اكتمال تحضيرات أستانة بغطاء دولي إقليمي جامع… وغياب لافت للأكراد! نصرالله عن الخامنئي: قائد هذا المحور بشار الأسد ويجب أن ينتصر وسينتصر
كتب المحرّر السياسي
بينما نجحت موسكو في جلب المشاركين في الحرب على سورية إلى مائدتها، بعدما فرضت الوقائع الميدانية نفسها ومعها الحقائق السياسية الكبرى، مهّدت الطريق لنجاح مضمون لجولة أستانة المقبلة، بتوافق دولي يجمع حول روسيا تأييداً أميركياً وأوروبياً وأممياً وإقليمياً يجمع تركيا وإيران والسعودية والأردن، وبالتالي تُتاح للمرة الأولى فرصة غياب عمليات تخريب تملك فرصاً واقعية، وتتوافر فرص معاكسة لتثبيت مناطق التهدئة جنوب سورية بنشر الجيش السوري حتى الحدود مع الأردن بعد بدء الترتيبات المشتركة التي تتيح ذلك، فيما جنوب دمشق يستعدّ لإنهاء الظهور المسلح في أحياء ومناطق عديدة وصولاً لمناطق القلمون الشرقي، لتكون الحصة الأهمّ لضمّ إدلب لمناطق التهدئة بتعاون تركي روسي بدأت طلائعه أمس، مع ما نقلته مصادر تركية عن دخول أرتال روسية باتجاه مناطق ريف إدلب بالتنسيق مع تركيا، وتوّجَهُ تصريح سياسي للرئيس التركي رجب أردوغان أعلن فيه أنّ التفاهم قائم بين روسيا وتركيا وإيران على خطط ضمّ إدلب لمناطق التهدئة.
الغائب الوحيد عن أستانة كما عن جنيف يبقى الفريق الكردي المدعوم أميركياً عبر «قوات سورية الديمقراطية» وسط تساؤلات تطال ما تضمره القيادات الكردية، في ضوء التحضيرات الجارية في كردستان العراق للاستفتاء حول الانفصال، ومساعي «قوات سورية الديمقراطية» المستمرة للتحرك تحت عنوان إنشاء إدارات تابعة لها في المناطق التي تسيطر عليها، رغم اعتمادها على السلع الرئيسية كالطحين والمازوت المدعومة من موازنة الخزينة السورية، وتشغيل المرافق العامة بالموظفين الذين تدفع رواتبهم الحكومة السورية، والاعتماد على الخدمات التي تشغلها وتوفرها وتدفع تكاليفها الموازنة السورية كالكهرباء والهاتف والمياه.
لبنانياً، بينما تتواصل الاهتمامات بمسار التحقيق القضائي في قضية الجنود الشهداء، وبالعلاقة بين حزب الله وتيار المستقبل في ضوء مواصلة الكلام الإيجابي من جانب حزب الله، والمواقف العقلانية من رئيس الحكومة سعد الحريري خلال زيارته موسكو، برز كلام للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في لقاء تمهيدي لإحياء الحزب لمناسبة عاشوراء، دعا خلاله للغة تقوم على التهدئة والابتعاد عن إثارة قضايا الخلاف الدينية والمذهبية، مؤكداً أنّ مشروع المقاومة وحلفائها قد انتصر وأنّ ما بقي ليس إلا معارك متفرقة، داعياً للتعايش مع الصراخ الذي يستهدف المقاومة، لأنّ «البعض لن يرضى مهما فعلنا»، ولأنّ «المهزوم والمكسور يمكن أن يرفع صوته قليلاً».
