ترامب.. استراتيجة أم كيدية؟
سما الخطيب
ما أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس، عن استراتيجيته حول الاتفاق النووي الإيراني لم يكن استراتيجية بقدر ما كان كيدية.
وتصريحاته التي أدلى بها أمس، كقوله إنّ «إيران لم تلتزم بروح الاتفاق، والنظام الإيراني يبقى الدولة الرئيسية المموّلة للإرهاب، وتساعد القاعدة وطالبان وحزب الله وغيرها من الشبكات الإرهابية». ما هو إلا محاولة للالتفاف على الانتصارات التي حقّقتها إيران وحلفاؤها في الحرب على الإرهاب، خاصة أنّ روسيا أعلنت أمس، أنّ ما تبقى من الأراضي السورية تحت سيطرة الإرهاب لا يتجاوز 8 في المئة، وهو ما لم تستطع أميركا وحلفاؤها تحقيقه منذ أن أعلنت إنشاء تحالف دولي لمحاربة الإرهاب. وهذا الأمر انعكس داخلياً إن كان ضمن «التحالف الدولي» أو ضمن المجتمع الدولي ككل. ما أدّى إلى تعاظم الدور الإيراني والروسي في المنطقة وليس على حساب أحد، إنما لصدق نياتهم في محاربة الإرهاب.
وفي العودة إلى تصريحات ترامب الذي قال «إنّ واشنطن ستفعل ما بوسعها، لكي لا تحصل إيران على أسلحة نووية»، وبأنه طلب من الكونغرس «معالجة الأخطاء الخطيرة في الاتفاق النووي».
فكلّ ذلك لا يؤدي إلا لنشر المزيد من «البروباغندا النووية» حول إيران، فالاتفاق النووي الذي يشكك ترامب به منذ وصوله إلى البيت الأبيض، تحت حجة المصلحة القومية وبكونه على حدّ زعمه «ينافي المصلحة العليا لواشنطن» ويناقض شعاره «أميركا أولاً». وهذا ما سيجعل الولايات المتحدة معزولة عن عالمها ومحيطها الدولي وحتى عن حلفائها الأوروبيين الذين لوّحوا لها بتشكيل تحالف مع روسيا والصين، كما جاء على لسان وزير الخارجية الألماني وكذلك لندن وباريس اللواتي بدأنَ حقاً الاستثمار في الداخل الإيراني.
ومن جهة أخرى لا ننسى ذكر انسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ، وكذلك انسحابها من اليونسكو فلم يكن بمقدور ترامب أمس، إعلان الانسحاب من الاتفاق النووي، لكونه سيكون المتضرّر الأول ناهيك عن المواجهة التي سيتعرّض لها من العالم ككلّ، فهو أولاً يوجه ضربة للاتفاقيات والمنظمات الدولية، فإنّ استراتيجيته التي أعلن عنها أمس، جعلته في مكان المراوحة ريثما تتضح وتتبلور رؤيته لحلفائه إن كانوا سيقبلون العودة إلى طاولة المفاوضات لمناقشة «الصواريخ البالستية». وهو ما تبيّن منذ البداية رفضه لأنه خارج بنود الاتفاق، ولو لم تكن نية إيران صادقة تجاه تجاربها النووية السلمية وتطوير برنامجها النووي لأغراض سلمية، لما كانت هي قبل غيرها أقدمت على توقيع هذا الاتفاق. وهو ما أكدته المنظمة الدولية للطاقة الذرية أكثر من مرة بعد تفتيشها مواقع إيرانية.
وما قام به ترامب من فرض عقوبات على الحرس الثوري هو محاولة إرضاء ثنائية «سعودية وإسرائيلية»، وبإقحامه الملف مرة أخرى ضمن اختصاصات الكونغرس لدراسته سينقذه تقريباً من ضغط اللوبي عليه داخلياً.
يزعم ترامب بسلوكه وتصريحات إدارته المتناقضة أنه يحاول لجم نفوذ إيران وردعها من خلال شراكة مع دول المنطقة، ربما يجني منها بعض الأموال وليس الأهداف، كما تقول الوقائع.