نصرالله: زمن التهديد «الإسرائيلي» انتهى وحزب الله قوة مدمِّرة لمشاريعه لبنان محتاج للحديث والتنسيق مع سورية في أغلب الملفّات
أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، «أنّ الزمن الذي كان فيه «الإسرائيلي» يهدِّد وينفِّذ انتهى، ونحن في زمن النصر»، وأضاف «كلّ من راهن ويراهن على ضرب محور المقاومة خابت وتخيب وستخيب آماله»، ولفتَ إلى أنّ «الإسرائيليّين يتجنّبون خوض أيّ حرب على لبنان، لأنّهم يعلمون الكلفة الباهظة عليهم»، موضحاً أنّ «الإسرائيليّين يدركون أنّه في لبنان بمعادلته الذهبية قوّة كلفتها عالية عليهم». وقال: «من تموزنا 2006 إلى تموزنا 2017 نصر جديد في معركة أخرى، لكنّها تنتمي إلى المعركة نفسها والمعايير والموازين والحسابات نفسها»،
كلام السيد نصرالله جاء في كلمة متلفزة له في الاحتفال المركزي الذي أقامه حزب الله في الذكرى السنوية الحادية عشرة للانتصار عام 2006 في بلدة الخيام الجنوبية، واستهلّها بالحديث عن خصوصية المكان الذي أُقيم فيه الاحتفال، وقال: «سهل الخيام شهد الإنجاز الميداني الكبير الذي هو جزء من مجموعة الإنجازات الميدانيّة التي شكّلت المعركة وحسمت نتيجتها»، وأضاف: «سهل الخيام ينسب لبلدة الخيام، وهي بلدة العلم والجهاد والمقاومة والصمود والعيش الواحد بين المسلمين والمسيحيّين».
وأشار إلى أنّه «في معتقل الخيام سجّل الأسرى، رجالاً ونساءً، الصمود الكبير والتمسّك بالمقاومة ورفض الاحتلال ورفض الخضوع»، وأضاف: «كانت عين العدو على الخيام لقيمتها المعنويّة وموقعها الجغرافي الحاسم، لكنّ المقاومين في البلدة والأهالي صمدوا وقاوموا وسجّلوا ملاحم عظيمة»، موضحاً أنّ «في سهل الخيام كان الصهاينة يفترضون أنّ القرية محاصرة، وأنّ العملية سهلة، ولكنّهم قالوا إنّ دبابات الميركافا كانت تتلقّى ضربات دائمة». وأكّد أنّ «سهل الخيام شهد ملاحم بطوليّة، حتى إنّ قائد الكتيبة «الإسرائيليّة» قال «حتى طيور الإوز في مرمى النار».
مقاومة جدّية لا تعرف المزاح
ورأى أنّ «النموذج الذي قدّمته المقاومة في سهل الخيام ووادي الحجير وكلّ سهول وجبال الجنوب، هو النموذج نفسه لكنّه تطوّر أكثر على كلّ صعيد»، وشرح هذا الأمر بالقول: «أي قوّات برّية صهيونية ستدخل إلى جبالنا وسهولنا لن ينتظرها سهل الخيام كما 2006، بل مضروباً بالمئات»، مبيّناً أنّ «القصة ليست في العدد ولا الدبابات، لكنّ القصة في الثبات في الأرض»، ومؤكّداً أنّ «معادلة حرب تموز قدّمت نموذجاً لرجالنا الذين ثبتوا في الأرض في مقابل فرار جنود العدو كالفئران».
وإذ لفتَ السيد نصرالله إلى أنّ «التهديد الأساسي للصهيوني بنظره هو حزب الله»، قال: «العدو «الإسرائيلي» يتحدّث عن الاستعداد الدائم لحزب الله بالعتاد والعديد، ومع كلّ تصريح للـ»إسرائيلي» عن قدرة حزب الله، فإنّه يعترف بهزيمته بحرب تموز 2006، لأنّ هدف الحرب كان سحق حزب الله»، وأضاف: «إنجاز التحرير عام 2000 لم يأتِ بالأحلام والآمال والادّعاءات، بل بالمقاومة الجادّة بكلّ شيء»، وأوضح: «يوجد مقاومة في لبنان جدّية لا تعرف المزاح وليس لديها عطلة سنويّة، لكنّها تدرس وتخطّط وتواكب وتدرس كلّ قدرات العدو وتطوّرات المنطقة، وتُعيد النظر دائماً في خططها».
