لماذا تشتدّ الحرب على قوى المقاومة؟
راسم عبيدات ـ القدس المحتلة
كلما حقق حلف ومحور المقاومة المزيد من الانتصارات، كلما زادت الهجمة عليه، ليس فقط من قبل دولة الإحتلال الصهيوني وأميركا وقوى الإستعمار الغربي، بل القوى المرتعدة عربياً والخائفة على عروشها، ومن مفاعيل هذه الإنتصارات التي قد تكنسها او على الأقلّ تجعل الجماهير تتمرّد عليها وتخرج عن طوعها، وبما يعني بأنّ مصالحها وعروشها تصبح في دائرة التهديد المباشر والخطر الجدي والحقيقي، ولذلك مع كلّ انتصار تنجزه المقاومة، في العراق، في سورية، في لبنان، في اليمن، نرى بأنّ الحرب والحملات المسعورة على المقاومة وحلفها تتصاعد بشكل غير مسبوق، وكذلك تتصاعد الدعوات الى تجريم قوى المقاومة والتطاول على قادتها ورموزها والدعوة العلنية لـ«شرعنة» التطبيع مع الاحتلال الصهيوني.
وجدنا بعد قيام حزب الله اللبناني بالتشارك والتعاون والتنسيق مع الجيشين السوري واللبناني بتحرير وتنظيف منطقة القلمون والحدود اللبنانية – السورية من دنس الجماعات الإرهابية «النصرة» اولاً في جرود عرسال اللبنانية وجرود فليطه السورية، و»داعش» في رأس بعلبك وجرود القاع اللبنانية، انّ حرباً شرسة شنّت على حزب الله وحتى على الجيش اللبناني، لقيامهم بتطهير الأراضي اللبنانية من الجماعات الإرهابية، وادّعاء أنّ ما جرى هدفه خدمة أجندات ومشاريع إقليمية وخارجية، وأنّ حزب الله يريد ان يختطف الدولة اللبنانية، ناهيك عن اعتبار سلاح المقاومة اللبنانية، سلاح ميليشيات يجب نزعه، وليس هذا فقط فقوى 14 آذار، وبالأخصّ حزب القوات، سعت مع «إسرائيل» وأميركا الى محاولة تغيير دور وصلاحيات قوات «اليونيفيل» في الجنوب اللبناني، وان يجري نشرها على الحدود اللبنانية السورية، والذريعة والحجة بأنّ قوات «اليونيفيل» لا تقوم بدورها بمنع وصول شحنات أسلحة لحزب الله، وكذلك عمل الحزب خلف مناطق «اليونيفيل» في الجنوب اللبناني، كما انّ الاتفاق على ترحيل «الدواعش» إلى منطقة البوكمال السورية، مقابل كشفهم عن مكان دفن الجنود اللبنانيين الذين اختطفتهم «داعش»، لم يسلم من الانتقادات والهجوم عليه، رغم انه تمّ بمصادقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومعرفة وموافقة رئيس الحكومة سعد الحريري.
الحرب على قوى المقاومة وتجريمها تتصاعد في كلّ الإتجاهات، حتى خرج علينا أحد وزراء حكومة البشير السودانية التي فرّطت بأراضي السودان، وكانت سبباً في تقسيمها وإفقارها، وإنقلبت على محور المقاومة لصالح المحور الخليجي، حيث قواتها مشارك رئيسي في قتل وذبح أطفال اليمن، الوزير السوداني المدعو مبارك الفضل دعا الى «شرعنة وعلنية» التطبيع مع دولة الإحتلال، واتهم الشعب الفلسطيني بأنه باع أرضه.