نصرالله: هكذا اتخذنا قرارنا
وروى أنه عقب بداية الأحداث السورية زار إيران والتقى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي الخامنئي «يومها، كان الجميع مقتنعاً بأنّ النظام سيسقط بعد شهرين أو ثلاثة. أوضحنا له رؤيتنا للمشروع المعادي، وأننا إن لم نقاتل في دمشق فسنقاتل في الهرمل وبعلبك والضاحية والغازية والبقاع الغربي والجنوب… فأكمل القائد موافقاً: ليس في هذه المناطق فقط بل أيضاً في كرمان وخوزستان وطهران… وقال إنّ هذه جبهة فيها محاور عدة: محور إيران ومحور لبنان ومحور سورية، وقائد هذا المحور بشار الأسد يجب أن نعمل لينتصر وسينتصر». ولفت إلى أنه «بعد المعركة بسنة ونصف سنة أو سنتين أرسلت السعودية إلى الرئيس الأسد أن أعلِن في مؤتمر صحافي غداً صباحاً قطع العلاقة مع حزب الله وإيران وتنتهي الأزمة». ولفت الأمين العام لحزب الله إلى «أننا حذّرنا إخواننا العراقيين، منذ البداية، من أنه إن لم يقاتلوا تنظيم داعش، وتمكّن من السيطرة على دير الزور ، فإنّ هدفه التالي سيكون دخول العراق. وقد صدقت توقعاتنا بعدما تمكّن هذا التنظيم الإرهابي من السيطرة على ثلثي العراق وبات على مسافة عشرين كيلومتراً من كربلاء و40 كلم من بغداد و200 متر من مقام الإمام العسكري في سامراء». وسأل: «لو تخلّفنا عن الجهاد والتكليف ما الذي كان يمكن أن يحصل في لبنان، ولو تخلّف أهل العراق عن الاستجابة لفتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها المرجع السيد علي السيستاني عام 2014 لقتال تنظيم داعش ، ما الذي كان سيحصل في العراق؟».
الحوار الثنائي بانتظار مبادرة بري
لا تزال العلاقة بين حزب الله وتيار المستقبل الحدث الأبرز على الساحة المحلية بعد الغزل السياسي بين الطرفين خلال اليومين الماضيين، في حين يخيم الجمود على الملفات الأخرى في ظل وجود رئيس الحكومة سعد الحريري في موسكو في زيارة رسمية يتوجها اليوم بلقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على أن يعود الخميس الى بيروت لحضور جلسة مجلس الوزراء التي تُعقد في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وبعد رسالة نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الإيجابية الى رئيس الحكومة وتلميح بيان المكتب الإعلامي للحريري عن اللقاء بين الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ورئيس تيار «المستقبل»، تحدثت مصادر «المستقبل» عن استعداد التيار للعودة الى طاولة الحوار الثنائي، بينما باتت الكرة في ملعب رئيس المجلس النيابي نبيه بري لأخذ المبادرة ودعوة الطرفين الى جلسة أولى في عين التينة.
وقالت مصادر مطلعة على الملف لـ «البناء» إنه «بعد تحقيق الانتصار على التنظيمات الارهابية في الجرود لا بد من الانكباب على الوضع الداخلي والابتعاد عن النكد السياسي الذي يعطّل مصالح البلد، فلا يمكن أن يحكم البلد الا بالتوافق، وبالتالي يجب على الجميع وضع الملفات والقضايا الخلافية جانباً ومعالجة المشاكل الداخلية».
ولفتت المصادر الى أن «الحريري وصل لرئاسة الحكومة في اطار اتفاق سياسي داخلي بين جميع الاطراف السياسية، وإذا أراد بقاء حكومته فعليه أن يحافظ على هذا الاتفاق ويبقى على علاقة جيدة مع جميع مكونات الحكومة، لا سيما حزب الله، وبالتالي التوصل الى قواسم مشتركة من خلال العودة الى طاولة الحوار الثنائي».
وكشفت المصادر أن «حزب الله مستعد في أي وقت للعودة الى الحوار الثنائي. والأمر بانتظار مبادرة الرئيس نبيه بري على هذا الصعيد وتعيين جلسة أولى»، ولفتت الى أن «الكلام الإيجابي المتبادل بين الحزب والتيار خلال اليومين الماضيين هو بداية جيدة وإعلان نيات حسنة وقبول للعودة الى التواصل المباشر والحوار».
وعن التباين بين موقف رئيس الحكومة وتياره السياسي، أوضحت المصادر أن «حزب الله يبني على موقف الرئيس الحريري لا على موقف التيار أو كتلة المستقبل». وعن احتمال اللقاء بين السيد حسن نصرالله والرئيس الحريري، اعتبرت المصادر أنه من المبكر الحديث عن لقاء كهذا، «فهناك أمور يجب أن تنضج ويجب أن تسبقه لقاءات متعددة بين الحزب والتيار وجولات من النقاش والحوار على ملفات عدة أهمها الملف السوري، حيث هناك خلاف جذري في الرؤية حوله»، لكنها لفتت الى أن «الحوار الثنائي هو نوع من التمهيد لأي لقاء مستقبلي بين السيد نصرالله والرئيس الحريري».
وعن تأثير التقارب الإيراني السعودي على العلاقة بين الطرفين، أوضحت المصادر بأن «هذا التقارب بين الدولتين الإقليميتين بالتأكيد سيترك تداعيات إيجابية على العلاقة بين المستقبل والحزب».