وفيما شدّد على أنّ «هذه المقاومة تعمل لتحقيق الأهداف الوطنيّة ولا تبحث عن المكاسب السياسية والحزبية والطائفية»، قال: «هذه المقاومة ميزتها الأخلاقيّة أنّها وضعت أهدافاً وطنية نصب أعينها، تعمل على تحقيقها ولا تبحث عن مكاسب على الطريقة اللبنانية»، وأكّد أنّ «هذه المقاومة منذ 2006 إلى اليوم تزداد قوّة، ولا نبالغ، وهذا ما يقوله العدو ويعترف به الخصم ويعرفه الصديق».
وأشار السيد نصرالله إلى أنّه عندما يتحدّث عن المقاومة لا يتحدّث مع الداخل، إنّما يتحدّث للعدو «الذي وصل إلى قناعة بأنّ أيّ حرب على لبنان لا توازي ولا «تستاهل» الكلفة التي ستتحملّها «إسرائيل» في مقابل هذه الحرب»، وشدّد على أنّه «كلّ من راهن على سحق المقاومة خسر، وكلّ من راهن على ضعف محورها فهو خاسر وسيخسر باستمرار».
المعادلة الذهبيّة تردع العدو
وأشار إلى أنّ «إسرائيل تقول إنّ الحرب على لبنان هي حرب اللاخيار، أي لا تكون الحرب إلّا آخر خيار»، وقال: «لقد تولّدت معرفة حقيقية عند «الإسرائيليين» أنّ في لبنان قوة، إذا استخدمت فيها المعادلة الذهبيّة سوف تكون الكلفة عالية جداً على «إسرائيل»، وليس معلوماً أنّها ستحقق الأهداف والنصر»، وأكّد أنّه «عندما تتكامل هذه القوة في معادلة الشعب والجيش والمقاومة، سوف ترتفع الجدران أكثر عند «الإسرائيليّين» وتكبر المخاوف عندهم ويرتدع العدو».
وحول «الأمونيا» في كيان الاحتلال، رأى السيد نصرالله أنّ «قرار إخلاء «إسرائيل» حاويات الأمونيا في حيفا يعكس خوفها من قوّة المقاومة واحترامها لأنّها قوية»، وكشف أنّ «الصهاينة يدرسون بدائل وخيارات لإخلاء الأمونيا، وبعد مناقشات طويلة ومحاكمات حكمت المحكمة بإخلاء هذه الحاويات في أيلول»، واستدرك بالقول: «بعد الأمونيا أيضاً هناك ديمونا، وهو أخطر وعلى العدو أن يعالج هذا الأمر أيضاً».
حزب الله قوّة حماية
ورأى السيد نصرالله، أنّ «العدو يلجأ إلى أساليب أخرى غير العسكرية، وهو ضغط الإدارة الأميركية على حزب الله والحكومة والشعب اللبناني وأصدقاء حزب الله وداعميه»، ولفتَ إلى حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن أنّ أميركا والحكومة اللبنانية تشتركان في محاربة الإرهاب بينهما «داعش» وحزب الله، وقال « ترامب لا يعلم أنّ حزب الله موجود في الحكومة وهو جزء منها»، مؤكّداً أنّ «الإدارة الأميركيّة لن تستطيع المسّ بقدرة المقاومة وتعاظم قوة المقاومة في لبنان».
وردّاً على قول ترامب، إنّ «حزب الله قوة هدّامة وخطرة»، قال السيد نصرالله: «نعم حزب الله قوة هدّامة ومدمّرة وخطيرة على المشروع «الإسرائيلي»، كان وما يزال، وهو من دمّر وهدم مشروع «إسرائيل الكبرى» في عام 2000»، وأضاف: «حزب الله قوة هدّامة ومدمّرة على مشاريعكم، وهو أسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد»، وتابع: «حزب الله قوّة هدّامة ومدمّرة وأسقط المشروع «الإسرائيلي» عام 2006، وكما فعلت المقاومة الفلسطينية أيضاً»، مشدّداً على أنّ «حزب الله هو قوّة خير وحماية»، ومعتبراً أنّ «الإرهاب هو أميركا و«إسرائيل» والجماعات التي صنعتها هاتان الدولتان ، وترامب من قال إنّ أوباما وكلينتون صنعا «داعش»، وقال «حزب الله يقاتل الإرهاب و«داعش» في المنطقة».
