المقاومة تردّ على «مئويّة بلفور» بتجديد العهد حتى تحرير فلسطين كاملةً
في وقت سعى الفلسطينيّون بعد مرور مئة عام على وعد بلفور إلى دفع بريطانيا للاعتذار والتراجع عن قرار الاحتفال به مع العدو الاستيطاني، كانت لندن تصرّ على إقامة احتفالات مدوّية إحياءً لذكرى الوعد المشؤوم.
وكانت قد بدأت فعاليّات إحياء مئويّة وعد بلفور الاستعماري في الضفة الغربية وغزة، بتنظيم مسيرات وندوات للتعريف بالوعد ونتائجه، ورفع رايات الحداد السوداء.
بهذه المناسبة، تفاعل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مع هاشتاغ أطلقته قناة الميادين وعدهم ووعدنا.
وأجمعت تغريدات الناشطين ضمن هذا الوسم، على أنّ الوعد يشكّل ذكرى مشؤومة بالنسبة لفلسطين أولاً وللعرب ثانياً، لما كان له من تداعيات سلبيّة خلال العقدين المنصرمين.
كما حقّقت حملة «فلنشعل قناديل صمودها» الأردنيّة، أعلى حصيلة تبرّعات منذ انطلاقها قبل 7 سنوات، بلغ مجموعها مليون و223 ألف دينار، رُصدت لصالح ترميم بيوت المقدسيّين في البلدة القديمة في القدس المحتلّة.
وقال نقيب المهندسين ماجد الطباع، بأنّ هذه الحملة وما تمّ جمعه، يعدّ أبلغ ردٍّ من الأردنيين على مئويّة وعد بلفور، وعلى مدى وعي الشعب الأردني وبذله وتضحيته من أجل المقدّسات.
ودعا اتحاد المحامين العرب إلى تفعيل تشكيل لجنة قانونيّة استشاريّة في إطار الجامعة العربيّة، لتقديم المشورة حول رفع قضايا أمام المحاكم الدوليّة بشأن الانتهاكات «الإسرائيلية» لحقوق الشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته ومقدّساته، وكذلك بشأن المظالم التاريخيّة التي لحقت بالشعب الفلسطيني بما فيها «وعد بلفور».
وطالب الأمين العام للاتحاد ناصر حمود الكيريوين، في كلمته التي ألقاها نائب رئيس الاتحاد الدكتور حيدر طارق الجبوري، خلال مؤتمر للاتحاد أمس الخميس بمناسبة الذكرى المئويّة الأولى لوعد بلفور، بعنوان: «وعد بلفور أساس اغتصاب فلسطين ومحاصرة الإرادة المصرية»، الدول والمنظّمات والاتحادات العربية لتقديم الرؤى والمقترحات التي تساعد على ذلك.
وأوضح أنّه، بدلاً من الاعتذار للشعب الفلسطيني عن نكبته التي تسبّبت فيها بريطانيا، راحت حكومتها تستحضر الماضي الأليم من خلال إصرارها على الاحتفال بهذه الذكرى التي تمثّل «وصمة عار».
إلى ذلك، أكّد أمين سر اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، أنّ شعب الفلسطيني متجذّر وصامد على أرضه، وأنّ الاحتفال بالاستعمار عار لا مثيل له، في إشارة إلى «وعد بلفور».
وقال عريقات من واشنطن، أمس: «يمرّ اليوم قرن على وعد بلفور المشؤوم الذي أسّس لنكبات شعبنا، مخلّفاً آثاره السياسيّة والإنسانيّة علينا حتى اللحظة الراهنة».
وأضاف: «إنّ تنكّره المتعمّد لحقوقنا غير القابلة للتصرّف، وعلى رأسها حقّنا في تقرير المصير، تماهى مع برنامج الحكومات «الإسرائيلية» المتعاقبة، وخاصة حكومة بنيامين نتنياهو، التي فرضت الوقائع على الأرض، وفرضت معها مجموعة من القوانين والتشريعات العنصريّة لتنفيذ برنامجها السياسي على الجغرافيا الفلسطينية».
وأكّد عريقات، أنّ قانون «القوميّة» العنصري وممارسات الضمّ والتهويد المتسارعة، ما هي إلّا تجسيد حرفيّ لما جاء في نصّ بلفور، الذي منح حق تقرير المصير حصراً لليهود على أرض فلسطين التاريخية.
وتعقيباً على التصريحات البريطانيّة الأخيرة، حول الاعتزاز بوعد بلفور واحتفالها به، قال أمين سرّ اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير الفلسطينية: «لا عار يضاهي عار الاحتفال بوعد الاستعمار في القرن الحادي والعشرين، حيث كان على بريطانيا اغتنام الفرصة لتصحيح خطيئتها والاعتذار لشعب فلسطين عن الظلم التاريخي الذي ألحقته به».
من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ومستشار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للشؤون الخارجية، نبيل شعث، أمس الخميس، إنّ السلطة الفلسطينية تتّجه لمقاضاة الحكومة البريطانيّة بسبب وعد بلفور.
