«إسرائيل» منعزلة وإيران تتوسّع بعد تركيا… علاقات إيرانية سعودية
ناصر قنديل
– دأب المحللون والكتاب والخبراء العرب على التعامل مع ثابتة يثقون بصوابها، وهي أنّ «إسرائيل» عندما تطلب شيئاً من واشنطن أو من موسكو فهي ستحصل عليه حكماً، والمعادلة ناتجة عن زمن القوة «الإسرائيلية» ولا يزال البعض يراها صالحة، رغم المتغيّرات الجارية في المنطقة، وكثير من هؤلاء يربط السياسة الأميركية بافتراض أنّ الأولوية ستبقي تفوّق «إسرائيل» ومكانتها كصاحبة يد عليا، وأنّ الأمن «الإسرائيلي» بوصلة للسياسات الأميركية متجاهلين الخيارات المحدودة أمام واشنطن، ومتجاهلين الفرق بين الرغبات والقدرات، رغم ما مرّ أمام أعينهم من إشارة بالغة المغزى مع التوقيع الأميركي على التفاهم حول الملف النووي الإيراني، رغم الصخب والضجيج «الإسرائيلي» الذي بلغ حدّ القول أمام الكونغرس، أنتم تسعون لتفادي تهديد أمني، لكننا نواجه تهديداً وجودياً، ولم تفلح المساعي «الإسرائيلية» بتغيير الموقف الأميركي، ليس تخلياً عن «إسرائيل» بل لأنّ الخيارات محدودة، ومحكومة بين حدّي التوقيع على التفاهم أو الذهاب للحرب الشاملة.
– بالنسبة لروسيا ذهب هؤلاء أنفسهم لتأويلات وتفسيرات رافقت الحديث عن تنسيق روسي «إسرائيلي» في الأجواء السورية بمنحه أبعاداً تتصل أحياناً بالتوهّم بموافقة روسية على الغارات «الإسرائيلية» التي استهدفت، كما قال «الإسرائيليون» حزب الله، أو تلك التي استهدفت الجيش السوري، وفاتهم التساؤل هل هذا يعني أنّ ردّ حزب الله على الغارات بعملية مزارع شبعا كان برضى روسي أم لاقى اعتراضاً روسياً، ومثله الردود السورية على «إسرائيل» سواء بإطلاق صواريخ نوعية وراء طائراتها المغيرة، أو بإطلاق قذائف تستهدف المواقع «الإسرائيلية» في الجولان المحتلّ، هل كانت برضى روسي أم لاقت اعتراضاً روسياً. فإنّ كانت حركة حزب الله وسورية قد تمّت برضا روسي، فهذا يسقط وهم المكانة التي يفترض هؤلاء بأنها لـ«إسرائيل» لدى روسيا، وإنْ لاقت اعتراضاً روسياً ولم تقم له سورية وحزب الله حساباً، ولم يؤثر ذلك على قرار موسكو بالتعاون النوعي من جانب روسيا مع سورية وحزب الله في معارك كانت المشاركة الروسية فيها حاسمة للفوز بها كمعركة تحرير حلب، فهذا يعني أنّ الاعتراض كان شكلياً، أو أنه نابع من إدراك محدودية القدرة على التأثير من جهة، ومن جهة مقابلة على أولوية التعاون مع سورية وحزب الله كمصلحة روسية عليا، على مراعاة الطلبات «الإسرائيلية». وفي الحالين لن تنال «إسرائيل» ما تبغيه من روسيا للحصول على الأمان الذي تريده في سورية، سواء من جانب الدولة السورية أو لجهة مستقبل دور حزب الله، إما لأنّ روسيا راضية عما يريده السوريون وحزب الله، أو لأنها غير راضية ولا تستطيع فعل شيء، أو لأنّ الشيء الذي يجب أن تفعله يعرّض حلفها مع سورية وحزب الله وإيران لمخاطر تطال مصالحها العليا المتفوّقة على مكانة الحسابات «الإسرائيلية» بالنسبة لروسيا.
– الصحافة «الإسرائيلية» والتعليقات المنشورة فيها عن خطوط «إسرائيل» الحمراء، والزيارات لواشنطن وموسكو، تحفل بالمواقف التي تتوقع الفشل «الإسرائيلي» في سماع ما يرغب مسؤولوها سماعه، فقد ولّى زمن القوة «الإسرائيلية» الذي كان يجعلها جهة يُحسب حسابها، ويتمّ السعي لاسترضائها، وبين أن تسعى لقلع أشواكها بأيديها وتتورّط في حروب لا طاقة عليها، أو أن تستمع لما قيل إنّها نصيحة
الرئيس الروسي لرئيس حكومة الاحتلال، بالاستعداد لمشهد جديد في المنطقة يشكل حزب الله فيه جزءاً طبيعياً من المشهد الإقليمي، والتأقلم مع فكرة التعايش مع هذه الحقيقة، بمثل ما كان على العرب الشاكين من خطر «إسرائيل» خلال خمسين عاماً، أن يستمعوا لمن يقول لهم، إنّ عليهم الاستعداد لتقبّل فكرة أنّ «إسرائيل» لاعب إقليمي جديد في المنطقة، وعليهم التأقلم مع فكرة التعايش مع هذه الحقيقة.
– مقابل هذه العزلة «الإسرائيلية»، تتوسّع إيران، فهي بلا شك تشهد صعود حلفائها في سورية والعراق ولبنان، وتتجذّر علاقتها بتركيا، وتتأسّس على مفاهيم مشتركة للأمن القومي بعد سقوط الرهان التركي على إسقاط سورية وظهور مخاطر عدوى الانفصال الكردي. والسعودية التي كانت تضع إيران عدواً وهدفاً للتصعيد والتحشيد، تتبادل مع إيران بعد عيد الأضحى، كما قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بعثات دبلوماسية لتفقد السفارات والقنصليات واحتياجاتها تمهيداً لإعادة فتحها، وهو أمر ليس بالبسيط ولا بالعابر ولا بالروتيني.
– منطقة البحار الخمسة، التي شكّلت أطروحة الرئيس السوري بشار الأسد لمنظومة إقليمية بلا «إسرائيل»، تضمّ الدول المطلة على البحر المتوسط والبحر الأسود والبحر الأحمر وبحر العرب وبحر قزوين، وليس الشرق الأوسط، هي منظومة قيد التشكّل وتنتصر، وفي المقابل تقع «إسرائيل» في الحصار، فهل سيصدّق بعض المأخوذين بخرافة الجبروت «الإسرائيلي» بإمكانية حدوث ذلك؟