نصر الله: عون حفظ هيبة الدولة والأسد وافق على المساندة في المعركة رغم الحرج وأميركا رفضت تحرير الجرود وهدّدت لبنان
أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أنّ لبنان مسيّج و كلّ من يفكّر بأن يعتدي على أرضه ستُقطع يده بفضل المعادلة الذهبيّة الجيش والشعب والمقاومة، وشدّد على أنّ دعم الجيش اللبناني ليزداد قوة، يزيد المعادلة الذهبيّة ألقاً ولا يحيلها إلى التقاعد لأنّنا سنبقى في لبنان بحاجة إلى المزيد من القوّة لحماية بلدنا.
ولفتَ إلى أنّ اتخاذ الدولة اللبنانيّة قرار المعركة في الجرود تطوّر بالغ الأهميّة وممارسة للقرار السياسي السيادي الذي هو أحد إنجازات العهد الجديد، قائلاً إنّ «ميزة وجود رئيس جمهوريّة كالعماد ميشال عون، هو أنّه حفظ هيبة الدولة لمّا اتخذت قرار تحرير الجرود».
وأشار إلى أنّنا ننتظر قراراً سياديّاً آخر من الدولة اللبنانيّة بتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
وكشف أنّه زار الرئيس بشار الأسد في دمشق، وأبلغه أنّ عملية تحرير الجرود «ستكشف لنا مصير العسكريّين اللبنانيّين المخطوفين، فقال لي إنّ هذا الأمر سيحرجني، ولكن لا بأس، وإذا أنتم حزب الله تريدون التفاوض، فأنا موافق». وحيّا الجيش السوري وتضحياته، معلناً أنّه قاتل من أجل لبنان.
وحذّر «من يحرّض على حزب الله بأنّ عليه أن يعرف أنّ أيّ عقوبات على حزب الله ستنعكس على جميع اللبنانيّين، وبالتالي يجب مواجهة الضغوط على لبنان بروح التعاون ومن دون تهويل».
مواقف السيد نصرالله جاءت خلال كلمة له في مهرجان عيد التحرير الثاني في ساحة المعرض التجاري في بعلبك، والذي أطلّ خلاله عند الساعة السادسة إلّا ربعاً عبر شاشات جهزت في المكان، بحضور عشرات الآلاف الذين غصّت بهم الساحات، يتقدّمهم ممثّل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الوزير بيار رفّول، ممثّل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي وزير الزراعة غازي زعيتر، السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، وعن الحزب السوري القومي الاجتماعي حضر وفد مركزي ضمّ ناموس مجلس العمد نزيه روحانا، عضو الكتلة القوميّة النائب الدكتور مروان فارس، عضو المجلس الأعلى منفّذ عام زحلة أحمد سيف الدين، وكيل عميد القضاء إياد معلوف، منفّذ عام البقاع الغربي الدكتور نضال منعم، منفّذ عام البقاع الشمالي حسن نزهة، وعدد كبير من أعضاء المجلس القومي وهيئات المنفّذيات وحشد من القوميين، نوّاب كتلة الوفاء للمقاومة وتكتّل بعلبك الهرمل، وفد الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة برئاسة معاون وزير الخارجية جابري أنصاري، ممثّل النائب سليمان فرنجيّة نجله طوني، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وقيادات عسكريّة وأمنيّة، الوكيل الشرعي للإمام الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك، رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد إبراهيم أمين السيد، رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفيّ الدين، وفاعليّات دينيّة وسياسيّة وبلديّة واختياريّة وثقافيّة واجتماعيّة ووفود شعبيّة.
اعتذار وتقدير
واستهلّ السيد نصر الله كلمة بالاعتذار عن عدم تواجده بين الحضور، وقال: «كنت أودّ أن أكون بينكم في هذا اليوم العظيم كما ذهبت إلى بنت جبيل في 25 أيار 2000، لكنّ الظروف مختلفة، ولأنّ ظروف ما قبل حرب تموز 2006 ليست كما بعدها، خصوصاً أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو و«إسرائيل» غاضبان، ومثلهما أميركا، فكان أن ارتأى إخواني عدم الذهاب. نرحّب بالحضور ونبارك له انتصار الجيش والمقاومة والشعب في عيد 28 آب 2017، ونشكر تلبية الدعوة للمشاركة، وخصوصاً أهل البقاع أهل الغيرة والحميّة».