واعتبر الشيخ نعيم قاسم، أننا «ذهبنا إلى سورية من أجل مشروع، ومشروعنا في سورية أن نحمي المقاومة التي تواجه إسرائيل على امتداد المنطقة، ولن نردّ على أولئك الذين يمنعوننا من التعاون».
وأشار قاسم الى أن «روسيا أثبتت بأنها شريك أساس لدعم منطقتنا، وهي شريك أساس في كسر أحادية أميركا الدولية، وإسقاط مشروع الشرق الأوسط الجديد من بوابة سورية، ودعم استقلال دول المنطقة وخياراتها ومواجهة الإرهاب التكفيري».
مَن هرّب «أبو طاقية»؟
على صعيد آخر، يستمر القضاء العسكري بالتحقيقات الأولية مع الموقوفين بقضية خطف وقتل العسكريين والهجوم على بلدة عرسال عام 2014، في وقت لا يزال مصير المطلوب الشيخ مصطفى الحجيري «أبو طاقية» مجهولاً. وترددت معلومات من داخل عرسال عن فرار الحجيري الى جهة مجهولة خارج بلدة عرسال، مشيرة الى أنه متوارٍ عن الانظار منذ أيام.
وكشفت مصادر «البناء» أن «الحجيري حاول أكثر من مرّة الهروب مع قوافل جبهة النصرة الى ادلب عقب التسوية التي تمّت بين حزب الله وجبهة النصرة في تموز الماضي، لكنه رافق الباصات الخضر الى وادي حميد وعاد لأسباب غير معروفة». وأشارت المصادر الى أن «الحجيري كان موجوداً في منزله المعروف بمستشفى الرحمة خلال عيد الأضحى وألقى خطبة العيد فيه، لكن قوة من الجيش داهمت المنزل والقت القبض على ابنه عبادة الذي اعترف في التحقيقات معه بتورّط والده بقضية خطف وقتل العسكريين».
كما ترددت معلومات من البلدة عن قيام جهة مجهولة بعملية تهريب مصطفى الحجيري الى خارج المنطقة، ولفتت مصادر «البناء» الى أن «وحدات الجيش فكّت الطوق عن المنزل، لكنها تسيّر دوريات حوله بين الحين والآخر وكشفت أنه عندما داهم الجيش المنزل كان الحجيري بداخله قبل أن يفرّ منه أو يهرّب».
وعن الموقوف رئيس بلدية عرسال السابق علي الحجيري «أبو عجينة»، رجّحت المصادر إخلاء سبيله بكفالة مالية بعد انتهاء التحقيق معه، اذ إنه تبين للقضاء بأن المتهم بالمشاركة بقتل والتمثيل بجثتي الرائد في الجيش اللبناني بيار بشعلاني والمعاون إبراهيم زهرمان هو إبن أبو عجينة خالد الحجيري وهو موقوف لدى القضاء».
وحاول تيار المستقبل أمس، الهروب الى الأمام من خلال المطالبة بالتحقيق في مرحلة التدخل في سورية بعد الإحراج الذي أصابه جراء توقيف رئيس بلدية عرسال السابق المحسوب على «المستقبل»، ودعت كتلة المستقبل الى أن «يبدأ التحقيق الشامل الذي يجريه القضاء من كشف النقاب عن مرحلة التدخل في سورية وما استتبعه من استقدام داعش إلى لبنان، مروراً بمنع المفاوضات في البدايات والتي لو تمّت في حينه لسمحت بمبادلة جميع العسكريين المخطوفين بعنصر واحد من غير المحكومين من داعش».
وأضاف البيان بأن «الكتلة تصرّ على كشف جميع الملابسات التي رافقت المفاوضات الأخيرة التي أجراها لاحقاً فريق معين لاسترجاع أسراه وجثث مقاتليه، سامحاً بذلك لنفسه ما منعه عن الدولة اللبنانية واللبنانيين. ووصولاً في التحقيق إلى تهريب إرهابيي داعش وعائلاتهم».
وجدّد وزير العدل سليم جريصاتي بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح تمسك التكتل بـ «التحقيق القضائي في موضوع أسر وقتل عسكريينا أما المسؤولية السياسية، فلا شأن للقضاء فيها وتبقى المساءلة شعبية».
وأشار الى أن «التكتل سيطرح ورقة رئيس التيار جبران باسيل المتكاملة لمعالجة ملف النزوح السوري مجدداً على مجلس الوزراء».
