السيادة اللبنانية سلعة لـ«14 آذار»
حسين حمّود
خرجت المواقف السياسية لقوى «14 آذار» في ما يتعلق بتحرير جرود عرسال ورأس بعلبك من التنظيمات الإرهابية التي كانت تحتلها وتهدّد أمن الأهالي، عن الخطوط والمعايير الوطنية والسيادية كلها.
فمن الطعن بصدقية أهداف المعركة، إلى اتهام المقاومة بتنفيذ أجندة خارجية، إلى التفرّد بإجراء اتفاق مع تنظيم «داعش» يقضي بإخراجهم من الجرود والكثير من الاتهامات والمزاعم والأضاليل.
لكن أغفل هؤلاء أن هناك أراضي لبنانية كانت يحتلّها الإرهابيون، والمطلوب بالمعايير الوطنية تحريرها بأية وسيلة ممكنة، ولم يكن إلا القتال هو هذه الوسيلة بعد رفض المسلحين الخروج من الجرود سلماً.
والمعلوم هنا هو أن الأرض اللبنانية حرّرها الجيش اللبناني وأنجز انتصاراً سريعاً وباهراً ضد الإرهابيين وجعل لبنان الدولة الأولى في تحرير أرضها والانتصار الناجز على الإرهاب.
أما في المقلب الآخر من المعركة، أي في القلمون الغربي، فقد تولّى مهمة التحرير الجيش السوري والمقاومة وتمكنا من تحقيق نصر آخر على الإرهابيين.
وبحسب، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله فإن أهداف المعركتين، أو شقيها، فهي تحرير الجرود ومعرفة مصير العسكريين الذين كانوا مخطوفين لدى تنظيم «داعش». وقد تحقّق الأمران. تحرّرت الجرود وكُشف عن مصير العسكريين وتبيّن أنهم استشهدوا بعد قتلهم من قبل خاطفيهم.
وفي الحقيقة، فإن الجيش اللبناني والجيش السوري والمقاومة، لم يفعلا سوى القضاء على الوباء الذي أمنت قوى «14 آذار» البيئة الحاضنة التي ترعرع فيها ونما على حساب الجرود وأهاليها، وحتى بعض بلدة عرسال البقاعية التي تحمّلت هي أيضاً عبء الإرهابيين وموبقاتهم.
هذا أولاً، أما ثانياً فإن ما قام به الجيشان اللبناني والسوري والمقاومة هو إماطة اللثام عن إحدى أكبر جرائم بعض قوى «14 آذار» والتي تمثلت بالسكوت عن خطف العسكريين الشهداء، ولم تحرك ساكناً تجاه حلفائها الخارجيين الذين لهم «مونة» على تنظيم «داعش». هذا فضلاً عن الاتهامات التي وجهت إلى بعض القوى بتسهيل عملية الخطف في الأصل ورفض إكمال معركة عرسال في آب 2014 للإجهاز على الإرهابيين وتحرير العسكريين وفق ما تقتضي الروح الوطنية والسيادية لمدعي العبور إلى الدولة!
وقد بلغت الصفاقة ببعض الأحزاب في «14 آذار» أن لا يكلّ ولا يملّ من سوق الاتهامات للمقاومة بأنها سمحت للإرهابيين بالخروج من الجرود وإجراء صفقة معهم، علماً أن هذه الأحزاب رفضت بشدة عندما كانت ممثلة في حكومة الرئيس تمام سلام، مواصلة معركة عرسال عام 2014 وضغطت لإنهاء المعركة بذرائع مختلفة، وحتى قبل بدء معركة «فجر الجرود» انبرى رئيس أحد تلك الأحزاب وسأل بامتعاض واستنكار ظاهر عما يتردّد عن فتح معركة في الجرود. بمعنى أن كان رافضاً فتح تلك المعركة في وقت كانت هناك مساعٍ حثيثة لاستقدام قوات دولية ونشرها بين الجرود وقراها، وذلك ضمن توسيع ولاية القرار الدولي رقم 1701 وقد حاولت الولايات المتحدة تمرير هذا الأمر في مجلس الأمن الدولي، لكنها فشلت في مسعاها.
المؤامرات على السيادة اللبنانية لم ولن تنتهي طالما بعض قوى 14 آذار يعتبرونها سلعة يستخدمنها لتعزيز مواقع الدول التي يعمل لديها، وبطلب منها، ولا سيما الإقليمية منها، في معادلة الصراع الجاري في المنطقة.