استذكار الصدر وتنويه ببرّي
وتحدّث عن الإمام السيد موسى الصدر في ذكرى اختطافه، مؤكّداً أنّه «كان رجلاً في أمّة، وقضيّته عزيزة علينا جميعاً»، وتوجّه إليه قائلاً «يا سيدنا وإمامنا وقائدنا، إنّ أبناءك في حركة أمل وحزب الله حفظوا نهجك في المقاومة والتحرير والحفاظ على لبنان وصيانة أمنه واستقلاله وعيشه المشترك والدفاع عن القدس وفلسطين، وكلّهم أمل في أن تعود كما أنت القائد والملهم والهادي إلى طريق الحق والانتصارات، وإنّ هذا التحرير الثاني هو بعض زرعك الذي أثمر كما انتصار تموز والتحرير في عام 2000».
وأثنى السيد نصرالله على مواقف الرئيس برّي «الشُجاعة والحكيمة»، مؤكّداً «أنّه رجل التحدّي والضمانة للجميع وللوحدة الوطنيّة».
وأشار إلى أنّ «سيطرة الإرهابيّين على الحدود الشرقية اللبنانية السورية، شكّلت قاعدة تهديد للبنان وسورية، مشدّداً على أنّ هناك قوى سياسيّة وازنة في لبنان أيّدت المواجهة مع الإرهابيّين على الحدود الشرقية، وأوضح أنّه خلال المرحلة السابقة وبسبب الانقسام السياسي لم تتمكّن الدولة اللبنانية من اتخاذ قرار حاسم بالمواجهة العسكرية، لكنّها للإنصاف دخلت في مواجهة أمنيّة مع الخلايا الإرهابيّة حيث حقّق الجيش والأمن العام وقوى الأمن وأمن الدولة إنجازات هامّة.
قرار سياديّ وغضب أميركيّ
وأكّد أنّه خلال المرحلة السابقة كان هناك معلومات عن أنّ «داعش» تحضّر لاحتلال بلدتَيْن لبنانيّتين من أجل ترهيب اللبنانيّين والضغط على الدولة اللبنانيّة، مشيراً إلى أنّه «كان واضحاً أنّ الإرهاب في الجرود أُعيد تفعيله بقوّة مع بداية الربيع وعندها سيكون الصيف المقبل استحقاقاً خطيراً».
وأوضح أنّه «لو أرادت الدولة اللبنانيّة تحرير جرود عرسال في تموز لم يكن عندنا مشكلة في ذلك، وما كنّا قدّمنا ما قدّمناه»، لافتاً إلى أنّه «طُلب منّا التريّث في استكمال المواجهة مع الإرهابيّين في الجرود حتى اتّخاذ الدولة قراراً بتحرير ما تبقّى من جرود، فقلنا لهم نحن في غاية السعادة وسنكون إلى جانب إخوتنا في الجيش العربي السوري، فكانت عملية «فجر الجرود» و«إن عدتم عدنا»، والتي انتهت عملياً بتحقيق كافّة أهدافها».
وفي هذا السياق، اعتبر السيد نصرالله أنّ «اتخاذ الدولة اللبنانية قرار المعركة في الجرود تطوّر بالغ الأهمية، وممارسة للقرار السياسي السيادي الذي هو أحد إنجازات العهد الجديد، الذي يمثّله فخامة الرئيس ميشال عون، الذي كنّا وما زلنا نؤمن بأنّه رجل شجاع ورجل مستقلّ لا يخضع لأيّ ضغوط أو سفارة أو إغراءات»، منوّهاً بميزة أن «يكون لدينا رئيس جمهورية كالعماد ميشال عون، لأنّه حفظ هيبة الدولة لمّا اتّخذت قرار تحرير الجرود».
ولفتَ السيد نصرالله إلى أنّه «عندما تحقّق الانتصار في جرود عرسال، أبلغ الأميركيّون اللبنانيّين رسالة غضب، وعندما قرّرت الدولة اللبنانية أن يقوم الجيش اللبناني الباسل بتحرير ما تبقّى من جرود عاد الأميركيّون من جديد وطلبوا من المسؤولين اللبنانيين عدم القيام بهذه العملية العسكرية، وهدّدوا بقطع المساعدات العسكريّة عن الدولة اللبنانية».
وتوجّه إلى أهل البقاع بالقول: «يا أهل البقاع ورأس بعلبك والقاع، أميركا لم تكن تريد أن تُخرَج «داعش» من تلالكم وجرودكم، وعندما ووجهوا بإصرار لبناني طلبوا تأجيل العمليّة إلى السنة المقبلة».