واعتبر جريصاتي في موضوع سلسلة الرتب والرواتب والموازنة أن «الاستحقاق الانتخابي تحكم حتى بالطعن الذي هو حقّ للنواب وبمعزل عن مضمونه الضيق الذي يبقى بعهدة المجلس الدستوري، توصلنا لفرض ضرائب على القطاعات التي تستفيد من وفرة مالية». وتابع: كنا ولا زلنا نرفض الضريبة على القيمة المضافة، لأنها تطال كلّ الفئات ونتساءل لما لم يرد في الطعن المقدّم كلمة واحدة عن هذه الضريبة؟».
وفي الموضوع الانتخابي، قال: «نصر على الإصلاحات في قانون الانتخاب وعدم تقييد حرية الناخبين عبر إقرار ما يقيّدهم ويحد من إقبالهم على التصويت».
وأعلنت وزارتا الدفاع والسياحة في بيان، انه «بعد المشاورات مع الرؤساء ولاسباب لوجستية بحتة، تم تأجيل احتفال الانتصار الذي كان مقرراً يوم الخميس الواقع في 14 الحالي، في ساحة الشهداء في وسط بيروت».
عبوات متفجّرة في وادي حميد
على الصعيد الأمني، ضبطت دورية من مديرية المخابرات في وادي حميد بحسب بيان قيادة الجيش، مخزن عبوات مجهزة للتفجير مع كامل أجزائها وجزئياتها والمواد المكملة لها، وهي عبارة عن قذائف محشوة بالمتفجّرات الموجهة وأجهزة إشعال وفتيل صاعق وعبوات أخرى بأحجام عدة وصواعق ومواد بودرة الألمينيوم وبودرة للتفجير مختلفة الأنواع، وحشوات دافعة، وعدد من الأحزمة الناسفة وقد عمل خبراء من فوج الهندسة على معالجتها.
الحريري يلتقي بوتين اليوم
وتابع الرئيس الحريري أمس، اجتماعاته الرسمية في موسكو، حيث التقى نظيره الروسي ديمتري مدفيديف الذي أكد أن بلاده «تدعم سيادة لبنان ووحدة أراضيه»، مشدداً على أن روسيا مستعدة لمواصلة تعزيز التعاون مع لبنان في مجال مكافحة الإرهاب ومجالات أخرى، ومهنئاً بانتصار الجيش على الإرهاب على الحدود اللبنانية». جدد الحريري الحرص على تحييد لبنان عن المشاكل التي تدور حوله، مؤكداً ضرورة التعاون مع روسيا لتسليح الجيش اللبناني. أما في الموضوع الاقتصادي، فأعلن «اننا جدّيون في تطوير العلاقات بين بلدينا وحريصون على وجود شركات روسية في مجالات النفط وتطوير البنى التحتية».
وإذ يلتقي رئيس الحكومة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم، اجتمع أمس أيضاً بوزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الذي ثمّن جهود الحريري لتنمية التعاون بين روسيا ولبنان. أما الحريري، فأشار الى «اننا ننظر الى روسيا ودورها في المنطقة، وهو دور كبير جداً، ونريد أن يكون التعاون بين لبنان وروسيا تعاوناً أكبر اقتصادياً وسياسياً»، مضيفاً «انا مصمّم على ان تتطور العلاقات الاقتصادية والعسكرية أيضاً والبحث في شراء بعض الاسلحة من روسيا لتعزيز الجيش اللبناني. وهذا أمر مهم جداً بالنسبة للبنان». وأعلن الحريري أيضاً أن «هناك معاناة كبيرة من النازحين السوريين، ونأمل أن يشمل الحل السياسي الذي يرسم لسورية عودة النازحين الى بلادهم».
برقية إلى ترامب
في غضون ذلك، وجّه الرئيس عون برقية الى الرئيس الاميركي لمناسبة ذكرى احداث 11 ايلول 2001، أكد فيها إصرار لبنان على منع الإرهابيين من تحقيق اهدافهم وغاياتهم، مشيراً الى «ان ما قام به الجيش اللبناني منذ ايام بتحرير أراضٍ لبنانية من تنظيم داعش يؤكد ذلك».
وفي سياق آخر، تمكن وفد لبنان إلى اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب، الذي انعقد في دورته العادية الـ148 أمس، في مقر جامعة الدول العربية، من خلال التفاوض مع وفود كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، من رفع تحفظها، الذي كانت قد أبلغته رسمياً إلى الأمانة العامة للجامعة عن قرار التضامن مع الجمهورية اللبنانية، وهو ما أتاح صدور القرار الخاص بلبنان بالإجماع.