ولم يقتصر الأمر على السودان، بل وصل الأمر إلى أن تقوم فتاة أردنية مقرّبة من البلاط الأردني، وتقدّم برنامجاً على التلفزيون الأردني تدعى ديما علم فراج، بالتطاول على القائد الشهيد الوطني والقومي أبي على مصطفى واصفة إياه بـ «القاتل»، ومن ثم يتخذ محافظ عمّان قراراً بمنع حزب الوحدة الشعبية الأردني، من إقامة حفل تأبين في الذكرى السادسة عشرة لإستشهاد القائد أبي علي مصطفى، تحت حجج وذريعة «الأمن القومي»، والأنكى من ذلك أنّ محافظ مدينة عمّان في اللقاء الذي جمعه مع أمين حزب الوحدة الشعبية الدكتور سعيد ذياب، كان مستنفزاً ولديه قدر عال من الحقد على المقاومة والنضال والمناضلين، حيث قال للدكتور ذياب: «لماذا تصرّ على إقامة الفعالية للشهيد أبو علي؟ وبلغة استنكارية راح يسأل هل تعرف من هو أبو علي؟ وكأنّ الفتاة المغمورة التي تحدّثت عن أنّ الشهيد أبا علي مطصفى قاتل مأجور، تعبّر عن موقفه وتحدّثت بضوء أخضر رسمي.
وما حدث في عمّان، يحدث في بيروت حيث الإعلامية التابعة لفريق 14 آذار مي الشدياق، تتطاول بشكل دائم على المقاومة اللبنانية وفي مقدّمتها حزب الله، ودائمة الدعوة الى الفتن المذهبية والطائفية والاستخفاف بما يتحقق من إنجازات وانتصارات على يد حزب الله، معتبرة ذلك خدمة لأجندات وأهداف غير لبنانية.
الحرب المتصاعدة على تجريم المقاومة، والتهديدات التي تطلقها «إسرائيل» بشنّ حرب على لبنان وسورية، لحماية أمنها ووجودها، تأتي في إطار الرعب الذي أصبح يتملّك دولة الاحتلال، بعد القضاء على المشاريع المعادية والمشبوهة في المنطقة، والتي باعتراف «إسرائيل» نفسها، قدّمت 115 دولار سنوياً للتنظيمات الإرهابية «داعش» و «النصرة» وغيرهما عدا العلاج للجرحى الإرهابيين في مشافيها، فانتصار مشروع المقاومة في سورية ولبنان والعراق على وجه التحديد، يجعل «إسرائيل» تتخوّف، بأنها لن تكون القوة المقرّرة والمتسيّدة في المنطقة، وبأنّ أمنها ووجودها يواجه خطراً جدّياً، وهي تدرك معاني كلمات السيد نصرالله والرئيس الأسد جيداً، «بأنّ العهد الذي كان فيه الإسرائيلي يهدّد وينفذ قد انتهى»، و»بأنّ عهد الهزائم قد ولى وهذا عهد الانتصارات»، و»بأنّ سورية ستبقى بوصلتها فلسطين ولن تتخلى عن الجولان». في حين القوى العربية التي دعمت وكانت جزءاً من العدوان على سورية، تشعر بأنّ انتصار حلف ومحور المقاومة، هو الآخر يشكل خطراً على وجودها وعروشها ومصالحها وأهدافها، ويكشف دورها في هذه المشاريع المستهدفة أمتنا العربية وشعبنا الفلسطيني، فصفقة «القرن التي سعت لتنفيذها ضمن الإطار الإقليمي، والتي واحد من أهدافها الرئيسية تصفية القضية الفلسطينية، و»شرعنة وعلنية» التطبيع مع دولة الإحتلال، سيصبح من الصعب تنفيذها، في ظلّ هذه المتغيّرات الجديدة.
هم لا يريدون لثقافة ونهج وخيار المقاومة ان يتجذر ويتطوّر ويتمدّد في المنطقة، فهو نقيض عروشهم ومصالحهم واستمرار نهبهم لخيرات وثروات شعوبهم، ولذلك الحرب على المقاومة ستتصاعد مع كلّ نصر وإنجاز يحققه هذا المحور، عبر إثارة النعرات والفتن المذهبية والطائفية والجهوية، لكي تبقى الشعوب منهكة، ودائمة الإحتراب الداخلي، غير ملتفتة إلى عدوها الرئيسي.
Quds.45 gmail.com