وأردف السيد نصرالله، «للإنصاف، وافق رئيس الحكومة على قرار تحرير الجرود ومضى فيه، أمّا رئيس مجلس النوّاب فمواقفه معروفة»، وأضاف: «نحن ننتظر قراراً سياديّاً آخر، لأنّ هناك أرضاً لبنانيّة ما زالت تحت الاحتلال «الإسرائيلي» هي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ونحن نطالب الدولة اللبنانيّة بخطة لتحريرها بقرار سيادي».
وأكّد أنّ الجيش اللبناني وقيادته قاموا بعمل عظيم، ويجب أن تتعزّز الثقة السياسيّة بقدرة الجيش على القيام بعمليّات دقيقة. ودعا إلى دعم الجيش اللبناني ليزداد قوة، معتبراً أنّ تقوية الجيش يزيد المعادلة الذهبيّة ألقاً، «لأنّنا سنبقى في لبنان بحاجة إلى المزيد من القوة عندما نتحدّث عن الأطماع والتهديدات «الإسرائيلية»، ومشتبه من يظنّ أنّنا نريد جيشاً ضعيفاً».
ولفتَ إلى أنّ من يتّخذ من الجيش اللبناني متراساً للتصويب على المقاومة والعكس يصيب الجيش.
زيارة الشام ولقاء الأسد
وحيّا الجيش العربي السوري وقدّر تضحياته، خصوصاً في المعركتَين الأخيرتَين، معلناً أنّه «قاتل من أجل لبنان، لأنّ جرود الجراجير وفليطا لم تكن أولويّة لدى القيادة السوريّة، لكنّنا ذهبنا إلى القيادة السوريّة، وطلبنا منها إنهاء سيطرة الإرهابيّين على الجرود»، وقال: «إنّ انتقال مقاتلي «النصرة» أو «داعش» إلى أراض سوريّة يحرج القيادة السوريّة، ولكن نحن أصررنا. وأنا شخصيّاً ذهبت إلى الشام، والتقيت الرئيس بشار الأسد، وقلت له إنّ هذه العملية هي الوحيدة التي ستكشف لنا مصير العسكريّين اللبنانيّين المخطوفين، فقال لي إنّ هذا الأمر سيحرجني، ولكن لا بأس، وإذا أنتم حزب الله تريدون التفاوض، فأنا موافق».
وأشار السيد نصرالله إلى أنّ «القيادة السوريّة تحمّلت هذا الحرج من أجل لبنان، لا من أجل سورية»، شاكراً «للجيش العربي السوري دوره في هذا الإنجاز».
وتطرّق إلى موضوع التنسيق مع سورية، فقال: «نحن لا نفرض رأينا عندما نتحدّث عن هذا الموضوع، وإنّما نريد استمرار هذه الحكومة»، وطالب بـ«ترتيب العلاقة مع سورية كي لا نلحق الآخرين، خصوصاً أنّ الفرنسي والبريطاني والأوروبي تراجعوا، وأنّ بعض دول الخليج بدأ بفتح الخط مع الرئيس الأسد من تحت الطاولة».
… وشكر لإيران
وشكر «قيادة الجمهورية الإسلاميّة في إيران وحرسها الثوري لدعمهما الدائم للمقاومة وسورية والعراق الذي يحقّق اليوم انتصارات كاملة، لا سيّما في تحرير كامل تلّعفر ومحافظة نينوى، التي شهدت أبشع أنواع إرهاب داعش».
وشكر الجمهورية الإسلاميّة شعباً وحكومة، لدعمها المستمرّ للمقاومة وسورية وبارك للعراق تحرير تلّعفر.
ولفتَ إلى أنّ «إسرائيل أزعجها تحرير الجرود وأقلقها التنسيق على جبهتَي الحدود وأداء الجيشَين اللبناني والسوري»، مؤكّداً أنّها «تبكي أيتامها في سورية وتبحث في كيفيّة دفع الأخطار عنها، عبر دفع الإدارة الأميركيّة لممارسة مزيد من الضغوط على إيران والتهديد بمزيد من الحروب».
وأكّد أنّ هناك سعياً أميركياً بريطانياً لتعديل مهام قوّات «يونيفيل» خدمةً لـ«إسرائيل» وأمنها، معتبراً أنّ هذا يتناقض مع جوهر عمل هذه القوّات، وأوضح أنّه كان هناك دور للخارجيّة اللبنانيّة وللجمهوريّة الإسلاميّة في إفشال المسعى الأميركي البريطاني «الإسرائيلي» لتعديل مهمّة «يونيفيل».
