من الشهيد نعيم حداد إلى الأمين حبيب الشرتوني…
طارق الأحمد
بين طبقة الثرثرة والأقاويل والأحاديث وبين طبقة الضجيج والصياح والمواقف المهترئة، يبقى فعلك الذي قمت به في مرحلة سبقت حتى ميلادي ورفقاء لي في الشهادة.. هدياً لنا جميعاً… كان هدياً، لأنه يحمل عنواناً واحداً، للتحليل وللقراءة، وعنواناً واضحاً لاتخاذ الموقف منه، فلا يتعلّق بالقوانين، ولا يتعلّق بالاجتهادات، بل هو موقف لا يشبه شيئاً سوى انبلاج الفجر من الظلام، وانبلاج الضياء من العتمة، ومعرفة الحق على درب كلّ مَن عرف البشرية الحق من الأنبياء، ومن القادة العظماء في تاريخنا، فكان هدياً لنا جميعاً… ومعرفة الحق هو ذلك النبراس الأساسي لنا جميعاً لكي نهتدي به، ونعرف كيف نصنّف العمالة والخيانة… ولذلك فقد كان اليوم الذي قمتُ فيه أنا ورفقاء لي في نسور الزوبعة ونقف عند حاجز في حمص عند باب تدمر لنقي هذه المدينة من الشرور المقبلة مع الذئاب الداعشية، والتي تأتي كلّ يوم لتفجّر في الأهالي الآمنين من الأطفال والنساء… وعندما وصلت المعلومة بأنّ سيارة مفخخة تجول واشتبهنا بأن تكون تلك المقبلة إلينا هي سيارة مفخخة وعمل باقي الرفقاء كما باقي أفراد الحاجز من الأصدقاء من قوات الجيش السوري على التعامل السريع مع هذه السيارة المشبوهة فسارعت أنا إلى الذهاب إليها ومحاولة تفتيشها وكان أن انفجرت تلك السيارة بي ومَن معي وكانت لي الشهادة قيمة عليا وجائزة كبرى…
أيّ ثقافة تلك التي يمكن أن تدفعني وغيري من رفقائي الشهداء في قوات الجيش السوري وفي نسور الزوبعة وغيرهم، أيّ ثقافة يمكن أن تقول لنا جميعاً بأن هذا هو الهدي وهذا هو الصواب؟ وهكذا يجب أن نجترح قانون الفداء الجديد بعد القوانين التي عمّدت بالدم من خالد علوان ووجدي الصايغ وسناء محيدلي وقاموا وغيرهم بتفجير أنفسهم في قوات العدو… ثم كيف لنا أن لا نهتدي ولدينا من الوعي القومي الذي دلّنا أنّ ذلك الإرهابي الذي أتى باسم الحرية وباسم الثورة، إنما جاء من أجل أن يركب مشاريع تفتيتية لبلادنا ومشاريع جهل وتخلف؟… ونحن وعينا وعرفنا من هديك الذي قمت به عندما أخرجت الضياء من الظلام وقلت بأنّ العمالة عمالة وبأنّ الخيانة خيانة… ولا بدّ من قتال العملاء والخونة… ولا بدّ من فرز المقاوم والمناضل عن العميل والخائن… وإنك لواضع نفسك كهادٍ وأمين… لنا جميعاً لنعلم بأنّ أبناء العقيدة القومية الاجتماعية هم أبطال، وهم هداة، وفي كلّ عصر من العصور وفي كلّ مرحلة من المراحل، يظهر من أبناء هذه العقيدة أبطال يشرّفون الأمة ويوضحون هديها الحقيقي، وينبلج مع قيمة أعمالهم وشهاداتهم كلّ الضياء، ولكنهم جميعاً كلهم استمرار لهدي واحد من أول شهيد للحركة القومية مع الشهيد حسين البنا على أرض فلسطين جنوب سورية ثم مع شهادة الفادي الزعيم أنطون سعاده، الذي افتدى حزبه وأمّته بدمه وقتله العملاء والخونة، قتله العملاء والخونة أنفسهم الذين يقفون ضدّك… ولكنه أرسى قاعدة الفداء لحزبه ولرفقائه ولتياره… وجعل لكلّ مرحلة تخوضها هذه الأمة… عنواناً اسمه القوميون الاجتماعيون…
القوميون الاجتماعيون يعرفون الهدي ويعرفون الضياء كما يعرفون الظلام تماماً. وهم عندما يمارسون فعل البطولة، فإنهم لا ينتظرون سوى ذلك الهدي المعروف في تسلسل زمني أصبح واضحاً ومتعمّقاً ومتجذّراً في إيمانهم، وبالتالي فهم جميعاً وفي السياق نفسه أبطال يعلمون ما عليهم فعله…