جاء ذلك في تصريح للإعلاميّين أمس، في العاصمة تونس، خلال مشاركته في ندوة نظّمها المنتدى الدبلوماسي التونسي غير حكومي ومركز جامعة الدول العربية، بعنوان القضية الفلسطينية قرناً بعد صدور وعد بلفور، بمشاركة سياسيّين وبرلمانيّين تونسيّين وسفراء دول أجنبية.
وقال شعث، إنّ القيادة الفلسطينية تدرس رفع القضية، إمّا أمام المحاكم البريطانية أو الأوروبية أو الدولية، وطلب التعويض عن آثاره.
وأكّد شعث، أنّ لجنة قانونيّة تدرس بالتفصيل الإجراءات القانونية الممكن اتباعها لمقاضاة الحكومة البريطانيّة، إمّا في محاكم بريطانيّة أو في المحكمة الدستوريّة الأوروبية العليا، أو في محكمة العدل الدوليّة.
وفي السّياق، أصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بياناً بمناسبة ذكرى مرور 100 عام على وعد بلفور، أدانت فيه بشدّة «إصرار بريطانيا على عدم الاعتراف بالجريمة التي ارتكبتها بحقّ الشعب العربي الفلسطيني، من خلال إصدارها لـ»وعد بلفور»، وتأكيد ذلك بعدم اعتذارها عنه وإلغائه، وإصرارها بكلّ صلف وعنجهية وعنصرية جليّة على الاحتفال به، الذي يعني الاحتفال بالجريمة المرتكبة والمأساة الفلسطينية المستمرّة».
وأكّد البيان على «أهمّية تكاتف جهود كلّ القوى والأحزاب والتجمّعات والمؤسسات والشخصيات الوطنية الفلسطينية، في بلورة رأي وموقف موحّد، نبني عليه عمل دائم ومستمر ضدّ السياسة البريطانية المنحازة تماماً للعدو الصهيوني، والداعمة له ولاحتلاله أرضنا ومخطّطاته بحق شعبنا وأمّتنا».
كما أشار إلى ضرورة أن «تعمّ الفعاليات والأنشطة الرافضة لهذا الوعد وما ترتّب عليه، كلّ العواصم العربية والغربية، والدعوة من خلالها لرفض السياسة البريطانية العنصريّة»، مشدّداً على «ضرورة أن تعتذر بريطانيا وتلغي هذا الوعد المشؤوم، وأن تتحمّل مسؤولية ما ترتّب عنه من كارثة وطنيّة وإنسانيّة بحق الشعب الفلسطيني، وأن تعترف بحقوقه الكاملة في أرض وطنه، وحقّه في الاستقلال والدولة والعودة وتقرير مصيره بنفسه».
ودعا بيان الجبهة الشعبية إلى «الضغط على الأمم المتحدة والمنظّمات والهيئات الدولية والحقوقية والإنسانية لتحمّل مسؤوليّاتها وواجباتها إزاء حقوق وآمال الشعب الفلسطيني الوطنيّة والإنسانية، وملاحقة ومحاسبة الجناة الذين ارتكبوا بحقّه أبشع جريمة في القرن العشرين، من خلال التقرير بمصيره من دون استشارته، مروراً بارتكاب المجازر الوحشيّة بحقه، وصولاً إلى اغتصاب أرض وطنه وتمكين الصهيونيّة من إقامة كيانها الغاصب عليها».
من جهتها، أكّدت حركة الجهاد الإسلامي على التمسّك بالحق الثابت في كلّ شبر من أرض فلسطين وسمائها وبحرها وجوّها، «والعودة حقّ شرعيّ لن نحيد عنه، وسوى ذلك باطل لن نقبل به مهما بلغت التضحيات»
بيان الحركة جاء لمناسبة مرور 100 عام على وعد بلفور المشؤوم، الذي وصفه بـ»جريمة الحكومة البريطانيّة التي أعطت غطاءً لمسلسل من الحرب والإرهاب والعدوان على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدّساته».
وجدّدت الحركة في بيانها، عهدها «لجماهير شعبها وأمّتها بأنّها ماضية في خيار الجهاد والمقاومة، وصولاً إلى تحرير وطنها كاملاً.. ولن تثنينا المبادرات السياسيّة وأنصاف الحلول عن المضيّ في هذا الطريق».
وأعادت الحركة التذكير بأنّ الاعتراف بالوجود الصهيوني على أيّ جزء من أرض فلسطين هو محرّمٌ وباطل ومرفوض، ولن يكون مقبولاً بأيّ شكلٍ من الأشكال، ولا يمثّل الشعب الفلسطين أيّ اعتراف من أيّ جهة كانت.
من جهته، أعلن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، أنّ شعبنا الفلسطيني سيدوس بأقدامه وعد بلفور الذي يبقى جريمة ووصمة عار في جبين من أصدره ومن نفّذه، ومن يحتفل به اليوم.