وشدّد السيد نصرالله على «أنّنا نستند إلى التحرير الثاني لتثبيت نتائج الانتصارات السابقة في مراكمة التجربة لدى الجيش والمقاومة».
كما، أيّد الدعوات التي صدرت عن الرؤساء الثلاثة لوقف السِّجالات في البلاد وتهدئة المناخ فيها.
وأكّد أنّ الجرود والحدود هي مسؤوليّة الجيش اللبناني، موضحاً «أنّنا لم ندّعِ يوماً أنّها مسؤوليتنا»، ولفتَ إلى أنّ الحدود الشماليّة مع سورية يجب أن تعالج مشاكلها الدولة اللبنانيّة.
«تطبيع» العلاقات البقاعيّة
ودعا «أهلنا في البقاع للقيام بحفلة لتطبيع العلاقات وبلسمة الجراحات، خصوصاً مع أهلنا في عرسال»، مطالباً بـ«الإسراع في حلّ قضيّة الموقوفين في السجون اللبنانيّة من دون محاكمات»، ومشدّداً على الانتباه الأمنيّ الشديد في كلّ المناطق اللبنانية من الآن فصاعداً، معتبراً «أنّ هؤلاء الإرهابيّين المهزومون لديهم سياسة انتقام وتوحّش».
وإذ أكّد أنّ التهديد الأمني في لبنان تراجع كثيراً لأنّ قاعدته في الجرود قد حُسمت، لفتَ إلى أنّ احتمالات الخرق من هنا أو من هناك موجودة.
وطالب بالإنماء المتوازن، معتبراً أنّ البقاع وعكّار بحاجة للإنصاف من الدولة اللبنانيّة وللحضور الأمني والعسكري للدولة، مؤكداً أنّه لا يجوز أن يُسمح لبعض المفسدين وتجّار المخدرات بأن يهدّدوا أمن هذه المنطقة الاجتماعي.
كما أشار إلى «أنّ أهلنا في البقاع معنيّون بالتعاطي الإيجابي مع وجود الجيش والأجهزة الأمنيّة، لأنّه لا بديل لنا عن الدولة»، معتبراً «أنّ المقاومة ليست بديلاً عنها»، لافتاً إلى أنّه «لا أحد يحمّلنا ما لا نطيق، فهذه مسؤولية الدولة اللبنانية».
المشروع المعادي يتهاوى
وشدّد على وجوب «أن نعرف أنّ المشروع الآخر في المنطقة يسقط ويتهاوى، وأنّ الأحلام الأميركيّة «الإسرائيلية» التي بُنيت على «داعش» وأخواتها تتهاوى»، لافتاً «إلى أنّ لبنان المنتصر والمقاومة سيتعرّضان لضغوط، وهناك ماكينة كبرى مسخّرة لخدمة «إسرائيل» تعمل على التصويب على حزب الله واستهدافه».
وتبّه إلى أنّ «مصلحة أميركا زرع الانقسامات في منطقتنا، ومن بينها الانقسام الخليجي الحالي»، مشيراً إلى «أنّ أميركا وإدارة دونالد ترامب هي مصدر الخطر الحقيقي، فهي تضع العالم على حافّة حرب نوويّة مع كوريا، وأخذت العلاقات مع روسيا والصين إلى مرحلة الخطر».
وأشار «إلى أنّ من يحرّض علينا عليه أن يعرف أنّ أيّ عقوبات على حزب الله ستنعكس على جميع اللبنانيّين»، مؤكّداً أنّه «تجب مواجهة الضغوط على لبنان بروح التعاون ومن دون تهويل».
كما لفتَ إلى «أنّ الحرب السعوديّة المُدانة على اليمن حرب أميركيّة بالمطلق».
وختم السيد نصرالله بالقول: «إنّ عيد التحرير الثاني أثبت أنّ كلفة المقاومة أقلّ بكثير من كلفة الاستسلام»، قائلاً لأهل البقاع: «هذا عيد كلّ لبنان، ولكن عيدكم بالدرجة الأولى»، مشدّداً على أنّه يجب على العالم أن يعرف أنّ لبنان هذا مسيّج، وكلّ من يفكّر بأن يعتدي على أرضه ستُقطع يده وهذا بفضل المعادلة الذهبيّة.