هل أولويّات «14 آذار» لبنانية؟
حسين حمّود
خطفت الأضواء تهديدات الإدارة الأميركية المتصاعدة اللهجة ضدّ لبنان مجاهرة بشنّ حرب عسكرية على أرضه، وذلك بعد إعلانها الحرب الاقتصادية عليه من خلال العقوبات التي تفرضها تباعاً عليه.
فبعدما اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال لقائه رئيس الحكومة سعد الحريري في البيت الأبيض بواشنطن الصيف الماضي، أنّ «حزب الله يشكلُّ تهديداً للدولة والشعب وللشرق الأوسط برمّته»، على حدّ تعبيره. ذكّر ترامب أمس، بقتلى المارينز الـ 241 في تفجير استهدف السفارة الأميركية في بيروت عام 1983، أيّ قبل 34 سنة مضت، محمّلاً حزب الله المسؤولية عن هذه العملية. وقال: «لن ننسى جنودَنا الذين قتلوا على يد حزب الله في بيروت»، فيما نائبه مايك بنس كان أكثر صراحة منه بقوله «إنّنا سوف ننقل المعركة إلى أرض الإرهابيين، وحسب شروطنا».
ويأتي التصعيد الأميركي، ضدّ لبنان ككلّ، لكون حزب الله ليس لديه معسكرات ومقارّ، عقب رفض لبنان توطين النازحين السوريين في لبنان، وفق ما طلب ترامب وبالتزامن مع تصعيد اللهجة الأميركية ضدّ الجمهورية الإسلامية في إيران على خلفية الاتفاق النوويّ معها.
وفيما تُخيّم على الساحة اللبنانية تساؤلات حول طبيعة الحرب التي تهدّد بها الولايات المتحدة، وعبر مَن ستخوضها، وهل سيكون للعدو «الإسرائيلي» دور فعّال فيها. لفت الانتباه عدم تحريك شراذم «قوى 14 آذار» أيّ ساكن تجاه هذه التهديدات، وكأنّ لبنان وسيادته وحريته واستقلاله لا يعنيهم في شيء، وكأنّ السيد الأميركي هو الحاكم لهذا البلد، وهو الآمر الناهي في تقرير وجهته ومصيره والسياسة التي يجب أن يتبعها، وما على الشراذم المذكورة سوى الطاعة والامتثال لأوامر سيّدها.
والمفارقة هنا أيضاً أنه عند أيّ موقف إيراني يؤكد التحالف مع المقاومة وحزب الله، يسارعون إلى شهر السيف عليه ويصولون ويجولون في الإعلام اعتراضاً وغضباً منه وتخوين المقاومة واتهامها، بأنّها تنفذ أجندة إيرانية، بينما واشنطن أعلنت عداءها للبنان واللبنانيين، أيّ دولةً وشعباً وبرلماناً وحكومة، ومع ذلك لم يجرؤ السياديّون المزعومون على التفوّه بحرف انتقاد للمواقف الأميركية، وكأنّ هذه الدولة لا تعنيهم بشيء والمقاومين ليسوا لبنانيين، وهوياتهم مزوّرة!
وفي السياق، تساءلت أوساط سياسية، عن حقيقة أولويّات بقايا «14 آذار» هل هي لبنانية أم خارجية بامتياز؟ وأساساً ما هي نظرتها إلى لبنان. هل هو دولة أم مزارع أم أرض مشاعٍ لأميركا و «إسرائيل» والسعودية يستبيحونها متى شاؤوا من دون أيّ اعتراض؟
وفيما تساءلت الأوساط أيضاً، لماذا لا يطالب هؤلاء باستدعاء السفيرة الأميركية في لبنان لاستيضاحها عن خلفيات وغايات تصريحات مسؤولي بلادها، أجابت الأوساط نفسها بأنّ السفيرة الأميركية هي مَن تسائل قوى 14 آذار ومَن يدور في فلكهم لكونهم موظفين عندها وتلتقي بهم دورياً لتزويدهم الأجندة التي سوف يعملون بموجبها في كلّ مرحلة.
ودعت الأوساط إلى الاستعداد لمرحلة ستحمل الكثير من المخاطر على لبنان، ما دام هناك فريق أعلن العداء لبلده تماشياً مع سيّده الأميركي.