وعن التهويل الأميركي «الإسرائيلي» على الشعب اللبناني، كشف السيد نصرالله أنّ «هناك تهويلاً وتهديداً على المسؤولين اللبنانيّين في الغرف المغلقة والدوائر الدبلوماسيّة»، وقال: «نحن نواجه الآن ذلك ، وأتمنّى أن لا يكون بعض اللبنانيين مشتركين في حفلة التهويل هذه»، وأضاف: «نحن يجب أن نكون أقوياء نفسيّاً، لأنّنا سنكون أقوياء عمليّاً وميدانياً».
وأشار السيد نصرالله إلى أنّ «الإسرائيلي» اليوم يخاف من زراعة الأشجار على الحدود، لأنّه يعتبر أنّها تحمي الناس في لبنان»، ولفتَ إلى أنّ «هناك شعوراً وخوفاً وضعفاً لدى «الإسرائيلي» الذي كان لا يقيم أيّ حساب للبنان ويستهين بالشعب اللبناني»، مؤكّداً أنّه «عندما يملك شعبنا القوّة للبناء على الشريط الشائك ويمشي في الليل ويزرع أرضه، فهذه قوّة».
وفيما دعا «البلديات والجمعيات والناس في كلّ لبنان لزراعة الشجر»، قال: «هذا جزء من المقاومة وحماية لبنان، ولا تنتظروا فقط الدولة والمؤسسة».
انتصار جديد في الجرود
وعن المعركة المنتظرة لتحرير بقيّة الجرود، قال: «نحن ننتظر قرار الجيش اللبناني الذي سوف يعطي الوقت ببدء المعركة ضدّ «داعش» لتحرير بقيّة الجرود»، متمنّياً أن «لا يضع أحد مدىً زمنيّاً للجيش بالحسم، وأن لا يضع أحد مقايسات بين المعارك الحاصلة، ونحن ذاهبون إلى معركة وطنيّة فيها دم شباب»، وطمأن أنّه «سنكون أمام انتصار حاسم جديد، والمسألة هي مسألة وقت، والتعاطي بروح وطنيّة وإنسانيّة».
وأعلن أنّه «خلال أيام سوف يخرج بقيّة المسلّحين من جرود عرسال إلى سورية بعد التسهيلات التي قدّمتها الدولة السوريّة»، مجدّداً التأكيد أنّه «بمجرّد أن يدخل الجيش ويستلم المواقع، نحن سوف نخليها».
وبينما كشف السيد نصرالله أنّ «إسرائيل وأميركا حريصتان على انتصار الجماعات المسلّحة في سورية ويدعمانها خصوصاً في الجنوب السوري»، لفتَ إلى أنّ «إسرائيل خائبة من الانتصارات وما يجري في سورية، وخائبة من الجماعات المسلّحة التي تعوّل عليها، وهي حريصة على انتصار «داعش» و«النصرة» في سورية»، وشدّد على أنّ «داعش لن تجد من يدافع عنها في العالم بعد كلّ المجازر التي ارتكبتها»، مؤكّداً أنّ «المعارضة المسلّحة أمام خسائر، والمعارضة ضعيفة ودول الخليج تسحب يدها».
لوضع النكايات جانباً
وعن العلاقة مع سورية، دعا السيد نصرالله بعض السياسيّين إلى وضع حساباتهم الشخصية والنكايات جانباً، وقال: «بحكم الجغرافيا والتاريخ، فإنّ مصالح لبنان مع سورية أكبر بكثير من مصالح سورية مع لبنان، وبأغلب الملفات لبنان محتاج للحديث مع سورية»، وأضاف: «مصلحة لبنان أن تكون الحدود مع سورية مفتوحة، وأن يتفاهم لبنان مع سورية في المشاريع الزراعيّة وكذلك ستفتح الحدود مع العراق والأردن، وهناك صادرات لإخراجها عبر سورية»، وتابع: «في الموضوع الأمني، نحن محتاجون للحديث مع سورية، وكذلك حول معامل الكهرباء في الشمال».
لفكّ الحصار عن اليمن
وفي الموضوع اليمنيّ، شدّد السيد نصرالله على وجوب «فكّ الحصار عن اليمن والذهاب نحو حلّ سياسي، وهو ممكن لكن هناك من يريد إذلال الآخرين»، وقال: «في اليمن هناك أزمة وكارثة إنسانيّة وصحيّة بسبب الحرب والحصار من أميركا والسعودية، ويجب أن تصدر الدعوات لفكّ الحصار، وكلّ الساكتين في العالم يتحمّلون المسؤولية».
وختم بتوجيه التحيّة إلى الإمام المغيّب السيد موسى الصدر ورفيقيه، وأضاف: «نقول له إنّنا سنكمل الطريق، وما نصر 2006 إلّا بعضاً من زرعك».