النخب الأميركية… بن سلمان طائش وآل سعود لن يصمدوا
محمد صادق الحسيني
مع كلّ يوم يمرّ نكتشف حجم الفجوة الكبيرة بين خيارات دونالد ترامب وصهره السعودية المتهوّرة وبين خيارات النخب الأميركية الديمقراطية كما الجمهورية، بما فيها اليهودية الصهيونية…
ويعتقد كثيرون في أميركا كما في الغرب عموماً، بأنّ حكم آل سعود لن يدوم ويمكن أن ينهدم على يد ابن سلمان، لا بل أنّ من شأن سياساته المتهوّرة أن تطيح بما تسمّيه النخب الأميركية بعظمة أميركا كقوة عظمى وتجعل هيبتها وهيبة رئيسها رهن مقامرات ترامب وذنبه التابع محمد بن سلمان. وإليكم نموذجاً صارخاً لما يقوله اثنان من أهمّ رجالات أميركا اللذان عملا في المخابرات، كما في الدراسات، كما في وزارة الخارجية الأميركية، كما لدى دوائر اللوبيات الصهيونية، ما يؤكد احتمالية ان تلجأ أميركا إلى استبدال حصانها الذي يخسر على أكثر من مستوى في مختلف خياراته الاقتصادية، كما السياسية، كما الأمنية، وآخرها خطوة لبنان التهوّرية المقامرة…!
فقد كتب الصحافيان المشهوران في الولايات المتحدة الأميركية، أهارون ديفيد ميللر Aharon David Miller، وريتشارد سوكولسكي Richard Sokolsky، مقالاً مشتركاً في إحدى أهمّ المجلات الأميركية، ألا وهي «ذا ناشيونال انتريست The National Interest» بتاريخ 9 تشرين الثاني 2017، أهمّ ما جاء في المقال:
أولاً: إنّ الملك سلمان وابنه محمد يهتمّان بالحفاظ على العرش أكثر من اهتمامهم بالإصلاحات.
ثانياً: إنّ جموح محمد بن سلمان للسلطة جعله مع أبيه يلغي كلّ قواعد انتقال السلطة في السعودية، والتي كانت تجري بهدوء وبعيداً عن أعين العامة.
ثالثاً: إنّ سياسات بن سلمان، في سورية واليمن وقطر، لن تسبّب صداعاً للمملكة السعودية، وإنما تسبّب ضرراً فادحاً لمصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
فاذا ما نظرنا إلى المجزرة مجازياً يعني مجزرة الأمراء ورجال الأعمال التي قام بها بن سلمان قبل أيام في الرياض، وأضفنا إليها توجّهاته الفظة تجاه إيران الأقوى من السعودية، وذلك بهدف السيطرة الإقليمية، مما قد يجعل الولايات المتحدة عالقة في الوسط بين عدم الرضا عن سياسة إبن سلمان وعدم القدرة أو الرغبة في مواجهة تلك السياسة علناً ويكفينا النظر الى إجبار رئيس وزراء لبنان على الاستقالة كي نرى مثالاً حياً على ما نقول.
رابعاً: إذا ما نظرنا إلى تصرّفات محمد بن سلمان، الحاكم الأعلى للسعودية في الفتره الأخيرة، فلن نجد أيّ سبب يجعلنا نثق بقيادته للسياسة الخارجية السعودية أو حتى مقدرته أو أهليته للحكم.
خامساً: وعليه فإننا ندعو الولايات المتحدة لشدّ أحزمة الأمان بانتظار مغامرة جديده لإبن سلمان، كما أننا ندعوها الى التركيز على المصلحة الأميركية قبل تلك السعودية.
سادساً: يقف البيت الأبيض ومحمد بن سلمان حالياً على الحافة، ما يفرغ شعار ترامب أميركا أولاً من محتواه، ما يهدّد بتورّط الولايات المتحدة في المزيد من النزاعات الشرق أوسطية.
سابعاً: هناك تشابه كبير بين ترامب ومحمد بن سلمان يتمثل في ما يلي:
– الإثنان يتمتعان بشخصية تسلطية Authoritarian personality.
– كلاهما عديما الخبرة في الحكم وخاصة في السياسة الخارجية.
– كلاهما نرجسيان، بمعنى أنانيين أو محبّين لذاتيهما كثيراً، مما يجعلهما قليلي الحيطة والحذر في السياسة . وهي صفات ضرورية للحكم الحكيم أو الرشيد.
ثامناً: بالنظر إلى المشاكل العديدة التي تعاني منها السعودية، فإنّ مشروع إبن سلمان 2030 له قيمة نظرية على الورق فقط، ومن المشكوك فيه أن يحقق أيّ نجاح حتى ولو جزئياً.
تاسعاً: لقد فشل إبن سلمان في احتواء أو دحر النفوذ الإيراني… فكيف نراهن على قدرته في قيادة السعودية للخمسين سنة المقبلة، هذا إذا ما افترضنا أنّ السعودية ستبقى موجودة لنصف قرن مقبل أصلاً…!
ولكن السؤال هو عما: إذا كان إبن سلمان يمتلك الحكمة والصبر والعدل. وبالنظر الى أدائه الحالي، فإنّ من المناسب نصيحة واشنطن بأن لا تركّز أو تضع كلّ رهاناتها على شاب طائش يبدو في عجلة من أمره ليحقق مشاريع كبيرة…!
المعروف أنّ أهارون ميللر هذا كان ضمن فريق دينس روس لمفاوضات الشرق الأوسط في تسعينيات القرن الماضي وهو من وجهاء الآيپاك الشهيرة…
وهو نائب رئيس وزميل في مركز وودرو ويلسون الدولي للدراسات Woodrow Wilson International Center وناشر كتاب:
نهاية العظمة: لماذا لا يمكن لأميركا…!؟
وهي لا تريد أن يكون لها رئيس عظيم آخر.
ويوم كان في فريق دينيس روس فقد كان عملياً مفاوضاً فاعلاً في مفاوضات «السلام» في الشرق الأوسط، أثناء حكم الجمهوريين والديمقراطيين معاً.
اما ريتشارد سوكولسكي فهو زميل غير مقيم لمركز كارينغي، Carnegie Endowment for International Peace.
وكان موظفاً في الخارجية الأميركية لمدة 37 سنة عمل فيها 15 سنة عضواً في مكتب وزير الخارجية الخاص بالتخطيط السياسي من 2005 ـ 2015.