لا تسأل يا حضرة الأمين حبيب الشرتوني. لا تسأل أبداً عن محاكمتك. لا تسأل أبداً عن رأي الناس في ما فعلت، لقد حصدت في الهدي الذي قمت به قصب السبق في الدلالة على المعركة ضدّ الإرهاب والتي هبّ القوميون الاجتماعيون مع باقي أفراد الجيش السوري ومع محور المقاومة، لكي يخلصوا هذه الأمة من سرطان يكاد أن يقتلها كلها، ولا يبقي فيها ولا يَذَرُ، ولا يبقي حتى أولئك المضللين والذين يرقصون على جثثهم المستقبلية… والذين يعتقدون بأنهم يدافعون عن دولة… أو أنهم يدافعون عن قوانين… أو أنهم يدافعون عن أمراضهم… التي لا يكتشفون أنها أمراض خبيثة… بل وعملوا مع مَن معهم على استفحال هذا المرض في جسد هذه الأمة… لكنَّ هناك دوماً سيداً مسيحاً فادياً مخلصاً وهادياً في الوقت نفسه، وهو ذو أتباع يجسّدون فداءه للبشرية، كما كان الأمر معه دوماً لكي يذكر هذه البشرية بأنّ هناك فداء وأنّ هناك تخليصاً للجسد من المرض، حتى ولو أنّ يهوذياً اسخريوطياً قد فعل عكس هذا الفعل، ولكن هذا لا يغيّر أبداً من مسيرة الفداء التي ارتضيتها، وبالتالي فإنّ الفعل المتكامل في الحرب ضدّ هذا الإرهاب التكفيري هو الرسالة الحقيقية التي أتتك أيّها الأمين الحبيب، وإنّ الفعل في إعادة استكمال تحرير كلّ الأراضي هو الردّ الحقيقي، وأنّ الوقوف بوجه الإرهاب والوقوف مع الحق، وأنّ المعركة الأولوية هي في طرد هذا الإرهاب، وفي منع انتشاره، وفي إعادة توحيد كلّ الأرض القومية، هو الردّ الحقيقي وهو الذي يحمل الأولوية فوق كلّ الأولويات، وهو الذي سيجعل من كلّ المشاريع الصغيرة والتافهة، والثرثرات والصياح، هباء منثوراً، أمام عظمة وهول استكمال مدّ جسور الوحدة بين أطراف الأمة، والذي يُستكمل الآن في دير الزور، وفي البوكمال، وفي القائم، وفي نينوى، وسيمتدّ لكي يكون محوراً حضارياً كبيراً يصل حتى شنغهاي في الصين، من أجل أن تقول للجميع بأنّ معركتنا كبرى، وأنّ معركتنا مصيرية، وأنّ معركتنا حضارية، وليست انعزالية، وليست صغيرة، وليست فتاتاً على موائد مشاريع الدول الغربية، التي لا تريدنا سوى خدم، وعبيد، حتى ولو ألبست بعضنا أطقماً وبعضنا الاخر البابيونات وجمّلتهم ببعض المساحيق، التي لا تعدو سوى أن تكون مظاهر كاذبة لحياة يريد الغرب فيها لهذا الشرق أن يعيش تحت أقدامه الوقت كلّه، ولا يريد تحرّراً حقيقياً، وله في ذلك أزلامه من زعماء الطوائف والعشائر المحلية الضيقة الذين لا يدافعون سوى عن مزارعهم ويأخذون الناس فيها أزلاماً فقط لهذه المشاريع، أما نحن فحزب نهضة، وحزب عزّ، ونحن نسير على هذا الهدي، وبالتالي فإننا نستكمل هذه المسيرة، وأنت أيها الأمين الحبيب، نقطة مضيئة في هذا الهدي الكبير… الذي يستمرّ الآن بوجود ونهوض حزبك… وانتشار الفكر القومي الاجتماعي… الذي كان دوماً سبّاقاً في وضع الهدي في كلّ مرحلة من المراحل… فها هو ينتشر في الشام وها هو يثبت قوته وحقه… وها أنت قد أخذت أكبر استفتاء في المجالات كلّها من الناس المناضلين والمقاومين الشرفاء كي يضعوا صور حبيب الشرتوني في قلوبهم قبل أن يضعوها على جدران منازلهم بجانب صور الزعيم وصور الشهداء…
كتبت هذه المقالة الخاطرة عن لسان أحد شهداء الحزب السوري القومي الاجتماعي من نسور الزوبعة التي تقاتل الإرهاب التكفيري وتقدّم التضحيات، والشهيد المختار لهذا اللون الأدبي هو الشهيد نعيم حداد من قرية فيروزة في ريف حمص واستشهد منذ عام تقريباً فحمى ورفقاءه وفق التقديرات مئات المدنيين من وقوع مجزرة كبيرة كان الإرهابيون يعدّون لارتكابها في الأحياء الآمنة…
وكيل عميد الخارجية في الحزب السوري القومي الاجتماعي