إرهاب عابر… من دمشق إلى لاس فيغاس
سما الخطيب
منذ اندلاع الحرب التي أعلنها رئيس الولايات المتحدة الأسبق جورج بوش، على أرض العراق بحجة «القضاء على الإرهاب»، ومعدل العمليات الإرهابية في العالم قفز بشكل لا يمكن تداركه.
بحيث تمّ تسجيل الارتفاع المتطرّف على خلفية «الجهود الأميركية» لمكافحة الإرهاب، في «الشرق الأوسط» وفي جميع أنحاء العالم، وبصورة خاصة بعدما ظهرت تلك التنظيمات الإرهابية في سورية والعراق تحت مسمّى «داعش» والغطاء الأميركي الذي تمّ تحت رعايته عبور أكثر من عشرة آلاف إرهابي ضمن جسر جوي مفتوح عبر الأراضي التركية.
إلا أنّ العقرب الذي تمّت تربيته بحِرفية ومهنية قلّ نظيرها قد كبُر وترعرع في جيبهم حتى أنّهم لم يشعروا للحظة بأنه سيلسعهم عندما لا تسعه الجيب.
ولن نذهب في التاريخ بعيداً لذكر آخر عملية إرهابية، فبالأمس تحديداً، كان أعلن تنظيم «داعش» الإرهابي عن مسؤوليته عن الهجوم الذي وقع في مدينة لاس فيغاس الأميركية وأسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصاً وإصابة أكثر من 400 آخرين، وبغض النظر عما إذا كان داعش أو غيره هو مَن اخترق الأمن الأميركي ونفّذ ضربته أم ليس هو أو غيره، فالحقيقة الساطعة أن الإرهاب الذي غذّته اميركا انقلب عليها.
كما قُتل أول أمس 6 أشخاص، وأصيب 8 آخرون، عندما فتح مسلحون النار على مسجد بمدينة كيبيك الكندية أثناء صلاة العشاء.
بينما تستمرّ التحقيقات بعد الاعتداء الذي تمثل بقتل شابتين طعناً بسكين، وتبنّاه تنظيم داعش أول أمس، أمام محطة القطارات الرئيسية في مرسيليا بجنوب شرق فرنسا.
أما في دمشق فقد أسفر هجوم انتحاري نفّذه أربعة مسلحين على قسم شرطة الميدان أمس أيضاً، عن ارتقاء أكثر من 10 شهداء وما يزيد عن 20 جريحاً.
لكن المفارقة الإنسانية أنه إذا ما استشهد 20 شخصاً في بغداد أو دمشق، فلن يكون لذلك التأثير عينه إذا ما قُتل ولو شخص واحد في عملية إرهابية في لندن أو لاس فيغاس أو حتى باريس، إذ سيكون لذلك تأثير أكبر، هم يعتبرون أنّ قتل مواطن من دولة غربية بعملية إرهابية أمرٌ خطير، فيملك التأثير العاطفي الأكبر بما يثير من ردود فعل قاسية.
وكأنّما شهداؤنا وضحايا الإرهاب الذي يضرب في بلادنا ليسوا سوى أرقام تُضاف في سجلات الإنسانية.. منذ عام 2000 فإنّ 5 في المئة فقط من بين 107 قتلى قضوا في البلدان الغربية، بينما 80 في المئة من ضحايا العمليات الإرهابية استشهدوا في العراق، وسورية، وأفغانستان، وباكستان، ونيجيريا.. ناهيك عن إرهاب العدو الصهيوني ضدّ أبناء شعبنا الفلسطيني في الأراضي المحتلة.
وفي العودة إلى المقاربة بين العملين الإرهابيين اللذين وقعا أمس في دمشق ولاس فيغاس، فإنّ الفرق في هذه المقاربة كبير، رغم الأسف الكبير لما حدث لتلك الولاية الأميركية إلا أنّ الفرق بكون العمل الإرهابي في دمشق أمس، كان تأكيد للنصر المحتوم، فقد جاء بعدما حققت سورية انتصارات ساحقة في الميدان لتنحسر رقعة الأرض التي كانت قد سيطرت عليها.
واليوم وبعد أن أصبحت أيام «داعش» معدودة على الأرض السورية، وكذلك العراقية كان لا بدّ أن يرجع أولئك الإرهابيون إلى بلادهم حاملين معهم السمّ الإرهابي نفسه لتفجيره في الداخل الغربي خاصة.
فوحدها الولايات المتحدة من يتحمّل مسؤولية تزايد أعداد ضحايا الإرهاب في العالم بهذه الوتيرة المتسارعة.
فهل ستتوحّد الجهود الغربية وتتضافر وتتنبّه من أخطار الإرهاب، ومحاربة الفكر بالفكر والسلاح بالسلاح لتصبح «بقعة زيت» الإرهاب، كما حدث في سورية والعراق «زائلة وتتبدّد».
قبل أن تتفاقم هذه الظاهرة في تلك البلاد الغربية وجب عليها لزاماً أن تتبع ما قاله السيد حسن نصرالله «سياسات الاعتماد على النفس وعدم التصديق أو المراهنة على الأميركيين»، لأنّ «الإدارة الأميركية هي سبب ما آل إليه العالم من مآسٍ».