلاق صواريخ موجّهة لجبهة النصرة.
وتزامن كل ذلك مع فشل المفاوضات التي بدأت صباح أمس بين جبهة النصرة وحزب الله، بطلب من أبو مالك التلي بهدف إيجاد تسوية. وفيما وصلت المفاوضات الى طريق مسدود، لأن «النصرة» لم توافق على شرط حزب الله بتسليم السلاح والانتقال إلى الأراضي السورية، علمت «البناء» أن وزير الاتصالات جمال الجراح أجرى اتصالاً بمسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا للتوصل إلى اتفاق من أجل السماح لما تبقى من مقاتلي النصرة بالجرود الانسحاب، إلا أن قيادة حزب الله رفضت ذلك، إذ أبلغ صفا الجراح ان امام المسلحين حالاً من اثنين إما الاستسلام او الموت.
وأكدت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن حزب الله لا يتهاون في الميدان، وفي مثل هذه المعارك نوع العمليات يختلف ولا مجال للتراجع، مشدّدة على أن العمل جاء على تأمين محيط وادي حميد والملاهي، مشدّدة على أن المهم بالنسبة لحزب الله تطهير الجرود من جبهة النصرة واجتياز امتحان المخيّمات بأمان.
الاستسلام أو الموت
ولفتت المصادر إلى أنه لم يعُد أمام العناصر المتبقية من النصرة في الجرود إلا خيار من اثنين: إما القتال حتى الموت، أو التوجه باتجاه مناطق داعش الذي وضع شرط المبايعة على كل مَن يريد دخول المخيم، مع الإشارة إلى أن سرايا أهل الشام لم تسمح بدخول إرهابيي النصرة الى مخيمات الجرود في منطقة الملاهي، فضلاً عن أن الجيش لن يسمح بتسلل عناصر جبهة النصرة إلى مخيمات النازحين السوريين. فالطريق بين مناطق سيطرة مسلحي «النصرة» في وادي حميد ومنطقة الملاهي ومخيمات النازحين تقع تحت التغطية النارية للجيش، وبالتالي هو قادر على إحباط أي محاولة تسلل في اتجاه مخيمات النازحين.
وتحدّثت مصادر عسكرية عن أن المهمة الأساسية في مواجهة جبهة النصرة انتهت، وما تبقى من أعمال هو استكمال لهذه المهمة لجهة تنظيف الجرود. اما بالنسبة للمعركة ضد داعش، فإن المصادر نفسها تشير الى أن القرار السياسي اتُخذ بضرورة التخلص من هذا التنظيم، لكن بدء العملية يتطلب تقديراً للتوقيت من القيادة الميدانية على ضوء النتائج التي تحققت ضد جبهة النصرة، متحدثة عن إمكانية تعديل حزب الله في الخطة او التوقيت. وهذا الأمر متروك للقيادة الميدانية على ضوء توجيهات القيادة السياسية.
وفي سياق متصل، أكد قائد الجيش العماد جوزاف عون «وجود 50 إرهابياً خطيراً من بين الموقوفين، بعضهم من الرؤوس المدبّرة والمشاركين في اختطاف العسكريين والهجوم على مهنية عرسال خلال أحداث آب 2014»، مؤكداً أن «الجيش ومع التزامه الدقيق بمعايير حقوق الإنسان، لن يجعل من المخيمات ستاراً للإرهابيين، يمكنهم من التخطيط في الخفاء والإعداد لتنفيذ عمليات إرهابية في الداخل».
في موازاة ذلك، خرج بيان كتلة المستقبل بنبرة ممجوجة مهدِّدة تطلب استعمال ما هو متاح في القرار 1701 لجهة الطلب من مجلس الأمن الدولي الموافقة على توسيع صلاحيات قوات الأمم المتحدة في مؤازرة الجيش اللبناني لحماية الحدود الشرقية والشمالية للبنان أُسوةً بالتجربة الناجحة في الجنوب. تزامن هذا البيان مع اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة سعد الحريري بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي من المرجّح أن يكون بحث في هذه النقاط لا سيما أن ما يطرحه المستقبل اليوم كان قد طرحه الرئيس فؤاد السنيورة على كونداليزا رايس في تموز 2006.
وفي موقف تصعيدي أكد ترامب أمس، أن حزب الله يمثل تهديداً للدولة اللبنانية والشعب اللبناني والمنطقة وما يفعله الجيش اللبناني عظيم جداً بانتصاراته على داعش. ولفت الحريري بدوره إلى أن البحث تناول «الوضع في المنطقة والجهود المبذولة لحماية استقرارنا بينما نحارب الإرهاب ونشكر الدعم الأميركي للجيش والأجهزة الأمنية».
وأشارت المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن نيكي هايلي إلى أن «قرارات الأمم المتحدة تدعو حزب الله لنزع السلاح وهذا لم يحدث»، مشيرةً إلى أن حزب الله عرقل سيطرة الحكومة اللبنانية على كامل الأراضي»، واعتبرت أن «حزب الله قوة مدمّرة وعقبة في طريق السلام».